يُحكى ان رجلا ناجحا في كل شيء، في علمه وحكمته وصحته وعلاقته مع بني جنسه لكنه اذا ما وُضع على المحك فرط في لمح البصر حتى كاد يضيع كل شيء. ذهب صاحبنا يوما الى حكيم طالبا النصح. وبعدما قص عليه تفاصيل «علته» أجابه الحكيم بالحرف الواحد: «علاجك معي ولكن عليك ان تتبعه دون جدال او مخالفة تفاصيله ولو بحبة خردل». انفرجت اسارير صاحبنا وتوسم خيراً. قال الحكيم: «سأعطيك قطعة نقدية كلما اردت ان تُقدم على فعل او عمل، ارمها عاليا في الهواء حتى تسقط على أحد وجهيها، حينها انظر اذا كانت صورتها هي الظاهرة فاذهب واتمم العمل على بركة الله. أما اذا آلت القطعة صوب نقشتها فإياك والبدء بذلك العمل فإنه منقلب سوء والعياذ بالله». وما كاد الحكيم ينتهي من هذه الكلمات حتى ذيّلها بتحذير لصاحبنا وتذكير حيث قال: «يا عبدالله، انني اذ أعطيك هذه القطعة النقدية انما اذكّرك واحذرك اذا ما رميت القطعة النقدية واستقرت على حلها فاياك ثم اياك أن تقلبها لتنظر الى جهتها الأخرى فان هذا يعني حياة بؤس وشقاء ما حييت، وليس من بعده علاج ولو توقفت عن العمل بما لديك». فرح صاحبنا بهذا العلاج ووعد الحكيم باحترام تحذيره وانقلب الى اهله مسرورا. في اليوم التالي جاءه المدد بصفقة تجارية عرف انها رغم مخاطرها فان ارباحها واقعية وهي ستفتح له آفاقا جديدة. تذكر المحك وبدأس الوساس ينخر مخيلته وأخذت مخاوفه تتلاعب كريشة في مهب الريح يمينا وشمالا، وفجأة فإذا به تذكر العلاج. ذهب الى غرفة مجاورة ليكون وحده واخرج القطعة النقدية من جيبه ورماها عاليا فاذا بها وهي مستقرة على الارض تبتسم له صورتها الظاهرة فاستبشر خيرا وتوكل على الله وخرج مهرولا ليعقد الصفقة. في غضون أيام ظهرت النتائج فاذا بها مذهلة اضعاف مضاعفة مما توقع للوهلة الاولى. ليس من متسع لمزيد من التفاصيل سوى القول انه واصل هذا العلاج واحترم التحذير وظل على حاله ثلاثين عاما مزدانا بنجاحات لا مثيل لها. بعد كل هذه الاعوام التقى صاحبه الحكيم فشكره شكرا جزيلا على علاجه. حينها قال له الحكيم: «هل مازلت تحتفظ بالقطعة النقدية؟». فأجاب صاحبنا: «نعم ها هي». قال له الحكيم:» اقلبها الآن»، ففعل فأصابته الصاعقة. القطعة النقدية وجهها كظاهرها. أردت بهذه القصة مدخلا لمباراة اليوم الإسبانية الفرنسية وهي التي كانت نتيجتها دائما عندما تكون رسمية، فرنسية او على الأقل لا تكون فيها الغلبة إسبانية. اليوم في مدينة دونيتسك اسبانيا ليست بحاجة لكسر نحسها الفرنسي بقطعة نقدية فالأخذ بأسباب النجاح يقلل كثيرا من الاتكال على الأمور المعنوية ويقطع الطريق مبكرا على كل من ظن وربما مازال أن «الدنبوشية» هي السبيل لكسر شوكة الخصم.. المسألة ببساطة اخذ بأسباب النجاح وإيمان بالإمكانات الشخصية.