يلخص جاري لينكر مهاجم منتخب انجلترا في الثمانينات مباريات كرة القدم بأنها عبارة عن اجتهاد يمتد لتسعين دقيقة يفعل خلالها المنتخب كل شيء، يهاجم، يدافع، يُسجل، يخادع، يتقدم، ثم عند نهاية الدقائق التسعين يفوز «الألمان». جاء هذا التلخيص بسبب ما اذاقته المنتخبات الألمانية نظيراتها الإنجليزية في تلك الحقبة كل انواع علقم الهزيمة قبل أن يتغير الوضع بعض الشيء على أيام ألان شيرار فكان خروجا مؤقتا عن النص وتثبيتا لقاعدة لكل نظرية شواذ. هذا التلخيص قد يتكرر في الدور نصف النهائي لكن قبل هذا وذاك على من خلف «لينكر» في حمل شعار الأسود الثلاثة أن يجد السبيل هذا اليوم في تسجيل اول انتصار رسمي على منتخب ايطالي منذ كان «لينكر» في ربيعه الثامن عشر وهو اليوم تجاوز الخمسين. حتى ذلك الانتصار الذي تحقق ضمن تصفيات كأس العالم ثمانية وسبعين والتي جرت نهائياتها لاحقا في الأرجنتين لم يشفع للانجليز في حضور المونديال. منذ ذلك الحين إيطاليا تقسو على الانجليز، تارة في النهائيات الأوروبية وتارة أخرى في نهائيات كأس العالم، وعندما كان موعد آخر مواجهات رسمية بين المنتخبين تأهلت انجلترا لنهائيات كأس العالم في فرنسا ثمانية وتسعين من البوابة الإيطالية دون ان تحقق على «الأزوري» الفوز في مباراتين، وبعدها بحين لحقت ايطاليا بالانجليز من بوابة الملحق الاوروبي فيما افلحت انجلترا فعلا في ترك بصمة الحسرة والألم والخيبة على محيا الإيطاليين. قد تكون مواجهة اليوم على الملعب الاولمبي في العاصمة كييف هي الأكثر تقاربا من حيث المستوى بين المنتخبات الثمانية التي زينت المواجهات الاربع في الدور الثاني ولهذا السبب اردت الاسهاب في عرض تاريخ لقاءات المنتخبين لان العقدة الانجليزية واقعية عندما يحضر الطليان وما قدمه المدرب روي هدجسون حتى الآن وإن كان مفاجئا من حيث النتائج فانه بالواقع تحقق الى حد كبير بسبب عدم لقاء الانجليز منتخبا له وزن قد يكشف عيوب المدرب ولاعبيه الذين ينتمون الى خيرة اندية الدوري في انجلترا لكنهم في الامتحان الدولي لم يُثبتوا حتى الآن انهم من معدن الغالي النفيس الذي يجعلهم في مصاف خيرة الأبطال. الإعلام الانجليزي يطبل ويزمر ويُكبر بلاعبي المنتخب وهو أسلوب امسى مملا لان نهايته معروفة، مع الإشارة ان هذا الإعلام متوقف بامتياز عن الحديث عن أي فضائح في معسكر الانجليز دون ان يعني هذا ان هذه الفضائح غير موجودة، لكنها مجرد مسألة وقت وتصبح هي العنوان عندما يسقط «أبو ناجي» قبل بلوغ الاختبار النهائي. الإعلام الإيطالي بدوره اخذ اجازة من التركيز على فضيحة التلاعب بالنتائج المحلية وصحافته تمجد المدرب برانديللي وتتغزل بفلسفته بدعوى انه لا يخاف اعتماد الاسلوب الهجومي. صحافة انجليزية إيطالية تبيع الكلام من خلال السباحة مع التيار، وحتى يحين موعد الاقتراب من الشلال حيث السقوط وانكشاف المستور حينها يحلها ألف حّلال. مهما جاءت نتيجة مباراة اليوم فإن نظرية «لينكر» في الدور نصف النهائي ستُثبت نجاحها مجددا إن تأهل الانجليز أو فاز الطليان.