اتسمت الأيام الماضية أيام عيد الفطر السعيد بفعاليات ثقافية وترفيهية شهدتها معظم مناطق المملكة . بعض هذه الفعاليات ومنها الأنشطة المسرحية نظمتها واشرفت عليها أمانات المناطق والبعض الآخر أقيم على مسارح المولات والمراكز التجارية الكبرى. لكن المرء يلحظ وبوضوح حضور الفرق المسرحية الخاصة أو المسرح التجاري وغياب فرق جمعيات الثقافة والفنون أو الفرق الرسمية المدعومة من قبل المؤسسات الحكومية . « اليوم « التقت عددا من المسرحيين لمعرفة وجهات نظرهم حول هذا الموضوع ومعرفة أسبابه وفي البدء تحدث المخرج والممثل والكاتب المسرحي محمود شرقاوي معللاً الأسباب قائلاً : لعل السبب الرئيسي في غياب لجان المسرح بفروع جمعية الثقافة و الفنون في الأعياد و المناسبات ، و عدم وجود مسرحيات اجتماعية من انتاجها هو أن التوجه العام في السنين الأخيرة لمسرح الجمعيات لم يعد منصبا على المسرح الجماهيري في المقام الأول ، فمعظم مسرحيات فروع الجمعية أصبحت ذات طابع نخبوي فلسفي يخاطب شريحة المهتمين بالشأن الثقافي و يحاكي مسرح المهرجانات المسرحية الدولية التي تقدم تجارب بالغة العمق أحيانا و تُعنى أكثر ما تعنى بالتجريب في عناصر المسرح ذاتها و ليس بالجذب الجماهيري . في حين ملأت هذا الفراغ -فراغ المسرح الترفيهي في الأعياد و المناسبات. ويضيف شرقاوي : « بعض الفرق الخاصة التي تهتم بالانتشار الجماهيري و تحقيق نجاحات و ذيوع من ناحية و يهتم بعضها بالشق التجاري من ناحية أخرى ، فبالتالي كان تقديم مسرح في هذه المواسم هو الاختيار الأفضل لتلك الفرق الخاصة و أمانات المدن التي اهتم بعضها أيضا بتسجيل حضور ثقافي و ترفيهي عند الجماهير . وطالب شرقاوي في ختام حديثه قائلاً : مطلوب من الجمعيات أيضا دعم تلك الفرق و مساعدتها و مطلوب منها أيضا عدم التغيب في المناسبات رغم ما يُعرف عنها من قلة في الميزانية . أن الحضور في هذه المناسبات غير نخبوي . وهنا لا أقلل من جهود فروع جمعيات الثقافة والفنون بمختلف مناطق المملكة في حين يرى الفنان التشكيلي والمخرج المسرحي صديق واصل والذي سبق أن أشرف على النشاط المسرحي بنادي الوحدة بمكة المكرمة أكثر من 11 عاماً وأخرج عددا من المسرحيات أبرزها مسرحية الهرم المقلوب « عام 1429ه ومسرحية « الهروب الأخير « عام 1430ه وهي من تأليفه واخراجه يقول واصل : في البدء أحيي أمانات المناطق على هذه الجهود المقدرة لإضفاء أجواء المرح والفرح في نفوس الجمهور في أيام العيد والنقطة الأهم أن الجمهور الذي يحضر لمشاهدة المسرحيات هم من العوائل والاطفال حضروا ليستمتعوا من العروض المسرحية الكوميدية والترفيهية بمعنى أن الحضور في هذه المناسبات غير نخبوي . وهنا لا أقلل من جهود فروع جمعيات الثقافة والفنون بمختلف مناطق المملكة فهي تقدم مسرحيات هادفة تخاطب شريحة المهتمين وكما أشار زميلي الفنان المسرحي محمود شرقاوي بهذا الخصوص من أن المسرحيات التي تشتغل عليها فروع جمعيات الثقافة تقدم تجارب مسرحية بالغة العمق وتحضر خصوصاً للمشاركة في المهرجانات المسرحية الدولية وبالتالي هنا عنصر الزمان والمكان يختلف واجمالاً تشكر كل هذه الجهود التي من شأنها أن ترتقي بالمسرح السعودي . فيما يرى المخرج والباحث المسرحي ياسر مدخلي نقاطا مهمة أخرى : هناك نقطة مهمة ننادي بها منذ سنوات وهي ألا تكون جمعية الثقافة والفنون محدودة بالدوام الرسمي الحكومي وان يعمل الموظفون فيها طوال العام لان الموسم الثقافي الذي صنعته السياحة والجهات الاستثمارية نشط والأولى بالجمعية أن تنشط وتستفيد من هذا الموسم جماهيريا وإلا ستبقى على دورها القاصر ويستمر التواصل في وهن وضعف مع الجمهور. والموظفون في الجمعية مستعدون للعمل في موسم الصيف والعيد والدليل وجودهم في مناشط تستثمر الفن والثقافة بشكل أكثر من غيرهم. ويتابع مدخلي : «وأنا أقول دائما كباحث اجتماعي أكاديمي قدَّمت عددا من الأبحاث الاجتماعية الثقافية أن الدور الاجتماعي للجمعية هو الدور الأهم والذي من خلاله تنطلق الجمعية لتحقق وجودها المؤثر ومتأكد من وعي رئيس مجلس إدارتها الجديد الأستاذ سلطان البازعي حيث انه اختير رئيسا لمجلس إدارة الجمعية العربية للمسئولية الاجتماعية مؤخرا، وأجزم بأن العملية الاتصالية فشلت في كثير من فروع الجمعية لأن النظرة الفوقية ليست سلوك فنان ومثقف لذلك يجب ان تصل الجمعية للعامة وللجمهور بكسر نظام الشلة وتوسيع دائرة المستفيدين بعد ان تقلصت واقتصرت على النخبة وكأننا في منظمة حِرَفية متخصصة.