كنت في انتظار نداء العيادة الطبية لي، في أحد المشافي، وكان قبلي شخص ينتظر دوره، فنادتني الممرضة، فأخبرتها أن الرجل قبلي وهو أحق، فقالت انها نادته ثلاث مرات ولم يجب، وأنها تعتقد أنه في انتظار أحد أقاربه، فذهبت معها إلى الطبيب، وبعد خروجي مررت به فسلمت عليه ولم يرد السلام، وكررتها مرة أخرى ولم يرد، فناديت الممرضة وأخبرتها، بأن هذا الرجل ربما يكون فاقد السمع ولا يستطيع الكلام، فطلبت إليه بحركة يدي أن يعطيني ورقة الموعد، فأدركت أنه (أصم وأبكم)، وكانت الممرضة تنظر إليه مستغربة، ومكثت بجانبه لا أستطيع التفاهم معه، لأني أجهل لغة الإشارة، حتى نادته الممرضة بإشارة من يدها ليرافقها إلى الطبيب فصحبتهما، وسلمت على الطبيب وأخبرته بحالة هذا المريض، ومن ثم غادرت حزينا على هذه الفئة الغالية التي تشكل أكثر من 4% من سكان المملكة. وتوافدت على مخيلتي صور عديدة لمعاناة الصم والبكم، وتساؤلات حول كيفية التعامل معهم لتلبية حاجاتهم من قبل مؤسسات المجتمع السعودي، فمن ينظر إلى أي منهم لا يخطر بباله أنه أصم أبكم، ولقد تصورت معاناتهم في قضاء حوائجهم في السوق، وفي الشارع، وفي المطارات أثناء السفر وهم لا يسمعون النداء ولا أحد يفيدهم بإقلاع الطائرة، ومعاناتهم أثناء الحوادث، وفي المستشفيات وفي المحاكم الشرعية وغيرها من الأمور الحياتية. إنها معاناة حقيقية بل مأساوية. ولمعالجة معاناة الصم والبكم، فإنني أتوجه إلى أولياء أمورهم وإلى الجمعية السعودية للصم، وإلى وزارة الثقافة والإعلام، وأجهزة التعليم العام والعالي مقترحاَ: إصدار الجمعية السعودية أو الأسرة بطاقة بلاستيكية مكتوب عليها: (اسم الشخص، وعنوانه السكني وهاتف أسرته، وعبارة: أنا أصم أبكم، ساعدوني)، ليعلقها على صدره دائما حين خروجه من المنزل، إن هذه البطاقة تشكل أهمية قصوى لكل من يتعامل معهم الشخص المعاق رجلا كان أو أمرأة في مختلف المؤسسات وهي وسيلة استراتيجية لتقديم الخدمة لحاملها. قيام وزارة الثقافة والإعلام من خلال الفضائية الثقافية، بتخصيص برنامج ثقافي موجه إلى فئة الصم والبكم، في أوقات مناسبة لهم بالتعاون مع الجمعية السعودية للصم، وبرنامج ثقافي من خلال جميع الفضائيات السعودية ووسائل الإعلام الأخرى بهدف نشر ثقافة التعامل مع هذه الفئة وغيرها من ذوي الحالات الخاصة. قيام وزارة التعليم والجامعات السعودية بتسهيل قبول الصم والبكم من الجنسين وغيرهم من المعاقين لإكمال دراستهم في فصول دراسية ملائمة لحالاتهم، وتطوير الأقسام الأكاديمية لأعداد المتخصصين في تعليمهم من الجنسين . فتح أقسام مهنية في كليات العلوم التقنية ومعاهدها لتعليمهم المهن التي تعينهم لكسب رزقهم وظيفيا وميدانيا كالحلاقة الرجالية للرجال والحلاقة النسائية للنساء والخياطة للجنسين والحرف الأخرى كالديكور والنجارة وأعمال الطلاء وغيرها. توفير الأجهزة السمعية المناسبة للصم والبكم وتسهيل الخدمات الصحية والبنكية والأمنية وغيرها لهم. [email protected]