تحدثتُ في مقالٍ سابقٍ عن بعض الجوانب والأحكام الخاصة بالتماس إعادة النظر، واستكمالاً لما سبق ذكره فقد حدَّد نظام المرافعات الشرعيَّة الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/1) وتاريخ 22/1/1435ه مدَّة لالتماس إعادة النظر؛ يجب على الملتمس الالتزام بها في حال رغبته في الاعتراض على الحكم الصادر ضدَّه. في هذا الخصوص نصَّت المادة (201) من نظام المرافعات الشرعية على أنَّ المدَّة المقررة للطعن على الأحكام النهائيَّة بالتماس إعادة النظر هي ثلاثون يوماً، فإذا انقضت هذه المدَّة دون أن يتقدَّم الملتمس بالالتماس؛ سقط حقِّه في الطعن. ولقد حدَّد المنظِّم في المادة المذكورة أعلاه كيفيَّة بدء المدَّة المقرَّرة للطعن، بسبب الأحوال أو الأسباب التي بُني عليها تقديم الالتماس، إذ قد تبدأ هذه المدَّة من اليوم الذي يثبت فيه علم الملتمس بتزوير الأوراق التي بنُي عليها الحكم الذي صدر، أو القضاء بأن الشهادة مزورة؛ أو بظهور أوراق قاطعة ومؤثرة في الدعوى كان قد تعذَّر عليه إبرازها قبل الحكم؛ أو بظهور أسباب ترجع إلى الغش الصادر من الخصم، ففي هذه الحالات يبدأ احتساب مدَّة الثلاثين يومًا من تاريخ علم الملتمس. أمَّا لو قضى الحكم بشيء لم يطلبه الخصوم؛ أو قضى بأكثر مما طلبوه، أو كان منطوق الحكم يناقض بعضه بعضًا، أو صدر الحكم غيابياً، أو صدر الحكم على من لم يكن ممثَّلاً تمثيلاً صحيحاً في الدعوى، ففي هذه الحالات يتمُّ بدء احتساب مدة الثلاثين يومًا المقرَّرة من وقت الإبلاغ بالحكم. وإجراءات رفع التماس إعادة النظر وفقًا للمادة (202/1) تبدأ بقيام الملتمس بإعداد مذكِّرة أو صحيفة يتمُّ إيداعها لدى المحكمة التي أصدرت الحكم، ويجب تضمين هذه المذكرة بمجموعة من البيانات وهي: بيان الحكم الملتمس إعادة النظر فيه؛ ورقمه؛ وتاريخه؛ والأسباب التي بني عليها هذا الالتماس. ويتبع ذلك قيام إدارة المحكمة بقيد هذه المذكرة في يوم إيداعها في السجل الخاص المعدِّ لذلك، وإذا كان الحكم مؤيداً من المحكمة العليا أو من محكمة الاستئناف؛ فإنَّ المحكمة التي أصدرت الحكم ترفع صحيفة التماس إعادة النظر إلى المحكمة التي أيَّدت الحكم؛ لكي تنظر في هذا الالتماس، وفي كل الأحوال تفصل المحكمة في الالتماس المرفوع إليها وتعد قراراً بقبوله أو رفضه، فإن كانت الحالة الأولى (قبوله)؛ فإنَّه يترتب على ذلك إعادة النظر في الدعوى من جديد من قبل المحكمة التي أصدرت الحكم، وتلتزم في هذه الحالة بإبلاغ أطراف الدعوى بذلك. أما إن كانت الحالة الثانية (رفضه) فعند هذه الحالةِ للملتمس الحقُّ في الاعتراض على عدم القبول وفقًا للإجراءات المقرَّرة للاعتراض؛ ما لم يكن القرار صادرًا عن المحكمة العليا، لأنَّ قراراها يصبح نهائياً ولا يجوز الاعتراض عليه. جدير بالذكر أنَّ قيام الملتمسِ برفع التماسِ إعادة النظر لا يترتَّب على إثره وقف تنفيذ الحكم الصادر، ولكن المادة (202/2) من نظام المرافعات الشرعيَّة خرجت عن هذا الأصل باستثناءٍ يجوز بمقتضاه للمحكمة التي تنظر الالتماس أن تأمرَ بوقف التنفيذ متى طُلب منها ذلك، وكان يُخشى من التنفيذ وقوع ضرر جسيم يتعذَّر تداركه، وللمحكمة عندما تأمر بوقف التنفيذ أن توجبَ تقديم ضمانٍ أو كفيلٍ غارم، أو تأمرَ بما تراه كفيلاً بحفظ حقِّ المعترض عليه. [email protected]