أنفقت الولاياتالمتحدة مليارات الدولارات في أفغانستان في صورة مساعدات اقتصادية لتمويل برامج التدريب الوظيفي علاوة على المدفوعات النقدية المباشرة، في مسعى للتصدى للإرهاب، ولكن دراسة أمريكية جديدة أثارت الشكوك حول جدوى هذه المبادرات في الحد من نفوذ طالبان أو تحسين الأوضاع الاقتصادية للأفغان. وتهدف هذه الدراسة التي قادها جيسون لآيل عالم السياسة بجامعة ييل الأمريكية إلى تقصي فاعلية برامج المساعدات الاقتصادية الموجهة للتدريب المهني والمدفوعات النقدية للشبان والشابات في قندهار، ثاني أكبر مدن أفغانستان ومسقط رأس حركة طالبان، حيث تقع الضربات الجوية والتفجيرات الانتحارية والعمليات العسكرية بصورة شبه يومية. وبحسب التقرير المنشور على الموقع الالكتروني الأخباري التابع للجامعة (يال نيوز) فقد أجرى الباحثون الدراسة على مدي الفترة من عام 2015 إلى 2017 عندما كانت قندهار تشهد عمليات قتالية متكررة، وانكماشا اقتصاديا حادا، ومحصولاً قوياً من الأفيون. وتألفت العينة البحثية من 2,597 من الرجال والنساء الذين اعتبروا مرشحين محتملين لدعم المتمردين بسبب ارتفاع معدلات البطالة. وقسمت الدراسة المشاركين إلى مجموعات تلقت 75 دولارا دفعة واحدة ومجموعات خضعت لبرنامج تدريب مهني استمر إما ثلاثة أو ستة شهور؛ ومجموعات تلقت كلا من المبالغ النقدية والتدريب؛ ومجموعات أخرى لم تحصل على أي شيء. ومن خلال الدراسات الاستقصائية المتعددة، قام الباحثون بقياس النتائج الاقتصادية لكل مجموعة وأثرها علي مواقف المشاركين تجاه كل من الحكومة الأفغانية وحركة طالبان. وكشفت الدراسة أن دورات التدريب المهني أسفرت عن تحسينات اقتصادية طفيفة ولم تسفر عن أي دعم للحكومة. في حين أدت المدفوعات النقدية المباشرة إلى زيادة أولية في دعم الحكومة، ولكنها ولدت شعورا عدائيا تجاه الحكومة بعد انفاق الأموال. وقال «لآيل» إن الناس كانوا في الواقع يتحولون أكثر تجاه طالبان بعد نفاد الأموال. ورجح التقرير أن يكون لهذه النتائج آثار مهمة على مسار السياسات المتبعة حالياً نظرا لأن التدريب المهني والتحويلات النقدية يستخدمان علي نطاق واسع من جانب الحكومات والجيوش ووكالات المعونة. فعلى سبيل المثال أنفقت الولاياتالمتحدة ما يصل إلى 2.28 مليار دولار في صورة مدفوعات نقدية غير مشروطة تقدم لمرة واحدة في أفغانستان خلال الفترة من 2003 إلى 2014، ونحو 4 مليارات دولار علي مدفوعات مماثلة في العراق خلال الفترة من 2003 إلى 2011. وينوه لآيل إلى أنه بحسب نتائج الدراسة فإن اللجوء للدفعات النقدية هو بمثابة صب البنزين على النار في أماكن مثل أفغانستانوالعراق. وقال إنه إذا كانت الحكومات وهيئات المعونة ستستخدم المدفوعات النقدية فعليها أن توزع الأموال في صورة أقساط حتى لا تخلق دورة ازدهار وكساد. وبحسب الدراسة فقد أخفقت كافة برامج المساعدات التي طبقت بصورة أحادية في تحويل الدعم بعيداً عن حركه طالبان. وتقترح الدراسة أن يقوم واضعو السياسات ووكالات المعونة باستخدام هذه البرامج بالتتابع وليس بالضرورة بهدف تحسين الأوضاع الاقتصادية. ويشير لآيل إلى أنه زغم أن هذه البرامج كانت اقتصادية إلا أن نتائجها كانت سياسية في المقام الأول، حيث عززت من السمعة الإيجابية للمسئولين والسياسيين في أعين ناخبيهم، في ظل قدرتهم على جلب الأموال. ويخلص التقرير إلى أنه منذ أطاحت القوات التي تقودها الولاياتالمتحدة بحركة طالبان في 2001 أنفقت الولايات حوالي 46 مليار دولار على برامج المساعدات للفوز بقلوب وعقول الشعب الأفغاني. وبحسب تقرير المفتش العام الأمريكي لإعادة إعمار أفغانستان، فقد شجعت ممارسات المعونة المالية الامريكية، في بعض الأحيان، الفساد، وعقدت عمليات التنسيق داخل الوكالات الامريكية وفيما بينها، في حين قلصت قدرات المؤسسات الأفغانية. ونوه التقرير أيضاً إلى أنه رغم الجهود المبذولة لمكافحة المخدرات في أفغانستان، فقد ارتفع إنتاج الأفيون بنسبة 87 في المائة خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من 2017، بالمقارنة مع نفس الفترة خلال عام 2016.