شهدت الدول العربية خاصة السعودية طفرة اقتصادية وتطورات خلال السنوات الماضية بحيث تمّ التطوير في جميع مجالات النقل والخدمات، وهذا جاء بعد تعاظم حجم صادرات المملكة من النفط، وزيادة حركة التجارة البحرية العالمية التي ساهمت في تطوير الموانئ السعودية لتتحوّل لموانئ إقليمية، واستخدام الأساليب التكنولوجية الحديثة لتطوير السكك الحديدية لتنافس دول الاتحاد الأوروبي، وتسعى الآن المملكة في تطبيق النقل متعدّد الوسائط لتقليل التكلفة ولتحقيق ميزة تنافسية وللتعرف على مميزات النقل المتعدد الوسائط، والمعوّقات التي تواجه الدول العربية لتحقيق التكامل الاقتصادي تلتقي (اليوم) بالمهندس فيصل بن علي الزبن مستشار وزير النقل بالمملكة لشؤون النقل. ما رأيكم في الاتفاقية التي وقعتها المملكة مؤخرًا؟ مع الأسف ما زالت الدول العربية تقوم بدراسة الاتفاقية وتم توقيع الموافقة المبدئية من قبل المملكة العربية السعودية والأردن ومصر وسوريا، ولكن ما زالت نحتاج لمزيدٍ من تحليل الدراسة للموافقة على التوصيات، حيث نرى بعض التوصيات قابلة للتطبيق والبعض غير قابلة للتطبيق والبعض غير مناسب ولو أخذت الملاحظات التي قُدّمت من السعودية وبعض الدول العربية تصبح هذه الدراسة مرجعًا للمختصين في النقل البحري والجوي والنقل متعدد الوسائط، وهذا سوف يساهم في تطوير أنماط النقل البحري والجوي والنقل متعدد الوسائط ويساهم في تطوير الخدمات التي لها تأثير مباشر علي أنماط النقل، مثل إجراءات التخليص الجمركي وإجراءات الفحص والمعاينة في الجهات الصحية والزراعية الموجودة في المنافذ. لماذا تمّ اختيار المملكة العربية السعودية لدعم الاتفاقية بين الدول العربية؟ تم اختيار المملكة لدعم الاتفاقية لعدة أسباب، هي أول دولة وقّعت على الاتفاقية والمكانة الاقتصادية للمملكة العربية السعودية مما أضاف للموانئ السعودية أهمية أكبر، والسياسة التي تتابعها المملكة العربية التي أضافت أهمية للمنافذ البحرية والجوية. متى ظهرت إلى الوجود اتفاقية النقل متعدّد الوسائط للبضائع بين الدول العربية؟ عندما بدأت الدول المختلفة تستشعر الأهمية الكبرى للنقل متعدد الوسائط ودوره الرئيسي في نقل التجارة الدولية، وفي ظل الفراغ التشريعي الدولي في شأن تنظيم أحكام النقل الدولي متعدد الوسائط للبضائع بسبب عدم وجود اتفاقية الأممالمتحدة للنقل الدولي متعدد الوسائط للبضائع لسنة 1980 حيّز التنفيذ، حيث لم تستكمل النصاب القانوني اللازم إلا أن من حسن الحظ أن نجحت الجامعة العربية في إصدار اتفاقية النقل متعدد الوسائط للبضائع بين الدول العربية، وجاءت هذه الاتفاقية نتاجًا لدمج مشروعي الاتفاقيتين: مشروع اتفاقية النقل الدولي متعدد الوسائط للبضائع في المشرق العربي الذي تبنّته لجنة الأممالمتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (إسكوا)، مشروع اتفاقية النقل الدولي متعدد الوسائط في إطار جامعة الدول العربية، مجلس وزراء النقل العربي من أجل تعزيز حركة التجارة البينية العربية خصوصًا بعد قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي في جامعة الدول العربية بشأن البرنامج التنفيذي لمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وقد جاء إدماج الاتفاقيتين تنفيذًا لقرار المكتب التنفيذي لمجلس وزراء النقل العرب. لماذا يفضل الشاحنون النقل متعدد الوسائط؟ لعدة أسباب.. فالخدمة يمكن الاعتماد والتعويل عليها من حيث مُعدّل تردّد الرحلات، ومن حيث تنافسية الأسعار ،كما أن البضائع تصل إلى المقصد النهائي لها من خلال برنامج زمني محدّد يشمل وسائط النقل المتعددة المستخدمة في النقل وكذلك للمتعهّدين من الباطن الذين يباشرون أعمالهم في الدول المختلفة، ويتيح نظام متعدد الوسائط للشركات أن تنفذ توقيتاتها العالمية على أساس عندما تتبنى جداول زمنية متكاملة ومحددة تربط بين مخازن الشاحن وبين مراكز التوزيع ،مما يجعل منظومة النقل متعدد الوسائط تعدّ منظومة مثالية وخدمات نظام النقل متعدد الوسائط تخدم السلع والمعدات عالية التقنية، كما أن النظام يوفر ضماناتٍ كافية بحماية البضائع أثناء نقلها ووصولها إلى مقصدها النهائي في حالةٍ ممتازة سواء كانت هذه البضائع مجمّدة أو قابلة الكسر أو المنتجات الكهربائية ذات التقنية الفائقة، وتُعرف الشركات التي تستخدم شبكة النقل متعدد الوسائط كسلسلة إمداد زمن إعادة الشحن في النقاط المختلفة والأثر البالغ لربط رأس المال واحتجازه في نقاط محددة، ولذلك فإن تسريع زمن إعادة الشحن كفيل بربط وتنسيق وصول الإمدادات إلى مصانع التجميع الواقعة في الدول المختلفة وارتباطها الوثيق ببعضها البعض، مما يقلل من تجميد رأس المال المستثمر أثناء عملية النقل وطبقًا لذلك فإن إعادة الشحن السريعة للبضائع تجعل من الممكن على منظومة النقل متعدد الوسائط أن تتجنّب عيوب البُعد عن الأسواق النائية وتجميد رأس المال. هل ينعكس النقل متعدّد الوسائط على التجارة بين الدول العربية؟ بالتأكيد.. فلقد أدى تطور السوق المشتركة الواحدة داخل لاتحاد الأوروبي إلى تنسيق الجمرك الشامل داخل الاتحاد مما أتاح لرجال الأعمال توافر سوق ضخم واحد لا يحدّه أي عوائق أو عقبات تجارية، وينطبق ذلك المثل على منطقة التجارة الحرة لشمال أمريكا (نافتا) والتي تشمل كندا والمكسيك والولايات المتحدةالأمريكية، علما بأن مثل هذه المناطق التجارية الهائلة تفضل بقوة استخدام منظومة النقل متعدد الوسائط التي تزيل كافة الحدود الدولية الأمر الذي ينمّي ويدفع مراكز التوزيع التي يقودها السائق، والتي تعمل من خلال موانئ المحورية والشبكات الرابطة بين مختلف دول العالم،كما أن وفرة التكلفة عن كل مزايا النقل متعدد الوسائط سوف تنعكس علي أسعار «النولون» الشاملة التي يتقاضاها مشغل النقل متعدد الوسائط، وأيضًا في تكلفة التأمين على البضائع المنقولة، وكلما تمّ نقل هذه الوفورات إلى المستهلك النهائي زاد الطلب على المنتجات والسلع وبالتالي على النقل. ما هي معوّقات التكامل الاقتصادي بين الدول العربية؟ إن مشكلة قواعد المنشأ تعتبر من أهم المعوّقات أمام زيادة التبادل التجاري، حيث تنص الاتفاقية على إعفاء السلع ذات المنشأ العربي من الرسوم الجمركية ويوجد بعض من الالتزام في هذا الخصوص، حيث تستفيد بعض السلع والمواد غير ذات المنشأ العربي من المنشأ العربي،كما أن القيود الخاصة بالإجراءات الإدارية والبيروقراطية واشتراط الحصول على العديد من التراخيص والإجراءات والوقت الذي يتطلبه الإفراج عن البضائع يُحمّل المصدّرين تكاليف إضافة المغالاة في التعريفات الجمركية بالدول العربية خاصة غير النفطية ،تعتبر من أعلى المعدلات في العام وتتراوح نسبة ضريبة الجمارك إلى الواردات ما بين 34-49 بالمائة مما يجعلها من أعلى المعدّلات في العالم، ومما يؤدي إلى ارتفاع التكلفة ومن ثمّ تحويل التجارة في حين أن خفض التعريفة الجمركية وإزالة العقبات الكمية والنوعية يؤدي إلى زيادة التجارة وهو الهدف من الانضمام إلى التكتل الاقتصادي. ما هي اقتراحاتكم لإنجاح التكامل الاقتصادي العربي؟ التحدّي الكبير أمام الدول العربية لتحقيق حلم السوق العربية المشتركة يتطلب تفعيل التعاون التجاري والإسراع في تنفيذ الاتفاقيات، ولابد من إدخال تجارة الخدمات حيث أصبحت تمثل جزءًا لا يُستهان به،كما أن العائد المتوقع من هذه التجارة يفوق بكثير العائد من تجارة السلع،كما أن تخصيص بعض الدول العربية في هذا القطاع والاعتماد على باقي الدول في سد احتياجاتهم أمر غير مستحيل ويؤدي الاستفادة من المقوّمات المتاحة ويدخل ضمن نطاق الخدمات السياحية، التأمين، النقل، الصحة، والبنوك. ماذا عن المشروعات المستقبلية لوزارة النقل بالمملكة، وما مدى فعالية القطاع الخاص في المشاريع السعودية؟ المملكة العربية السعودية من أولى الدول التي اعتمدت على القطاع الخاص في تنفيذ جميع المشاريع، ويلعب القطاع الخاص دورًا قويًا، والدولة أوجدت له قواعد أقوى، ولم يعُد القطاع الخاص يشارك في التنفيذ بل أصبح يساهم في دراسة وإدارة المشاريع، وهذا تطوير واضح جدًا خاصة فيما يخصّ مشاريع المرافق العامة، أما عن المشروعات المستقبلية فالوزارة لديها خُطط خمسية لتطوير النقل البري والبحري، ونركّز الآن على النقل متعدّد الوسائط لما له من دور فعّال في زيادة حركة التجارة البينية بين الدول العربية، لأنه يساهم في تقليل الوقت والتكاليف مما يخلق ميزة تنافسية للمنتج العربي.