منذ ان أطلت الكرة الألمانية بكل ما تعني هذه الكلمة من قوة واصرار وعناد ومطاولة والقاب ونتائج على وجه النهائيات الاوروبية قبل اكثر من اربعين عاما مضت، لم تنجح منتخباتها في انهاء منافسات الدور الاول بانتصارات ثلاثة ودرجة كاملة، حتى عندما احرز الالماني اللقب في إيطاليا قبل اثنين وثلاثين عاما وبعدها بستة عشر عاما على الملاعب الانجليزية. يومها تعثر الألماني في الدور الاول بتعادل سلبي امام اليونان وإيطاليا على التوالي. لطالما كانت الفلسفة الألمانية، الحرص الشديد في الحفاظ على مصادر القوة وتفادي كشف الأوراق مبكرا بدعوى "إرهاب الخصم" أو كسب ود المحايدين من خلال تزيين مبارياتها بوفرة الأهداف وجمالية الاستعراض. لطالما كان فلسفة المدربين الألمان الذين اشرفوا على تدريب المنتخبات الالمانية التقطير في العطاء حتى اذا ما بلغت المنافسات من الأهمية درجة عالية يكون على قدرها العطاء. كلهم فعلوا مع الألمان هذا الاجتهاد الا عندما حقق "المانشافت" لقب بطولة العالم في ايطاليا قبل اثنين وعشرين عاما بقيادة الثعلب الماكر لوثر ماثيوس والمدرب فرانز بيكنباور الذي قدم بعدها استقالته بدعوى انه لم يعد لديه ما يقدمه مع المنتخب. اليوم ألمانيا كسرت التقليد وعوضا عن الاكتفاء بالتعادل امام الدانمارك الذي كان يكفيها لصدارة المجموعة والتأهل بلا عناء، حرصت ان لا تترك لأي مفاجأة محتملة هامشا بهدف دانماركي يأتي صدفة فتخرج مبكرا خاوية الوفاض وقد يكون كابوس الخروح حينها سببا لخسارة حتى المدرب الشاب يواكيم لوف المرشح بقوة ان يبقى لا لسنة في قيادة المنتخب ولكن لسنوات مقبلة. على الطرف الآخر كل هذا الكلام قد يتبخر كتبخر الأحلام في زمن الحروب والدليل قصة الجار الهولندي ومدربه الذي حقق معه عددا قياسيا من الانتصارات، بيرت فان مارفيك قبل أن يُمسي في غضون عشرة ايام اول مدرب في تاريخ هولندا يتعرض لثلاث هزائم متتالية في الاختبار الاوروبي وهو الذي تأهل لهذه النهائيات بتسعة انتصارات وهزيمة يتيمة. المجموعة الثانية اراد البعض تسميتها "مجموعة الموت"، ونتائجها اثبتت انها اسم على مسمى فلا تعادل حضر ولا تعادل بلا اهداف شوه الشكل النهائي للمباريات. هدية المتأهلين عن هذه المجموعة ان الطريق الى الدور النصف النهائي بات الى حد كبير مفروشا بالورود بل ان البرتغالي بوسعه وهو يمشي في ذلك الطريق ان يرد شيئا من الجميل للتشيك بعد ما جرى بينهما قبل ستة عشر عاما في نفس الدور ونفس البطولة ولكن طبعا ليس بنفس المكان. الألماني طريقه المفروش بالورود لن يقف عند حدود الدور الثاني بل سيمتد الى النهائي وربما الى ما بعد النهائي والسبب بسيط لانه لن ينتظر اخطاء الآخرين ليتقدم الى الأمام انما يصنع بنفسه خارطة الطريق له ولمعظم منافسيه، اللهم الا اذا حضر فيرناندو توريس واندرياس انيستا في النهائي حينها قد نشهد من يعترض بصوت عال على الألمان من أن يصنعوا لهم خارطة طريق.