مشكلة البطالة في العالم ليست وليدة القرن الواحد والعشرين، بل هي مشكلة عالمية قديمة ولا تزال تمثل إحدى أكبر المشاكل الاقتصادية التي تواجهها جميع دول العالم، وبما أننا جزء من هذا العالم فإن البطالة من التحديات التي تواجهنا مثل بقية دول العالم، وقد أحسنت الهيئة العامة للإحصاء بنشر رسالتها الربع سنوية، فرغم ما أثارته من قلق وتوتر في بعض الاوساط، إلا أن معرفة المواطن والمسئول بحجم هذه المشكلة سيسهل عملية احتوائها والتخفيف من وطأة تأثيرها. اسباب البطالة في المملكة عديدة منها الانفجار السكاني، بالاضافة الى استمرار تدفق أعداد جديدة من الخريجين الجامعيين الى سوق العمل كل عام، مع استمرار النظرة الدونية في المجتمع لبعض المهن، وعدم وضع القيود اللازمة على استقدام العمالة الاجنبية وما يؤيد ذلك وجود حوالي 100 ألف وظيفة هندسية يشغلها غير السعوديين بحسب أحد المصادر. صحيح أن المعلومات التي نشرتها الهيئة العامة للإحصاء تشير بطريق غير مباشر الى عدم السيطرة على هذه المشكلة بشكل تام حتى الآن، حيث جاء فيها أن معدل البطالة للسعوديين بلغ أكثر من 12%، وأن إجمالي السعوديين الباحثين عن عمل قد بلغ أكثر من 900 الف مواطن، نصفهم يحملون الشهادة الجامعية، كما تشير هذه الارقام إلى أن الجهات المعنية بمعالجة هذه الظاهرة الاقتصادية تحاول في معالجتها، وقد آن الأوان لنفتش عن حلول جذرية بعيدا عن الرؤى الفلسفية وقريبا من الرؤى العلمية، لنتجاوز ما هو كائن إلى ما يجب أن يكون، وهنا أرى أن على الجهات المعنية أن تبدع حلولا عاجلة وبشكل سريع لتفادي استفحال هذه المشكلة، وربما نستطيع القضاء على جزء من هذه الظاهرة بالتركيز على تأسيس برامج مبتكرة (وهي كثيرة) تجعل القطاع الخاص يتسابق لدعم التوظيف، وفتح المجال على مصراعيه لدعم المشاريع الصغيرة، وتوسيع الأبحاث المتعلقة بمجالات الاستفادة من الشبكات العنكبوتية والتقنيات المتعلقة بها في التوظيف كدعم الشباب للدخول الى عالم التجارة الالكترونية والتسويق الالكتروني أو العمل في الصحافة الالكترونية ودعم المبرمجين والعاملين عن بعد عبر (الانترنت). كل هذه من الأبواب الواسعة التي تخفف من حدة البطالة وتفتح المنافسة لشبابنا في المعرفة التكنولوجية على أن نردفها بحملات توعوية تعنى بدراسة السلوك الاجتماعي للأفراد المؤدي إلى تغيير النظرة الدونية السائدة إلى بعض المهن، واستثارة علم الاجتماع التربوي لإيصال (قيم العمل) إلى الطفل عن طريق النظام التعليمي وتهيئة البيئة الاجتماعية لقبول ذلك على أن يتزامن مع كل ذلك وضع قيود على استقدام العمالة الاجنبية، ولعله من المفيد أن نقوم برحلات (كولومبية) مكوكية استكشافية الى جزيرة سنغافورة كمفتاح لفهم تجربتها والاستفادة منها في محاربة البطالة، حيث إن معدل البطالة فيها هو الاقل عالميا إذ يصل إلى 1.9%.، فقد جاء في الأثر: الحكمة ضالة المؤمن، فحيث وجدها فهو أحق بها. maaasmaaas@