ذكرت وكالة التصنيف العالمية «موديز» قبل عدة أسابيع أن خروج اليونان قد يهدد مستقبل العملة الموحدة «اليورو»، فمصير العملة «كان» مهددا بالزوال لو رفض اليونانيون التصويت لصالح قبول الخطة الاوربية للدعم وذلك سيعود باليونان لعملتها القديمة «الدراخمة» عوضا عن اليورو مما قد يشجع دولا «كبرى» أخرى مثل ايطاليا واسبانيا «ثالث ورابع اكبر اقتصاديات أوروبا» على ترك اليورو وإعادة عملاتها السابقة، مما سيكلف المستثمرين في سندات تلك الدول كثيرا وخاصة تلك الدول التي لطالما عول عليها المستثمرون وراهنوا على بقائها في الاتحاد وإعادة ترتيب أوضاعها الاقتصادية بما يتوافق مع شروط الدعم الأوروبي، ولذلك تأمل إيطاليا ودول أخرى أن تستطيع الدول الأعضاء اصدار سندات «اوربية» موحدة تخفض تكلفة الاقتراض التي ارتفعت مؤخرا بشكل كبير نتيجة ضعف النمو وزيادة معدلات الاقتراض مقارنة بالناتج القومي، لكن ألمانيا ترفض هذا الإجراء الذي سوف يزيد عليها تكلفة الاقتراض ويزيد من معدلات ديون الدول الضعيفة الملاءة والتي لم تحسن من ادائها المالي والاقتصادي، ولتتضح الصورة فألمانيا باعت «مؤخرا» سندات حكومية تستحق خلال خمس سنوات بعائد 0.41% وبنسبة تغطية 1.6 مرة بينما باعت البرتغال - في نفس الفترة تقريبا - سندات خزانة حكومية بعائد 10.53% تستحق خلال 12شهرا! ، وهنا يظهر البون الشاسع في مستويات الثقة في السندات الحكومية بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. لكن السؤال الذي يتبادر إلى ذهن الكثير من المهتمين بالشأن الاقتصادي هو: ما هي الأسباب التي قد تدفع بعض الدول للتخلي عن اليورو والعودة لعملاتها السابقة؟ والجواب هو أن التخلي عن اليورو وإعلان الإفلاس سوف يُسقط كل الديون المستحقة على البلد وبالتأكيد سوف تطلب البنوك المحلية الإفلاس لعدم قدرتها على الوفاء بالديون الضخمة المستحقة عليها في ظل افلاس البلد الأم لها وتخليه عن اليورو مما سيجعل تقييم العملة الجديدة ينخفض بمقدار يتراوح بين 50-80 بالمائة، وتأثيرات هذا الانسحاب لا يمكن تقييمها لأن اسقاط الديون قد يترتب عليه افلاس بنوك كبرى في دول أخرى وقد يؤدي إلى تدهور الوضع المالي لدول مثل فرنساوألمانيا، ولكن ماذا سيحدث لليونان - على سبيل المثال - لو انسحبت وانخفضت قيمة عملتها الجديدة؟ ربما ستدخل البلاد في مرحلة لا استقرار لمدة سنتين تبدأ بانكماش الناتج المحلي بحوالي 10% في السنة الأولى ولكن نمو الناتج المحلي سيكون اسرع بكثير من مرحلة بقائهم في منطقة اليورو وذلك نتيجة «رخص» المنتجات اليونانية المقيمة بالعملة الضعيفة وزيادة أعداد القادمين للسياحة لانخفاض التكلفة، ولكن سوف ترتفع قيمة المنتجات الخارجية على اليونانيين مما سيقلل من الاستهلاك المحلي لها مقارنة بالمنتجات المصنعة محليا. ختاما: جميل أن يكون لدينا اقتصاد داخلي قوي بعيدا عن التأثر بعوائد السندات الخارجية بشكل مباشر أو حتى أسعار النفط.