في ظل التراجع الكبير والتحول الخطير الذي شهدته كرة القدم السعودية خلال السنوات العشر الاخيرة تباينت وجهات النظر حول اسباب هذه الانتكاسة ، وأصبح الكل يدلي برأيه سواء من الاعلاميين والنقاد عبر وسائل الاعلام ، او من بعض الجهات الاخرى كمجلس الشورى واعضائه الذين شنوا هجوما لاذعا على الرئاسة العامة لرعاية الشباب واللجنة الاولمبية السعودية بسبب التراجع الذي شهده اتحاد الكرة السعودي على مستوى المنتخبات والاندية . وفي ظل الفوضى العارمة التي يشهدها الاعلام الرياضي بالفترات الاخيرة والتسطيح الغريب في الطرح والنقد والقراءة ، فضّل (الميدان) الخوض في تفاصيل مشكلة تراجع الكرة السعودية واستنطاق اصحاب التجربة الذهبية الذين حققوا الانجازات السعودية في اعوام 84 ، 88 ، 94 ورصد آرائهم حول الفرق بين التجارب الماضية والوضع الحالي ، وما هي الطرق التي بامكانها النهوض بالكرة السعودية من جديد واعادة المنتخب السعودي للواجهة لاعتلاء المنصات . اسئلة كثيرة وجهها (الميدان) لعدد من نجوم الاجيال المتعاقبة فكانت اجاباتهم متباينة ولكنهم اتفقوا جميعا على ضرورة الغاء الترف (المالي) الذي يصرف على انصاف المواهب . حلول كثيرة قدمها اصحاب التجربة وذلك على النحو الآتي... في البداية شن خليل الزياني نائب رئيس نادي الاتفاق وعميد المدربين الوطنيين والذي قاد المنتخب السعودي لانجازاته الذهبية هجوما لاذعا على مجلس الشورى السعودي متهما اياه باغلاق واحد من اهم الملفات الرياضية الحساسة وهو الملف الذي كان من المفترض ان يقود الكرة السعودية للواجهة من جديد على حسب رأيه . وقال الزياني : بعد انتكاسة كأس العالم 2002 تم تشكيل لجنة كبيرة لدراسة اوضاع الكرة السعودية وكنت شخصيا عضوا في اللجنة الفنية التي يترأسها إبراهيم افندي وقدمنا مقترحات كثيرة كانت كفيلة بإعادة توجيه الكرة السعودية للواجهة من جديد ولكن للأسف ذهبت هذه المقترحات لمجلس الشورى والذي قام بإهمال والغاء كل هذه الأفكار ووضعها (بالكراتين) من دون ان يتم توضيح السبب . وأضاف الزياني : لمن لا يعلم ، فاللجنة التي تم تشكيلها بعد إخفاق 2002 قدمت أفكارا كثيرة في التطوير الاداري والمالي والفني ، ولكن ماذا بعد ؟ لقد اهملوا كل الجهود وتجاهلوها حتى وصلنا للمرحلة الحالية ومجلس الشورى لديه كل هذه الافكار ولكنه اهملها . وتطرق الزياني للاوضاع التي تعانيها الاندية وقال : انديتنا تفتقر للمال وللملاعب والبنى التحتية وهذا بالطبع انعكس سلبا وسينعكس اكثر في السنوات القادمة على المنتخبات فكيف ينتظر الشارع الرياضي وجود منتخب قوي بينما الاندية غير قادرة على تصدير المواهب كما كانت بالسابق . الزياني : لمن لا يعلم ، فاللجنة التي تم تشكيلها بعد إخفاق 2002 قدمت أفكارا كثيرة في التطوير الاداري والمالي والفني ، ولكن ماذا بعد ؟ لقد اهملوا كل الجهود وتجاهلوها حتى وصلنا للمرحلة الحالية ومجلس الشورى لديه كل هذه الافكار ولكنه اهملها . واضاف الزياني : منذ تطبيق الاحتراف الرياضي بالمملكة عام 93 وحتى الآن لم نجن ثماره وهنا علامات استفهام كثيرة حول هذا الامر ، بعكس السابق فكرة القدم الحقيقية انطلقت بالمملكة في 78 ه ومن ثم ظهرت ثمار هذه البداية في الثمانينيات الميلادية ولكن بعد الاحتراف اين الثمار ؟ واين الجهد ؟ . واضاف عميد المدربين الوطنيين : الاندية اليوم تفتقد للمال وللاسف لا يوجد نظام لدى رعاية الشباب يوفر السيولة للاندية فنحن نشاهد اندية تمتلك الرعاية من القطاع الخاص واندية اخرى تصارع الوقت لتأمين مرتبات اللاعبين ناهيك عن افتقادنا للملاعب والبنى التحتية وكل الاساسيات في كرة القدم . واضاف الزياني : حتى لو ننظر لوضع اللاعب المحترف فالوضع تغير فاليوم معظم اللاعبين يفضلون الاندية على المنتخب كون المبالغ التي يتقاضونها من انديتهم تغنيهم ماليا عن تمثيل المنتخب الوطني ولذلك تجد بعض اللاعبين لا يرغبون في تمثيل المنتخب وهذه كارثة . بدوره أكد نجم المنتخب السعودي ونادي الهلال السابق يوسف الثنيان ان الاحتراف المطبق حاليا هو من تسبب في الانتكاسة التي تعرضت لها الكرة السعودية مطالبا بمقارنة الوضع الحالي مع السابق وكيفية إدارة الأمور بين الماضي والحاضر خصوصا فيما يتعلق بمسألة العقود والرواتب المتضخمة . وقال الثنيان في تعليق مقتضب على القضية : إعادة النظر في وضع الاحتراف هو الأهم كي تعود الكرة السعودية لوضعها الطبيعي سواء على مستوى الأندية او المنتخبات . من جهته اكد قائد المنتخب السعودي السابق واحد اشهر نجوم الاخضر فؤاد انور ان التراجع الكبير للكرة السعودية معروفة اسبابه مشيرا الى ان الآلية التي تدار بها كرة القدم السعودية حاليا لا يمكن ان تعيد المملكة للواجهة الرياضية من جديد . وقال فؤاد انور في تعليقه على الموضوع : الاندية يجب ان تعود للاحتراف الحقيقي واقصد به الاحتراف الفني وليس المالي كون السنوات العشر الأخيرة شهدت تضخما كبيرا جدا في عقود اللاعبين مما احدث احترافا ماليا وليس فنيا وهذا الأمر انعكس سلبا على الأندية ومن ثم على المنتخبات ولذلك حدث التراجع الكبير في مستوى المنتخبات . وأضاف فؤاد انور : هنالك أيضا أخطاء كثيرة في البرامج المنفذة من الاتحاد السعودي لكرة القدم خصوصا فيما يتعلق بالفئات السنية فليس من المنطق ان نطالب بعودة منتخباتنا للمنصات بينما نفتقد للقاعدة التي تمثل الاساس ولو نظرنا للوضع الحالي فانه لا ينبئ باي منجز قادم والشواهد على ذلك كثيرة . واضاف : بالسابق كانت مشاركات الفئات السنية مستمرة ولذلك شاهد الجميع منتخبات قوية في 84 و 88 و94 وكذلك في 98 وكل اللاعبين الذين مثلوا المنتخب السعودي في تلك السنوات انطلقوا من الفئات السنية عبر الناشئين والشباب ولذلك كانت لدينا منتخبات قوية جدا نجحت في تخريج الكم الهائل من النجوم ، اما الآن فالوضع اختلف تماما ولم يعد لدينا برامج طويلة ولا حتى افكار جديدة للاهتمام بالمواهب ولذلك نعاني من ندرة في النجوم وشح في المواهب وتراجع بالمستوى العام . وعن امكانية الاستفادة من الخبرات المحلية والدولية لقيادة هذه البرامج قال فؤاد انور : في السابق تمت الاستعانة بعلي داود وعبدالله جاسم وخليل الزياني وغيرهم من الاسماء الوطنية المهمة وتحقق الانجاز والآن نحن مطالبون بتكرار التجربة والاستفادة من الخبرات المحلية من مدربين ولاعبين سابقين واداريين ، اما فيما يتعلق بالخبرات الدولية فمشروع نادي الهلال مع الاتحاد الاسباني لكرة القدم يعتبر نموذجا رائعا جدا في تطوير الكرة السعودية وهو بحاجة للاستمرار والدعم . أما فهد المهلل نجم نادي الشباب والمنتخب السعودي السابق فقد تحفظ على ذكر ابرز السلبيات والمعوقات التي تقف في سبيل عودة الكرة السعودية لوضعها الطبيعي ، مشيرا الى ان اعتماد المسئولين وكذلك الاعلام والجمهور على اسم او اسمين فقط في التحليل والتنظير اضر كثيرا برسم الخطط وساهم في ابتعاد اسماء اخرى تفكر بطريقة افضل مما هي عليه الآن . من جهته طالب لاعب المنتخب السعودي السابق ونادي النصر صالح المطلق باستعادة البساطة في التعامل مع كرة القدم مشيرا الى ان الرفاهية المبالغ فيها التي تحكم كرة القدم حاليا هي من تسببت في تدهور الكرة السعودية ولذلك فان البساطة في التعامل مع هذه اللعبة هو الحل الوحيد لاستعادة ما كان عليه الوضع بالسابق . وقال المطلق في تعليقه على القضية : نادي الفتح على سبيل المثال يقدم اليوم كرة قدم جميلة جدا وببساطة واضحة وهنا يجد المتابع كيف بالامكان ان نصنع فريقا منظما بعيدا عن ضجيج الاعلام وصخب الملايين . واضاف المطلق : في السابق كنا نتعب على انفسنا ، وشخصيا انتقلت من محافظة الاسياح في القصيم الى الرياض من اجل الالتحاق بنادي النصر وكنت وقتها في المرحلة المتوسطة ولكني وضعت هدفا كي احققه ونجحت في تحقيقه . واضاف المطلق : لم اجد الملايين ولا سيارة فارهة وكنت اتنقل مع احد الاصدقاء ولكن بالنهاية وصلت ونجحت ومثل هذه التجربة نفتقدها اليوم وللاسف فالجميع يتحدث عن الملايين والكل يتكلم عن الاموال حتى اصبح المجتمع الرياضي عبارة عن شيكات واعلام فقط . قال فؤاد انور في تعليقه على الموضوع : الاندية يجب ان تعود للاحتراف الحقيقي واقصد به الاحتراف الفني وليس المالي كون السنوات العشر الأخيرة شهدت تضخما كبيرا جدا في عقود اللاعبين مما احدث احترافا ماليا وليس فنيا وهذا الأمر انعكس سلبا على الأندية ومن ثم على المنتخبات ولذلك حدث التراجع الكبير في مستوى المنتخبات . واضاف النجم السعودي السابق : اولياء الامور الآن يبحثون عن الاندية لتسجيل ابنائهم بحثا عن المال وليس لكي يبدعوا في الملاعب ويسجلوا حضورا مشرفا لهم وهنا الفرق وعلى هذا الاساس فان التفكير في كيفية ممارسة كرة القدم يجب ان يتغير والخطاب الاعلامي كذلك يجب ان يستشعر بالمسئولية بدلا من الوضع الحالي والذي اصبح الاغلب يتحدثون فيه عن فن التجارة وفن الاعلام وهذا بالطبع احد اسباب التراجع الكبير . واضاف المطلق : العودة للبساطة والحد من ظاهرة الملايين او تقنينها هو الحل الانسب في التعامل مع كرة القدم ومتى ما عدنا لهذه البساطة ستكون الانجازات حاضرة وبقوة . بدوره اشار نجم المنتخب السعودي ونادي الاتفاق السابق عبدالله صالح الى اهمية احداث غربلة شاملة في المنظومة التي تدير كرة القدم السعودية والمتمثلة في اتحاد كرة القدم واللجان العاملة فيه ، مشيرا الى ان التغيير بات مطلبا والاحلال هو الحل المناسب لانتشال الكرة السعودية من التدهور الحالي . وقال عبدالله صالح : يجب ان تتجدد الدماء في اتحاد الكرة والاندية على جميع المستويات الفنية والادارية والمالية وحتى في رؤساء الاندية والقائمين عليها فاليوم نحتاج لطاقات تستوعب المرحلة الحالية التي تعيشها الكرة السعودية وهذا الامر بالطبع يحتاج للوقت ولذلك يجب ان نضع الخطوة الاولى كي ننطلق في مرحلة التغيير . واضاف عبدالله صالح : الجميع يتحدث عن التخصيص في الاندية وهذا الامر بالطبع اصبح (امنية) عبر الاعلام بينما وبحسب تصريحات المسئولين السابقة كان من المفترض ان نعيش اليوم الموسم الثالث من تطبيق الخصخصة ، واقصد بذلك الخصخصة بالكامل اداريا وماليا والتحول من القطاع الحكومي الى شركات ولكن التأخر في تطبيق هذه الخصخصة جعل من رياضتنا (محلك سر) . واضاف عبدالله صالح : للاسف فان رؤساء الاندية واعضاء الشرف من رجال الاعمال هم من يتحكمون اليوم في الاندية وهم من تسببوا في هذا التراجع المخيف وعلى هذا الاساس يجب التخلص من الوضع الحالي من خلال تخصيص الاندية والتي بدورها ستنعكس ايجابا على المنتخبات السعودية حيث ستكون لدينا مشاريع كثيرة لصناعة النجوم والعناية بالمواهب وتقديمها على طبق من ذهب للمنتخبات الوطنية . وتطرق أفضل ظهير أنجبته الملاعب السعودية للتجربة اليابانية في العناية بالمواهب وقال : اليابان سبقتنا بمراحل كونها اعتمدت على التطوير في الادارة والمال وفي الامور الفنية ولذلك نشاهد اليوم المنتخبات اليابانية تسجل حضورا مميزا على جميع المستويات وعلى هذا الاساس نتطلع لاحداث تغيير شامل في الادارة والمال وفي كل الاسس التي تقوم عليها الاندية وقبل ذلك بالتأكيد اتحاد الكرة والقائمين عليه . اما نجم المنتخب السعودي ونادي النصر السابق ماجد عبدالله فقد تحفظ في الاجابة عن السؤال مشيرا الى ان الاجابة عن مثل هذه التساؤلات يطول شرحها ولذلك يفضل الصمت والتحفظ عن الاجابة وهو ما وضع علامات استفهام عديدة حول هذا السؤال . كما تحفظ سامي الجابر النجم الهلالي السابق على الخوض في هذا الامر محتفظا بالاسباب لنفسه مما يثير المزيد من علامات الاستفهام حول عدم رغبة نجوم الذهب السعودي في الخوض بطرق اعادة الكرة السعودية للواجهة من جديد .