يصح القول ان المهاجم الاسباني القناص فرناندو توريس غرف من مقعد الاحتياط في ناديه الانجليزي تشلسي، وانتصر على ذاته، بإرادة حديد ترجمها في ارض الملعب، سواء في الدقائق القليلة التي أشركه فيها المدرب الايطالي روبرتو دي ماتيو امام بايرن ميونيخ الالماني في معقل الاخير بملعب «أليانز أرينا» اذ لعب الكرة التي جاءت منها الضربة الركنية الاولى واصابة التعادل التي أهدت الكأس لاحقًا الى الفريق الانجليزي. والى دوري ابطال أوروبا، صبر توريس المبعد قبلها عن تشكيلة اسبانيا بطلة العالم، علما أنه كانت له اليد الطولى في احراز «لاروخا» لقبه الثاني الرسمي الكبير بطلًا لأمم أوروبا في النمسا عام 2008، هو الذي سجّل اصابة الفوز في مرمى الحارس الالماني ينس ليمان في المباراة النهائية. توريس تعلّم الكثير، وكوّن فلسفة عنوانها التواضع والالتزام بمعايير اللاعب المحترف، المنضبط تمامًا وغير المتذمر ايًا كان مكانه في الملعب. كبر «الصبي» الاشقر، وأدرك انه لا بد من ان يأخذ فرصته. وصرّح بعد تسجيله اصابتين في الشباك الايرلندية بأنه ملتزم تعليمات المدرب فيتسنتي دل بوسكي، بصرف النظر عن موقعه سواء في الملعب أو في مقعد الاحتياط فلعب بعدها امام كرواتيا وغاب امام فرنسا والبرتغال. جاء كلام توريس ردًا على شكوى الالماني طوني كروس من اشراكه قليلًا في مباريات «المانشافت»، الامر الذي استدعى ردين سريعين عليه، أولهما من مدير المنتخب أوليفر بيرهوف، والثاني قاسٍ على طريقة «الباب اللي بيفوت جمل» من المدير الفني يواكيم لوف. يقينًا، لو شهدت الصفوف الهولندية قماشة من طراز توريس لما تحوّل البرتقالي مادة للعصير من منتخبات المانيا والدانمارك والبرتغال، ولتفادى خروجًا مبكرًا مثقلًا بأذيال الخيبة. توريس قالها صراحة:»انا في الخدمة»، هو الذي صبر ونال في تشلسي، بعدما قرر الرحيل عن ليفربول سعيًا وراء تلك الكأس الفضية ذات الكيلوجرامات السبعة. فرناندو توريس صاحب الصفقة التي هزت «البريمييرليج» في انجلترا قبل عام ونصف العام حين انتقل من «الريدز» الى «البلوز» مقابل 50 مليون جنيه استرليني جلس كثيرًا على مقاعد الاحتياط ولم يتذمر يومًا بل جل ما قام به اجتماعًا مع مسؤولي نادي تشلسي لمعرفة مصيره في النادي. تخيّلوا لو كان لاعبا في ملاعبنا العربية كان نجما وتحول الى مقاعد الاحتياط لكان هاج وماج وسير خلفه كل وسائل الاعلام لأن مديره الفني وضعه على مقاعد الاحتياط ناهيك عن التشاحن على الارقام وشارة القائد ايضا. الصبر والمثابرة أعطياه الكثير، وإن أخذا منه أجمل الاوقات... وستكون الغلبة ل»النينيو» في النهاية. [email protected]