افتتحت أمس في طهران أعمال القمة السادسة عشرة لحركة عدم الانحياز ، بمشاركة وفود تمثل 120 دولة ، ورأس وفد المملكة إلى القمة نيابة عن خادم الحرمين الشريفين صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز نائب وزير الخارجية ، وتناقش القمة أبرز القضايا الدولية ومن بينها القضية الفلسطينية والأزمة السورية ، ويحضر أعمال القمة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي. وكان صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز وصل إلى طهران صباح أمس. وكان في استقبال سموه لدى وصوله إلى مطار «مهر آباد» وزير النفط الإيراني رستم قاسمي، وعدد من المسؤولين الإيرانيين، وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى إيران محمد بن عباس الكلابي، وأعضاء السفارة السعودية. وفي ما يتعلق بالأزمة السورية ، قال بان كي مون إن أي طرف له تأثير يجب أن يكون جزءًا من الحل في سوريا ، حاثًا جميع الأطراف على وقف العنف في سوريا. وأشار إلى أن جميع المشاكل التي يشهدها العالم ممكن أن تحل بالحوار .. وقال «إننا نعمل على تقوية الأممالمتحدة من اجل أن تستجيب للنزاعات كافة». وقال مرشد الجمهورية الايرانية آية الله علي خامنئي إن القمة تلتئم لتحقق العديد من أهدافها ومنها وحدة الحاجة ، مشيرًا إلى أن حركة عدم الانحياز لم تؤسس بناءً على الوحدة الجغرافية ولا العرقية ولا الدينية ، بل وحدة الحاجة في وقت كانت الدول الأعضاء في الحركة بحاجة إلى أواصر تستطيع أن تحميها من هيمنة الشبكات المقتدرة والمستكبرة والجشعة. وأضاف ، في كلمته أمام القمة ، ان هذه الحاجة لا تزال قائمة اليوم مع تطوّر أدوات الهيمنة واتساعها. وأشار إلى أن الإسلام بيّن أن للبشر فطرة واحدة لها القدرة على أن تكون رصيدًا وسندًا لتأسيس مجتمعات حرّة شامخة تتمتّع بالتقدّم والعدالة إلى جانب بعضهما ، وتنشر إشعاعات الروح المعنوية على كل الأنشطة المادية والدنيوية للبشر ، ويمكنها أن تُرسي دعائم حالات من التعاون الأخوي بين شعوب لا شبه في ما بينها من حيث الشكل الظاهري والسوابق التاريخية والإقليمية الجغرافية. وأكد أنه متى ما قام التعاون الدولي على مثل هذا الأساس فسوف تشيّد الدول العلاقات في ما بينها لا على ركائز الخوف والتهديد ، أو الجشع والمصالح الأحادية الجانب ، بل على أساس المصالح السليمة والمشتركة ، وفوق ذلك المصالح الإنسانية. وشدد خامنئي على أن هذا النظام المبدئي يقف على الضدّ من نظام الهيمنة الذي اطلقته القوى الغربية المتسلّطة في القرون الأخيرة ، وروّجت له وكانت السبّاقة إليه ، مشيرًا إلى أن العالم شهد في الماضي القريب انهيار سياسات فترة الحرب الباردة ، وما تلا ذلك من الأحادية القطبية. وطالب دول العالم باستلهام العبر من تلك التجارب التاريخية وأن يمرّ بفترة انتقالية إلى نظام دولي جديد ، بمقدور حركة عدم الانحياز أن تمارس دورًا جديدًا فيها. وحول السلام والأمن الدوليين ، قال مرشد الجمهورية الايرانية إنهما من القضايا المُحرجة في عالمنا اليوم ، كما أن نزع أسلحة الدمار الشامل المُفجعة ضرورة فورية ومطلب عام ، مضيفًا : «الأمن في عالم اليوم ظاهرة مشتركة لا يمكن التمييز فيها والذين يخزنون الأسلحة اللا إنسانية في ترساناتهم لا يحقّ لهم أن يعتبروا أنفسهم حملة رايات الأمن العالمي ، فهذا لن يستطيع بلا شك توفير الأمن حتى لهم ، ويُلاحظ اليوم للأسف الشديد أن البلدان المالكة لأكثر مقدار من الأسلحة النووية لا تحمل إرادة جادّة وحقيقية لإلغاء هذه الأدوات الإبادية من مبادئها العسكرية، ولا تزال تعتبرها عاملاً لصدّ التهديدات ومؤشراً مهماً في تعريف مكانتها السياسية والدولية ، وهذه رؤية مرفوضة تماماً فالسلاح النووي لا يضمن الأمن ولا يحقق تكريس السلطة السياسية ، إنما هو تهديد لكلا هذين الأمرين». وأضاف أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعتبر استخدام الأسلحة النووية والكيميائية وأمثالها ذنباً كبيراً لا يغتفر ، مؤكدًا أنها أطلقت شعار (شرق أوسط خال من السلاح النووي) وتلتزم به ، مستدركًا بالقول : «هذا لا يعني غضّ الطرف عن حق الاستفادة السلمية من الطاقة النووية وإنتاج الوقود النووي فالاستخدام السلمي لهذه الطاقة حقّ لكل البلدان حسب القوانين الدولية ويجب أن يستطيع الجميع استخدام هذه الطاقة السليمة في شتى مجالات الحياة لبلدانهم وشعوبهم ، ولا يكونوا تابعين للآخرين في تمتّعهم بهذا الحق». وقال : إنني أؤكد أن الجمهورية الإسلامية لا تسعى أبداً للتسلح النووي ، كما لن تغضّ الطرف أبداً عن حق شعبها في الاستخدام السلمي للطاقة النووية ، وشعارنا هو (الطاقة النووية للجميع ، والسلاح النووي ممنوع على الجميع). وعرج مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، في كلمته ، إلى القضية الفلسطينية قائلاً : «خلاصة هذه القضية هي أن بلداً مستقلاً ذا هوية تاريخية واضحة اسمه فلسطين اغتصب من شعبه وسط عمليات تقتيل جماعية للناس العزّل في المدن والقرى ، وتهجيرهم من بيوتهم وديارهم إلى البلدان المجاورة ، وتواصل ذلك طوال أكثر من ستة عقود على نفس الوتيرة من الجرائم ، ولا يزال مستمراً اليوم أيضاً». وقال إن القضية الفلسطينية تعد إحدى أهم قضايا المجتمع الإنساني ، مشيرًا إلى أنه وبعد مرور خمسة وستين عاماً لازالت تتواصل نفس تلك الجرائم ، مضيفًا أنه قلّ أن يمرّ يوم لا تبث فيه أنباء عن استشهاد وإصابة وسجن الشباب المناهضين للدفاع عن وطنهم وكرامتهم والمعترضين على تدمير مزارعهم وبيوتهم. وختم خامنئي كلمته بالقول إن ظروف العالم حسّاسة ، والعالم يمرّ بمنعطف تاريخي جد مهم ، ومن المتوقع أن يكون ثمة نظام جديد في طريقه إلى الولادة والظهور ، مشيرًا إلى أن مجموعة دول حركة عدم الانحياز تضمّ نحو ثلثي أعضاء المجتمع العالمي ، وبوسعها ممارسة دور كبير في صياغة المستقبل ورسمه. وقال إن هذا الهدف لا يتحقق إلا بالتعاون الشامل ومعالجة المشكلات بالتعاون الاقتصادي والإعلامي وتبادل التجارب التقدمية. مصر طرف فاعل من جانبه أكد رئيس جمهورية مصر العربية محمد مرسي عزم بلاده بأن تكون طرفًا دوليًا فاعلاً في المستقبل. وقال ، في كلمته ، إن الحركة نجحت فى تحويل رؤى آبائها المؤسسين من مبادىء إلى أفعال , ومن فكر إلى سلوك , ومن مكمن ضعف إلى مكمن قوة على الساحة الدولية. ووجه الرئيس المصري انتقادًا شديدًا لنظام الرئيس السوري بشار الأسد ، وقال إن دعم الشعب السوري فى مواجهة هذا النظام القمعي فى دمشق واجب أخلاقي ، وأكد أن مصر على أتم الاستعداد للتعاون مع كل الأطراف لحقن الدماء في سوريا وتدعو الأطراف الفاعلة الى اتخاذ مبادرتها من أجل وقف نزيف الدم وايجاد حل للأزمة في سوريا ، وأضاف : «يجب علينا أن نسعى لتحقيق مطالب ثورة سوريا». وكان الرئيس المصري اقترح في منتصف شهر أغسطس الجاري فكرة تشكيل لجنة إقليمية رباعية للبحث عن حل للأزمة السورية. وقدم الرئيس المصري الشكر لجمهورية كوبا لما قدمته من عمل خلال فترة عضويتها في الحركة خلال الأعوام التسعة الماضية , كما رحب بعضوية تورويكا الجديدة والجمهورية البلوفيرية الفنزويلية التى ستستضيف القمة السابعة عشرة للحركة فى عام 2015م ، وسلم الرئيس المصري محمد مرسي رئاسة حركة عدم الانحياز إلى نظيره الإيراني محمود أحمدي نجاد الذي ستتولى بلاده رئاسة الحركة للسنوات الثلاث المقبلة. دعوة إلى تعاون الأطراف ونوه رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة ناصر بن عبد العزيز النصر في كلمته بأن الجمعية العامة حاولت اعتماد قرارين لطرح الحلول للازمة السورية. وقال إن المبعوث الخاص السابق للأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي عنان قام بجهود كبيرة قبل ترك مهامه ويجب الاستفادة من دروسها ولابد الآن من العمل على إنجاح مهمة الممثل المشترك الجديد الأخضر الإبراهيمي ، داعيا إلى تعاون الأطراف كافة في سوريا وخارجها لحل هذه الأزمة سلميا. وأَعرب عن أمله في أن تلعب حركة عدم الانحياز دورًا في تفعيل عمل الجمعية العامة وعملية إصلاح الأممالمتحدة بما في ذلك إصلاح مجلس الأمن بشكل يعكس الواقع الجديد للعالم. كما أكد ضرورة حل قضية الملف النووي الإيراني بالطرق السلمية وفقا للقانون الدولي ، مشددا على حل مشكلة الشرق الأوسط الأساسية بإقامة دولة مستقلة للفلسطينيين على أراضيهم المحتلة منذ عام 1967م. كي مون : أي طرف .. جزءً من الحل وانتقد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ، من جانبه ، إيران بسبب رفضها تطبيق قرارات الأممالمتحدة المتعلقة ببرنامجها النووي. وقال ، في كلمته خلال افتتاح قمة دول عدم الانحياز في طهران ، إن إيران يجب أن تلتزم بالكامل بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وان تتعاون بعمق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وأضاف : بما فيه مصلحة للسلام والأمن في المنطقة والعالم ، اطلب بإلحاح من الحكومة الإيرانية اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة الثقة الدولية بخصوص برنامجها النووي. وفي ما يتعلق بالأزمة السورية ، قال بان إن أي طرف له تأثير يجب أن يكون جزءًا من الحل في سوريا ، حاثًا جميع الأطراف على وقف العنف في سوريا. وأشار إلى أن جميع المشاكل التي يشهدها العالم ممكن أن تحل بالحوار .. وقال «إننا نعمل على تقوية الأممالمتحدة من اجل أن تستجيب للنزاعات كافة». من جهته ، أكد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ضرورة تغيير الوضع الحالي الذي يسود القرارات على المستوى العالمي. وقال ، في كلمته أمام القمة السادسة عشرة لحركة دول عدم الانحياز ، إن إدارة العالم أصبحت حكرًا على أيدي قوى محددة سماها (الدول الرأسمالية) ، مضيفًا أن معظم دول العالم تعاني من ديون خارجية تفوق إنتاجها. وأضاف : «مجلس الأمن يتخذ القرارات بدلاً عن الجمعية العامة وعليه فالأمم والحكومات المستقلة لا يمكنها الذهاب إلى مجلس الأمن لنيل حقوقها».