في أدبياتنا نحن السعوديين شئنا أم أبينا ما يُمكن أن نطلق عليه «خصوصية التهويل»، وقد ظلّت هذه الخصوصية مجرد تهمة على مدى عقود لأنها لم تُختبر، لكن حينما اختبرتها قوى التغيير الحقيقي اكتشفنا أنها حقيقة، فنحن بارعون في التهويل من أي تغيير قادم، وكأننا مقبلون معه على الكارثة، فعلنا ذلك مع مدارس البنات، ومع الستالايت، ومع النت، ومع جوال الكاميرا، ومع ومع إلى ما لا نهاية، وعندما لم يحدث ما توقعه المُهَوّلُون مع كل فقرة تغيير لم نقف لنناقش هذه النمطية في التفكير، ونعالج معطياتها على مستقبل نمونا، وإنما دفنّا رؤوسنا، وغيّرنا البوصلة لتهويل الحدث القادم على أنه آخر حافة الدنيا، وباب القيامة، لكن وبما أن حجم التغيير الأخير من حيث الحجم والوزن والمدى، له صفة الزلزلة فقد يكون بحول الله هو طريقنا للتخلص من هذه الخصوصية الساذجة التي طالما أتاحتْ للقادمين من خلفنا، وبإمكانات لا تُقارن أبدًا بإمكاناتنا أن يتجاوزونا، ويلتفتوا لنا من حين لآخر وكأنهم يهزأون من توجساتنا غير المبررة التي استثمروها، وجنوا من ورائها المكاسب على حسابنا. بعد عيد الفطر القادم سيبدأ التطبيق العملي لواحدة من أثقل قضايانا التي أكل عليها التهويل وشرب ردحًا من الزمن حتى عرَفَنا بها العالم، وعرفَها بنا، لا.. بل حتى صارتْ مدخلًا للحاقدين والمتربصين الذين طالما استخدموها للنيل منا. سيبدأ تطبيق قيادة المرأة للسيارة، ولعلّ أسوأ ما يُمكن أن يحدث لجماعة المهوّلين هو أن تمرّ البداية دون حوادث أو مخالفات تذكر، هذا سيقطع أنفاسهم، وسيكون بمثابة ضربة تحت الحزام؛ لأن الرهان على هذه القضية بالذات كان هو رهانهم الأخير الذي يحلمون أن يقفوا فيه بابتسامة تشفي وهم يقولون: «ما قلنا لكم؟!»، خاصةً وأنهم خسروا كل الرهانات السابقة، ولم يعد بين أيديهم سوى قيادة المرأة للسيارة على أنها «الكارت» الأخير، ومن واقع التجارب السابقة مع اخواننا المهوّلين أكاد أجزم أن هذه القضية ستصطف في طابور سابقاتها وكأنّ شيئا لم يحدث، لأننا ببساطة مجتمع بشري عادي. [email protected]