ونتابع اليوم الحديث عن الانعكاسات السلبية للتستر التجاري على التحويلات المالية وسعر العملة السعودية مقابل العملات الأجنبية، فالوافدون يسعون لتحقيق الأرباح بأسرع وقت وأعلى نسبة ممكنة من خلال توظيف الأيدي العاملة الوافدة التي تنافس الأيدي العاملة السعودية من حيث الأجور، وذلك في ظل غياب الأنظمة التي تحدد المستوى الأدنى للأجور. وبطبيعة الحال فإن الأيدي العاملة الوافدة تكسب الحد الأدنى من الأجور في المملكة لأنها تعتبر مرتفعة بالنسبة للأجور في بلدانها، بل ان الكثير من الوافدين لا يملكون القدرات والمهارات الكافية التي تؤهلهم للحصول على عمل في البلدان التي قدموا منها. وبصراحة لا نبالغ إذا قلنا ان المملكة أصبحت أكبر ورشة في العالم من حيث تدريب العمالة الوافدة . وأعتقد أنه من المناسب توطين الوظائف العليا والوظائف التي تتطلب مهارات عالية ليجد السعوديون من يدعم توطين الوظائف في المستويات الدنيا. فبقاء العمالة الوافدة في الوظائف العليا لا يساعد على توطين الوظائف الدنيا لأن الغالبية العظمى من الذين يشغلون الوظائف العليا يحاربون سعودة الوظائف بشكل أو بآخر. وتشير الدراسة التي أجرتها الغرفة التجارية الصناعية لمدينة ينبع لعام 2002م إلى أن حجم التحويلات المالية للعمالة الوافدة بلغ أكثر من 70 مليار ريال سعودي سنوياً، لذا أرى أن الأمر يستوجب التوجه الاستراتيجي الصحيح لتوطين الوظائف في مختلف المجالات والمستويات الوظيفية. وأعتقد أنه من المناسب توطين الوظائف العليا والوظائف التي تتطلب مهارات عالية ليجد السعوديون من يدعم توطين الوظائف في المستويات الدنيا. فبقاء العمالة الوافدة في الوظائف العليا لا يساعد على توطين الوظائف الدنيا لأن الغالبية العظمى من الذين يشغلون الوظائف العليا يحاربون سعودة الوظائف بشكل أو بآخر. وعندما اخترت كلمة يحاربون فإنني أقصد بذلك الحرب النفسية والمعنوية التي تجعل السعوديين يتركون العمل تحت وطأة هذه الإدارات التعسفية التي لا يهمها شأن السعوديين بأي حال من الأحوال. هذا ما حدث في الماضي قبل تأسيس الهيئة العامة للاستثمار، لكن ما يحدث اليوم أعظم مما سبق في نظام اقتصادي يحتاج لأنظمة ولوائح تنظم الأجور وتحفظ حقوق المواطنين لكسب العيش الكريم. ويلعب المواطن دوراً كبيراً في التستر التجاري حينما يسمح للوافد باستخدام سجله التجاري مقابل مبلغ مالي زهيد يتقاضاه بنهاية كل شهر أو سنة حسب اتفاقية التستر المبرمة بينه وبين الوافد. وهنا يلعب وعي وحس المواطن دوراً كبيراً لوضع نهاية لمثل هذه التصرفات غير الأخلاقية والخطيرة التي تضع اقتصادنا وأبناءنا وبناتنا في سجلات البطالة، بل يرتكب البعض منهم الجرائم بدافع الحاجة الماسة للقمة العيش، وهذا ما تشير إليه سجلات الأمن من تصاعد ملموس لجرائم السرقات والجرائم غير الأخلاقية الأخرى. وسأكمل الحديث عن هذه المشكلة في الأسبوع القادم إن شاء الله. جامعة الملك فهد للبترول والمعادن [email protected]