هذا هو عنوان الكتاب النقدي الثاني للشاعر والناقد محمد الحرز بعد كتابه النقدي الأول «شعرية الكتابة والجسد» الذي صدر في 2005م. ورغم أن الحرز يجمع في إهابه ما بين الشاعر والناقد إلا أن حضوره النقدي قد غلب على حضوره الشعري لدى البعض لطغيان وهيمنة الصوت النقدي والنثري عموما على الصوت الشعري الذي ما فتأ يهن ويتضاءل وهجه. إلا أن ذلك لا ينفي أنه واحد من أبرز الأصوات الشعرية التي بزغت في تسعينيات القرن العشرين، وقد أصدر حتى الآن ثلاث مجموعات شعرية كان آخرها «أسمال لا تتذكر دم الفريسة» ضمن سلسلة دار النهضة العربية في 2009م. لا يقدم الحرز في كتابه هذا ولا في كتابه النقدي السابق نقداً أكاديمياً تقليدياً. كما أنه بعيد بلا شك عن النقد الصحفي السريع الذي يقرأ و»يستخدم لمرة واحدة»، فكتاباته تعكس عمقاً معرفياً واطلاعاً واسعاً ووعياً متقدماً يتلمس القارئ ملامحه حين يقرأ مقالات الكتاب التي سبق نشرها متفرقة في أماكن مختلفة وفي فترات زمنية متفاوتة. الكتاب إذن، ليس مؤلفاً بالمفهوم التقليدي، رغم العنوان الذي قد يوحي بذلك، بل هو مجموعة من المقالات المتفرقة التي تجمع بينها إلى حد كبير وحدة موضوعية تشد خيوط الكتاب إلى بعضها بعضاً. الكتاب إذن، ليس مؤلفاً بالمفهوم التقليدي، رغم العنوان الذي قد يوحي بذلك، بل هو مجموعة من المقالات المتفرقة التي تجمع بينها إلى حد كبير وحدة موضوعية تشد خيوط الكتاب إلى بعضها بعضاً قد يأخذ البعض على بعض مقالات ودراسات الكتاب الذي بين أيدينا جنوحها للغة الشعرية، أو حتى المزج ما بين اللغتين الموضوعية والشعرية في مقالة واحدة « انظر ص 56 « غير أن تبرير ذلك يمكن استشفافه من العبارة التي يؤكد فيها الحرز على أنه « لا يوجد الآن سوى الكتابة» «ص122» بما تتضمنه تلك العبارة وما توحي به من سقوط الحدود والحواجز والتخوم ما بين الأجناس الكتابية المختلفة، وهي وجهة نظر كانت ولا تزال، ومن الأرجح أنها ستظل مثيرة للجدل لدى كثيرين. غير أن ما يمكن الإشارة إليه في هذا السياق هو أنه كان بوسع المؤلف أن يقسم كتابه إلى فصلين أو جزءين مختلفين، لأن هناك عدداً لا بأس به من المقالات التي يطغى عليها النفس الشعري بشكل واضح وهي غالباً ما تحمل طابع الشهادة الشعرية الذاتية، ويمكن التمثيل على ذلك بمقالتي «مجرد تأملات حول الأزمنة والشعر» و «الشعراء: ظلال تنحسر عن غيمة والمطر لا يجف».