يقف المنتخب الألماني اليوم قريبا جدا من انجاز لم يحققه قط خلال مغامراته الاوروبية رغم تتويجه بطلا في ثلاث مناسبات. الألماني ما افلح قط في تحقيق اربعة انتصارات متتالية وهو الذي سجل حتى الآن تسعة عشر انتصارا منذ بدء تنظيم النهائيات على شكل مجاميع قبل اثنين وثلاثين عاما. يومها في العام ثمانين على الملاعب الإيطالية كاد الألماني يزين احرازه لقبه الثاني بخمسة انتصارات متتالية لولا التعادل الذي كان حينها كافيا لبلوغ المباراة النهائية. ولعل من المفارقات الطريفة ان الذي أفسد الدرجة الألمانية الكاملة في تلك النهائيات هو نفسه منتخب اليونان الذي كان قد تأهل للمرة الاولى للنهائيات. يومها قال رأس حربة الهجوم الألماني هورست روبيش: "إن المدرب الراحل يوب ديرفال استاء ايما استياء مني شخصيا بسبب اخفاقي في تسجيل ولو هدف وأنا الذي اضعت اهم فرصة تلك المباراة". اليوم بعد اثنين وثلاثين عاما ليس هناك أفضل من هذا التوقيت للمواجهة الألمانية اليونانية الثانية حيث الأزمة الخانقة التي تعيشها شرائح المجتمع اليوناني بسبب سياسات التقشف المفروضة من دول الاتحاد الاوروبي بقيادة ألمانيا، الأمر الذي جعل كثيرا من الصحف المحلية اليونانية، خصوصا اليمينية منها تُصور اللقاء معركة من معارك المصير. معركة الفقير في مواجهة الغني، المستضعف في وجه الجبروت. فنيا اليونان بالتأكيد بحاجة الى معجزة لتخطي الخصم الألماني الذي قدم حتى الآن عروضا واقعية أهلته فعلا لكسب مفاهيم النضوج، تلك المفاهيم التي غابت عنه خلال السنوات الماضية وهو يبني المنتخب الحالي بقيادة المدرب يواكيم لوف. ألمانيا تدخل اللقاء وليس لديها اصابة واحدة بين صفوف لاعبيها. الاساسي جاهز والبديل جاهز والخطة موضوعة بكل بساطة نلعب لنفوز. اليوناني بدوره لا يملك أي عنصر مفاجأة يمكن ان يقدمه للبطولة فهو وإن تغير الكادر التدريبي من الماني الى برتغالي فان اليوناني هو نفسه اليوناني يلعب برتابة قد تمتد لثمانين دقيقة وفيما تبقى من دقائق يحاول توزيعها بشكل متساو ليصنع نصف فرصة مراهنا بشكل اساسي على الضربات الثابتة لتحقيق شيء من كثافة عددية داخل منطقة جزاء الخصم. لا يمكن لأي طرف محايد التعاطف مع اليونان ولو لبست خارج مفاهيم الكرة لباس الفقراء والمغلوبين على امرهم فَكُرتهم خالية فعلا من الفكر التجديدي الذي زين كثيرا من عروض منتخبات خسرت فعلا لكنها ظلت بشجاعتها خالدة في ذكرى المتابعين لها. فقط للإشارة أن ألمانيا تخوض فعلا مباراتها الرابعة في النهائيات الحالية لكنها المرة الأولى التي تلعب على الارض البولندية وهذا هو الشيء الوحيد الذي يتفوق به اليوناني على الألماني قبل المباراة، أما بعدها فسيفرض المنطق نفسه ويُكفر الألمان عن خطيئة هروبيش ولو بعد اثنين وثلاثين عاما، وينتظروا على أحر من الجمر إيطاليا او واين روني على ملعب أوسع وهدية أكبر للفائز في موقعة وارشو في الثامن والعشرين من الشهر الجاري... بطاقة المشاركة في المباراة النهائية.