تحاول قوات الاسد طرد مقاتلي المعارضة من حلب حيث قال المقاتلون انهم صامدون وتعهدوا بجعل المدينة «مقبرة النظام». ونفى نشطاء المعارضة ما أعلنته الحكومة من أن قواتها استعادت السيطرة على حي صلاح الدين الذي يقع في جنوب غرب حلب ويمر عبره أوضح طرق تعزيزات الجيش السوري القادمة من الجنوب. وسمع مراسل رويترز أصوات طائرات هليكوبتر تطلق نيران رشاشات ثقيلة على الجزء الشرقي من المدينة امس الثلاثاء للمرة الاولى منذ عدة أيام. وامتلأت المستشفيات والعيادات المؤقتة في أحياء يسيطر عليها المعارضون في شرق حلب بضحايا سقطوا في أسبوع من القتال بالمدينة وهي مركز تجاري كان في السابق بمنأى عن الانتفاضة التي اندلعت العام الماضي ضد حكم الرئيس بشار الاسد. وقال مسعف شاب في عيادة «في بعض الايام نستقبل نحو 30 أو 40 شخصا بخلاف الجثث.» وأضاف «منذ بضعة ايام استقبلنا 30 مصابا وربما 20 جثة لكن نصف هذه الجثث كانت ممزقة الى اشلاء. لا يمكننا أن نتعرف على هويات أصحابها.» وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ان أكثر من مئة شخص بينهم 73 مدنيا قتلوا في سوريا الاثنين. وأضاف أن خمسة مقاتلين من المعارضة قتلوا في اشتباكات مع القوات السورية في صلاح الدين. وقال مقاتلو المعارضة الذين يجوبون المناطق التي يسيطرون عليها في شاحنات رافعين علم «الاستقلال» ذي الالوان الخضراء والبيضاء والسوداء انهم صامدون في صلاح الدين رغم تعرضهم للقصف بأسلحة الجيش الثقيلة وطائرات الهليكوبتر. وقال مقاتل شاب يدعى محمد وهو يتحسس الذخيرة التي يضعها في سترته «كنا نعلم دائما أن حلب ستكون مقبرة النظام... دمشق هي العاصمة لكن لدينا هنا ربع سكان البلاد وكل قوتها الاقتصادية. قوات بشار ستدفن هنا.» لكن تفوق القوات الحكومية على الارض حتى الان حال دون تحقيق المعارضين نجاحا يذكر في الاحتفاظ بمناطق حضرية. وكان المعارضون قد حققوا تقدما كبيرا في دمشق قبل أسبوعين لكن تم انسحابهم . وزعمت الحكومة السورية انها استعادت السيطرة على صلاح الدين. ولم يتمكن صحفيو رويترز في حلب من الوصول الى الحي للتأكد من الجهة التي تسيطر عليه. واتبع الجيش في هجومه على صلاح الدين نفس التكتيكات التي اتبعها في دمشق هذا الشهر عندما استخدم قوة نيرانه الكثيفة . وقوات الاسد عازمة على عدم فقد السيطرة على حلب التي ستكون هزيمتها فيها ضربة استراتيجية ونفسية خطيرة. ويقول خبراء عسكريون ان مقاتلي المعارضة مسلحون تسليحا خفيفا للغاية ويفتقرون لقيادة جيدة مما يجعل من الصعب عليهم التغلب على الجيش الذي تقصف مدفعيته المدينة في أي وقت شاء وتسيطر طائراته على الاجواء. وقال رجل وصف نفسه بأنه المتحدث باسم «ثورة حلب» الاثنين «بالامس كانوا يقصفون المنطقة بمعدل قذيفتين كل دقيقة. لم نستطع التحرك على الاطلاق.» وأضاف : ليس صحيحا على الاطلاق أن قوات النظام في صلاح الدين. وأدى القتال الى توقف النشاط التجاري في حلب التي يعيش فيها 5ر2 مليون نسمة. وبقيت أسواق الخضراوات مفتوحة لكن لا يقبل كثيرون على الشراء. لكن حشودا من الرجال والنساء انتظرت لنحو ثلاث ساعات لشراء كمية محدودة من الخبز المدعم. وفي مدينة تنقسم فيها الولاءات مثل حلب حيث تؤيد قطاعات من السكان حكومة الاسد بدا البعض حذرا من التحدث علانية في وجود المقاتلين الذي جاء الكثيرون منهم من مناطق محيطة بالمدينة. وسئل رجل كان يقف عند مركز للشرطة تضرر بشدة من نيران القصف أي الجانبين يؤيد فقال «لسنا مع أحد. نحن مع الحق.» وعندما سئل أي جانب هو جانب الحق أجاب «الله وحده». وأوقف البعض مقاتلين في الجيش السوري الحر وطلبوا منهم فعل شيء لمواجهة النقص في الخبز والوقود. وما زال مقاتلو المعارضة يسيطرون على قطاعات من المدينة ويتحركون في هذه المناطق وهم مسلحون بالبنادق ويرتدون ملابس مموهة في استعراض للثقة. وأقدم المقاتلون على مهاجمة حلب ووسط دمشق بعد تفجير وقع يوم 18 يوليو وأسفر عن مقتل أربعة من كبار مسؤولي الامن في نظام الاسد. ويتمثل الوجود العسكري الدولي الوحيد في سوريا في بعثة مراقبة صغيرة وغير مسلحة تابعة للامم المتحدة. وقال الامين العام للمنظمة الدولية بان كي مون ان ركب رئيس البعثة تعرض لهجوم يوم الاحد ولم تقع اصابات لان السيارات كانت مدرعة. ولم يقدم تفاصيل أخرى عن الهجوم. وقال مسؤولون من الاممالمتحدة طلبوا عدم ذكر أسمائهم ان الركب الذي كان يضم خمس سيارات تعرض لنيران أسلحة صغيرة بالقرب من تلبيسة الواقعة على بعد نحو 17 كيلومترا عن حمص وفي منطقة قالوا انها تحت سيطرة المعارضة. وقالت فرنسا انها ستطلب عقد اجتماع طارئ لمجلس الامن الدولي في محاولة لكسر الجمود الدبلوماسي بشأن سوريا لكنها لم تشر الى أن روسيا والصين ستتخليان عن سياستهما المستمرة منذ فترة طويلة والتي تهدف لعرقلة أي اجراءات ضد الاسد. وفي لندن قالت الخارجية البريطانية ان القائم بالاعمال السوري خالد الايوبي استقال لانه لا يمكنه بعد الان تمثيل حكومة ارتكبت «مثل هذه الاعمال القمعية والعنيفة» ضد شعبها. وبذلك ينضم الايوبي الى قائمة من كبار المسؤولين السوريين المنشقين. مهاجمة فرع حزب البعث الحاكم في حلب قال ناشطون سوريون إن مسلحي المعارضة شنوا هجوما على فرع حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم والمستشفى العسكري في حلب بشمال سورية امس الثلاثاء ، وذلك مع استمرار القتال في المحافظة لليوم الرابع. وقال أبو عمر الحلبي القيادي في الجيش السوري الحر لوكالة الأنباء الألمانية من حلب إن «الثوار نجحوا في شن هجوم على فرع حزب البعث والمستشفى العسكري وكذلك المحكمة العسكرية في حي المحافظة بحلب». وأضاف أن ستة من مسلحي المعارضة قتلوا في الاشتباكات ، فيما انشق نحو 15 من القوات الحكومية وانضموا إلى صفوف القوات المعارضة. وقال الحلبي إن الثوار يسيطرون حاليا على ما يقرب من 60% من حلب ، مشيرا إلى أن القتال على أشده في حيي صلاح الدين والسكري. يأتي هذا بينما شهدت مناطق أخرى في سورية أعمال عنف متفرقة. ففي دمشق ، دارت اشتباكات عنيفة بعد منتصف الليل في أحياء التضامن والقزاز ومخيم اليرموك، وترافقت الاشتباكات مع سماع أصوات انفجارات. كما دارت اشتباكات في مناطق في كل من ريف دمشق ودرعا ودير الزور وإدلب.