عندما تقترب من المركبة التي أصبحت مأوى وملاذاً للرجل السبعيني يوسف ،تجد تجاعيد الزمن واضحةً على مُحيّاه تحكي مُعاناته ودموعه التي خطّت على وجنتيه، حيث لم يكن يخطُر في باله أن يوما من الأيام سوف يصبح بهذه الحالة المريرة التي لا تناسب عمره ولا وضعه الصحي و الاجتماعي، حتى أبناؤه الذين تسببوا في تشرّده تخلّوا عنه وتركوه في هذا المكان المهجور وحيداً بين الحيوانات الضالة لتكون مكافأته بعد هذا العمر أن يعيش مشرداً. يوسف الرمضان أصبح يفترش الأرض ويلتحف السماء بجانب أحد المركبات المرمية على الطريق و التي تقِف بالقرب من أحد مواقف السيارات القريبة من الطريق المؤدي إلى مدينة الرياض للقادمين من الإحساء، عندما اقتربنا منه وجدناه سليم العقل ويتحدث بطلاقة ،ولكن في حالة صعبة، حيث كانت ثيابه التي تستره رثةً، كذلك كان يلتحف بقطعة من القماش يضعها على رأسه» شماغ» ويتوسّد بجسده النحيف على قطعة من الكرتون لينام عليها، وكانت بجانبه عصاته التي يتّكِئ عليها عندما يريد المشي، عندما بدأنا بالحديث معه لم يتمالك نفسه من البكاء حيث انهارت دموعه، وكان الألم يعصره، بالإضافة إلى أنه كان يُتمتِم ببعض الكلمات أثنائها و التي لم نفهم منها سوى كلمة»ما يبوني» وبعد محاورته بشكل تدريجي لمعرفة ماذا يقصد بهذه الكلمة ،أفاد بأنه يقصد أبناءه الخمسة من زوجته التي تسبّبت في طرده من بيته وتحريض أبنائه عليه لأسباب هو يجهلها، حيث يقول:» لا أعلم ما السبب في جعل أبنائي يقدِمون على هذا التصرف عندما قاموا بطردي من بيتي وتشريدي بهذه الصورة التي لا ترضي أحدا فكيف وأنا والدهم الذي عانيت وكافحت من أجل تربيتهم؟! ولكن كان هذا هو رد الجميل الذي نلته منهم. عندما زارته « اليوم» في المكان، كانت ثيابه التي تستره رثةً، و كان يلتحف بقطعة من القماش التي يضعها على رأسه ويتوسّد بجسده النحيف على قطعة من الكرتون لينام عليها، و بجانبه عصاته التي يتوكّأ عليها عندما يريد المشي،وأثناء الحديث معه لم يتمالك نفسه من البكاء، حيث انهارت دموعه وكان الألم يعصره . ويضيف:» عندما لم أجد من يؤويني في بيته سواء من أقربائي أو معارفي لجأت الى هذا المكان كي أحتمي فيه ويكون مأوىً لي، حيث يقول:» لقد أمضيت قرابة الشهر وأنا على هذه الحالة وفي هذا المكان الموحش فحين يسدل الليل بأستاره تجدني أتردد على المكان، وفي النهار احتمي من حرارة الشمس داخل احد المساجد القريبة . وأضاف:» بأنه لا يملك ما يسد به جوعه لذا يضطر بأن يأكل ما يجده مرمي من بقايا طعام داخل براميل النفايات، كذلك يلجأ بعض الأحيان خاصة عندما يضطر الى تناول الأعشاب البرية التي تنبت بالقرب من المكان لكي يعتاش منها حيث يقول:» حين لا أجد من يتصدّق عليَّ من المارة أو عابري السبيل بشيء من المال أو الأكل لسدِّ جوعي, أقوم بالبحث عن إيِّ شيءٍ من أجل أن أسدَّ به رمقي. وبيّن:» بأنه رغم تشرّده و عقوق أبنائه له ،إلّا أنه لا يُريد سوى السِّتر من الله كونه هو الوحيد العارف بحاله والمدبِّر لأموره، وعن السبب في عدم رفع دعوةٍ قضائية ضد من تسبّب في تشرّده ،قال الرمضان: بأنّه لا يريد الدخول إلى مراكز الشرطة أو المحكمة كونه لم يدخلها طوال عمره، كذلك لا يريد أن يؤذي أبناءه رغم ما فعلوا به، لهذا فهو ينتظر من ينتشله من هذه الحالة المريرة، وقد ختم حديثه معنا حين أخبرنا بأن زوجته التي تسببت في طرده مع أبنائه نست العشرة التي بينهم والسنوات التي قضياها معاً فهو متزوج بها منذ ما يقارب 12 عاماً ،وذلك عندما أراد أن يستر عليها حين تم طلاقها من زواجها الثالث، حيث سبق لها و أن خاضت تجربة الزواج مرتين وكل التجارب التي مرّت بها أدت إلى الفشل، ليستمر الحال مع هذا الرجل ويكون هو الضحية هذه المرة حين استغلت أبناءه لتحرِّضهم عليه.