يخوض الوسيط الدولي المخضرم الاخضر الابراهيمي مهمته الشاقة لحل الازمة في سوريا من دون أمل حقيقي اذ ان العنف وغياب التوافق الدولي يقوضان فرص النجاح، بحسب مراقبين. وقال المحلل السياسي زياد ماجد لوكالة فرانس برس ان «الابراهيمي يدخل في مهمة من دون أمل كبير» بالرغم من «خبرته ومهنيته». والابراهيمي الذي اجرى وساطات عربية ودولية في لبنان والعراق وافغانستان وجنوب افريقيا وهاييتي، قبل تفويضا من مجلس الامن وجامعة الدول العربية للتوصل الى حل سياسي للازمة الدامية التي تعصف بسوريا والتي حصدت ارواح 20 الف شخص حتى الآن بحسب المنظمة الاممية. وبعد فشل الامين العام السابق للامم المتحدة كوفي انان بهذه المهمة، ليست هناك من مؤشرات واضحة لوجود ظروف دولية مختلفة تسمح لمهمة خلفه الابراهيمي بان تنجح، خصوصا مع استمرار الموقف الروسي الداعم لنظام الرئيس بشار الاسد. قال ماجد «ليست هناك مرحلة جديدة في تفويض الابراهيمي، بل مجلس الامن يريد أن يقول انه يتابع جهوده لحل الازمة. ولكن طالما ليس هناك عمل تحت الفصل السابع او تحديد لمهل او تغيير للشروط، فالقصة شكلية وستكون هناك مماطلة، والنظام السوري يعرف ان الموضوع هكذا». غياب الفصل السابع وقال ماجد «ليست هناك مرحلة جديدة في تفويض الابراهيمي، بل مجلس الامن يريد ان يقول انه يتابع جهوده لحل الازمة. ولكن طالما ليس هناك عمل تحت الفصل السابع او تحديد لمهل او تغيير للشروط، فالقصة شكلية وستكون هناك مماطلة، والنظام السوري يعرف ان الموضوع هكذا». وعلى الارض، يبدو ان العنف لا يتراجع بل يتصاعد، فيما باتت المعارضة المسلحة تسيطر على اجزاء واسعة من البلاد والانشقاقات تتوالى في الجيش. وبينما وضع انان مسألة وقف العنف بندا اول في خطته، لا يبدو ان الابراهيمي ينطلق من هذا الشرط، فيما باتت القوى الدولية بحسب المحللين اكثر ميلا للاعتقاد بان نهاية الازمة قد لا تأتي الا من خلال المعركة العسكرية. وقال ماجد «انا مقتنع ان هناك شيئا من الاستسلام لفكرة ان المعركة ستحسم الموضوع وليس المفاوضات، على الاقل لغاية الانتخابات الاميركية وتشكل ادارة جديدة او تجديد الادارة سياستها». من جهته، قال المحلل السياسي الخبير نيل بارتريك ان «مهمة الابراهيمي تحظى بفرص قليلة للنجاح، وهذا استنادا الى اقواله هو شخصيا». نزاع للسيطرة حتى النهاية وبالنسبة لبارتريك، فان الحكومة السورية «ستتحادث مع الابراهيمي لانها بحاجة ماسة الى مصداقية ولان ينظر اليها بانها مهتمة بالجهود الدبلوماسية، الا ان الطرفين في سوريا ليسا مهتمين بالتسوية». فالقسم الاكبر من العالم العربي حسم خياره لصالح «تغيير النظام» في سوريا بحسب المحلل البريطاني، بينما يركز الابراهيمي على مجلس الامن معتقدا ان روسيا والصين قد تؤثران على دمشق، الا انه تساءل «هل ستكون الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي مستعدة لدفع الجيش السوري الحر نحو تسوية؟». وخلص بارتريك الى القول «انه نزاع للسيطرة حتى النهاية، بين السوريين وداعميهم الاقليميين والدوليين». وسيتعين على الابراهيمي الذي ينتهج سياسة التروي والقليل من الوعود، ان يظهر للرئيس السوري بشار الاسد الذي يفترض ان يلتقيه في دمشق في تاريخ لم يحدد بعد، بان عمله مختلف عن انان. الابراهيمي غير عنان وقال الامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي في تصريحات للصحافيين في القاهرة ان الابراهيمي «لا يريد أن يتبع نفس اسلوب سلفه كوفي عنان ... حيث لا يريد ان يتقدم بورقة للحكومة السورية تتضمن عددا من النقاط لكنه يريد ان يأخذ وقته لتحديد مهمته وكيفية تنفيذها». وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي عبدالوهاب بدرخان ان «الابراهيمي ينطلق من فشل مزدوج لانان، فشل وقف العنف وفشل اطلاق عملية سياسية، وعليه ان يبرهن بان مهمته لن تكون فشلا ثالثا». وبحسب بدرخان، فان عامل الفرق الاساسي في مهمة الابراهيمي هو ان «وقف النار لم يعد اولوية او ضرورة لان الجميع يؤمن انه مستحيل». وفي تصريحات صحافية عدة، قلل الابراهيمي من التوقعات حول مهمته وما انفك يكرر ان لا رؤية واضحة له للحل وانه «يريد الاستماع للاطراف» اولا، كما طالب بدعم واضح وقوي من مجلس الامن. الا انه اكد ايضا ان «التاريخ لن يعود الى الوراء» في اشارة واضحة الى عدم قدرة الاسد على استعادة السيطرة على البلاد، وان «التغيير ضروري وعاجل». وقال بدرخان «ان عمل الابراهيمي سيكون على الارجح بطيئا وسيجري محادثات لفترات طويلة، وهو لا يريد ان يكون ال»سوبر موفد» بل ان يعمل في ظل ادوات الاممالمتحدة والوقائع السياسية في مجلس الامن» المنقسم. وسيتعين على الابراهيمي، وزير الخارجية الجزائري السابق، خصوصا بحسب المحلل ان يخلق قناعة لدى الاطراف بالحاجة لحل سياسي، الا ان ذلك «يبدو صعبا جدا في ظل تفاقم العنف واستمراره». وبحسب بدرخان، قد تتغير المعطيات نتيجة تطورات وقائع المعركة على الارض، او تغير المواقف الدولية. وقال «لا يجب ان نستبعد تماما ان تأتي اللحظة التي يستطيع الابراهيمي ان يدخل فيها الى الاسد ليقول له آن الاوان لتتنحى، وان اردت، نبحث في سبل خروجك».