لأكثر من مائة عام ظلت السينما عاملًا فارقًا في تطوير الوعي ونشر الثقافة الإنسانية، وذلك أسهم في تقديم الولاياتالمتحدةالأمريكية بكل تفاصيلها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية والثقافية والفنية إلى كل العالم من خلال الدور المتواصل لهوليوود في إنتاج أعمال سينمائية ظلت كل مجتمعات الدنيا تتابعها بشغف وانبهار حتى اليوم، وأيضا فعلت الهند من خلال بوليوود وعكست أجزاء واسعة من مخزونها وإرثها الحضاري والإنساني. عودة السينما إلى بلادنا تواكب بكل تأكيد طموحاتنا في تقديم أنفسنا كمجتمع يملك الكثير الذي يمكن أن يقدمه كإضافة نوعية للمجتمع الإنساني، خاصة وأن رؤية المملكة تدعم هذا الاتجاه الذي يسهم في بناء مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر، فمن واقع التجربتين الأمريكيةوالهندية سارت جميع دول العالم باتجاه السينما وتوظيفها لصالح مشاريع ثقافية وحضارية تتعلق بتطورها، فأنتجت كثير من الدول أعمالًا سينمائية بعناية واضحة ليست في مستوى هاتين التجربتين ولكن لها دورها المطلوب في الفعل الثقافي، من أقصى المكسيك مرورًا بتجارب أوروبية إلى كوريا واليابان اللتين لديهما نشاط سينمائي رائع لم يتعرف عليه العالم بعد. الآن بعد أن حصلت بعض الشركات على رخص لتشغيل شاشات للسينما في عدة دور داخل المملكة خلال الأعوام الخمسة القادمة، بداية من الرياض، يفترض أن ننتقل بالتزامن مع ذلك إلى فكرة الإنتاج السينمائي؛ لأننا لسنا متفرجين وإنما لدينا الفرصة لننتج في ظل وجود أهم مقومين لذلك وهما التمويل والاستثمار من جهة، والمواهب الفنية من جهة أخرى، حتى لا ندخل في نطاق الاستهلاك السينمائي أسوة بما تأخرنا فيه كصانعين له وليس مستهلكين، وهناك كثير من الشباب الذين يملكون الحس الدرامي والفني الذي يمكن أن يتطور مع نقل تجارب هوليوود وبوليوود وغيرهما، وإنشاء معاهد للفن السينمائي، أي أن نبدأ توطينًا مبكرًا للسينما وإنتاجها الذي يمكن من ناحية أخرى أن يدر دخلًا كبيرًا يشجع على ازدهار صناعة السينما في بلادنا. من المهم أن نتعامل مع السينما في أطر احترافية لا تؤسس للاستهلاك والتفرج فقط، وإنما مواكبة إبداعها من خلال الثقة في القدرات الفنية لأبناء وطننا الموهوبين، وتوظيف إمكانياتهم الفنية في السياق السينمائي لإنتاج أعمال عالية القيمة الفنية التي يمكن تصديرها في مرحلة أولى للعالم العربي ومن ثم مجتمعات العالم الأخرى. [email protected]