بدأت السودان تشهد تحركات شعبية متزايدة، مناوئة للنظام العسكري، الذي يحكم منذ 23 عاماً، بقيادة الفريق عمر البشير، حيث تحولت الاحتجاجات ضد الغلاء، إلى «ثورة ضد الفساد»، ويصر نظام الخرطوم على استخدام القوة، لوأدها في مهدها. وبادر نظام الخرطوم كغيره من العديد من النظم الحاكمة في الدول العربية كما تقول «سي ان ان» إلى اتهام «أطراف خارجية» بإشعال الأوضاع، وضرب الاستقرار في السودان، ليبرر لنفسه، وبعض حلفائه، استخدام مختلف أساليب القمع ضد المحتجين المدنيين، على اعتبار أنهم «يقومون بتنفيذ مخطط خارجي». وتصاعدت الدعوات لرحيل البشير عن الحكم، مع تدهور الوضع الاقتصادي الذي أجبر الحكومة على إجراء خفض كبير في النفقات، ورفع الدعم عن الوقود، ما دفع المحتجين للنزول إلى الشوارع، للتعبير عن رفضهم سياسة «التقشف» الحكومية. ورد البشير بوصف المشاركين في الاحتجاجات بأنهم «قلة»، و»شذاذ الآفاق». كما هدد بإنزال «مجاهدين حقيقيين» للتصدي لهم، في الوقت الذي تحدث فيه ناشطون عن انتشار ملحوظ لقوات الأمن بشوارع الخرطوم، إلى جانب عناصر «الرباطة» وهو تعبير سوداني يقابل «الشبيحة» و»البلطجية» في دول عربية أخرى، إلا أن المحتجين السودانيين الذين انضموا إلى غيرهم من شعوب المنطقة، فيما يُعرف ب»الربيع العربي» بدأوا إطلاق أسماء مختلفة على مظاهراتهم في أيام الجمعة، كما يفعل المصريون في ميدان التحرير، والسوريون في مختلف المدن والبلدات السورية. وخرجت مظاهرات الجمعة الأولى، في 22 يونيو الجاري، تحت اسم «جمعة الكتاحة»، وهي كلمة سودانية تعني «الرياح العاتية المصحوبة بالغبار»، إلا أن قوات الأمن السودانية، التي تلقت أوامر حكومية ب «سحق» الاحتجاجات، تمكنت من تفريق المتظاهرين باستخدام الرصاص المطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع. وجاءت احتجاجات الجمعة الثانية، في 29 من نفس الشهر ، تحت عنوان «جمعة لحس الكوع» التي تصدت لها قوات الأمن أيضاً بالقوة، وسط أنباء صادرة عن الأممالمتحدة بأن السلطات السودانية احتجزت قادة المعارضة، وأجبرتهم على توقيع تعهدات بعدم المشاركة في أي احتجاجات.