بينت دراسة أميركية جديدة أن طلاب المدارس الثانوية الذين يقضون جل أوقاتهم في كتابة الرسائل النصية أو على مواقع الشبكات الاجتماعية أو كليهما معرضون لمجموعة من السلوكيات المقلقة بما فيها التدخين والاكتئاب واضطرابات الأكل وتعاطي المخدرات والغياب المتكرر عن المدرسة. وتستند الدراسة التي أجراها باحثون بجامعة كيس ويسترن ريزيرف بولاية أوهايو إلى بيانات من أسئلة طرحت على أكثر من أربعة آلاف طالب بعشرين مدرسة ثانوية في المناطق الحضرية بالولاية. وتبين من الاجابات أن نحو خُمس الطلبة أرسلوا ما لا يقل عن 120 رسالة نصية يوميا والعُشر كانوا يجلسون على الشبكات الاجتماعية ثلاث ساعات أو أكثر يوميا وكانت نسبة الذين جمعوا بين الأمرين 4بالمائة . وكان أصحاب نسبة ال4بالمائة أكثر عرضة -بمقدار الضعف من غير المستخدمين لهذه الخدمة- للوقوع في مشاجرات والتدخين وأن يصيروا ضحايا الإنترنت والتفكير في الانتحار والتخلف عن المدرسة والنوم في الصف. وأكد الباحثون أن الرسائل النصية والشبكات الاجتماعية ليست بالضرورة سببا في مشاكل أخرى. لكن الدكتور سكوت فرانك، المُعد الرئيسي للدراسة ومدير برنامج الماجستير للصحة العامة بالجامعة، قال إنه من المعقول أن تجعل هذه التقنيات الأمر أسهل للأولاد للوقوع في فخ العمل الشاق كي يشعروا بالانتماء وإذا كانوا يعملون بهذا الجد ليتكيفوا مع هذه الشبكات الاجتماعية فإنهم أيضا يحاولون التأقلم من خلال سلوكيات أخرى يرونها رائجة مثل تدخين السجائر والتورط في سلوكيات مراهقين أشد خطرا وأضاف الدكتور فرانك ان الفتيات وأفراد الأقليات والمراهقين ذوي الخلفيات المنخفضة الدخل أو الأسر التي تعيلها نساء في خطر أكبر، لكن النمط استمر حتى بعد أن تحكم الباحثون في تلك العوامل وأشار إلى أن معظم كاتبي الرسائل النصية النهمين والمستخدمين للشبكات الاجتماعية صنفوا آباءهم بأنهم أكثر تساهلا. وقال «هذا الأمر بمثابة ناقوس خطر للآباء وطريقة تربيتهم للأطفال لأنهم بحاجة لرصد وتولي مسؤولية الخيارات التي يتخذها أطفالهم وأضاف «نحن نريد أن يضع الآباء قواعد أكثر صرامة لأطفالهم فيما يتعلق بالرسائل النصية والربط الشبكي، تماما كما يفعلون عندما يضعون قواعد بشأن ما إذا كان بإمكان الطفل الخروج في ليلة المدرسة أو التسامر لمدة ثلاث ساعات». تأثيرات متنوعة ويتطلع الباحثون أيضا إلى مواقع التواصل الاجتماعي مثل «فيس بوك» و«تويتر» وبقية المواقع الأخرى، بحثا عن فرص لتحديد المشكلات ولسماع الاستغاثات وتقديم المعلومات والدعم. ولدى الدكتور مايكل ريتش، طبيب الأطفال ومدير مركز الإعلام وصحة الطفل بمستشفى بوسطن للأطفال. الذي يرصد حالات الكثير من المراهقين الذين يعانون من مشكلات مرتبطة باستخدام الإنترنت، شعور قوي بأنه من المهم تجنب اصدار أحكام عامة بشأن مخاطر استخدام الإنترنت إذ يقول «يجب عدم النظر لتأثير مواقع التواصل الاجتماعي بوصفه إيجابيا أو سلبيا في المجمل، وإنما كتأثير محايد»، هكذا يقول ريتش. وأضاف: «طريقة استخدامنا الأدوات هي التي تحدد تأثيرها علينا وعلى المحيطين بنا». وتناولت باكورة أبحاث مورينو المراهقين الذين أظهروا أدلة على سلوكيات خطيرة في ملفاتهم الشخصية على موقع «ماي سبيس»، بإرسال صور أو تعليقات بها إيحاءات جنسية أو مواد تحوي ألفاظا بذيئة. يتم إرسال رسائل بريد إلكتروني لهؤلاء المراهقين تطلب منهم تعديل محتوى ملفاتهم الشخصية أو جعلها سرية. وتوصلت الدكتورة مورينو إلى أن معدل استجابة الفتيات يكون أكبر منه لدى الذكور، وأنه تتم إزالة المواد التي بها محتوى جنسي بصورة تفوق تلك التي تضم محتوى مرتبطا بتعاطي الكحوليات. بالمقارنة، تنظر أبحاثها الأخيرة إلى مواقع التواصل الاجتماعي بوصفها نافذة، فرصة للفهم وتحسين الصحة الجسدية والعقلية. وفي دراسة للطرق التي يصف بها الطلاب الجامعيون حالة الحزن التي تعتريهم في تحديث الحالة على ملفاتهم الشخصية على موقع «فيس بوك»، كشفت عن أن بعضا من تلك التعبيرات كانت مرتبطة بحالة الإحباط التي يعاني منها الطلاب الذين خضعوا لاختبارات الفحص الإكلينيكي. ونظرا لأن فترة العام الأول من الدراسة الجامعية هي الفترة التي يزداد فيها خطر إصابة الطلاب بحالة من الإحباط، يحاول بالفعل العديد من الاستشاريين المقيمين بالجامعات استخدام موقع «فيس بوك» في مراقبة الطلاب، على حد قول الدكتورة مورينو. ربما يصبح من الممكن مساعدة الاستشاريين المقيمين في رصد علامات الخطر في الملفات الشخصية التي يكونون منوطين بمراقبتها غير أنها اعترفت بأن هذه الاستراتيجية الجديدة أثارت مخاوف متعلقة بالخصوصية، طارحة التساؤل التالي: «كيف تفكر في مد هذا إلى مجموعات أخرى معرضة للمخاطر بصورة لا تمثل انتهاكا للخصوصية؟»، على سبيل المثال، هل يمكننا مساعدة الناس في مجموعات الدعم في الاهتمام ببعضهم البعض بصورة أفضل من خلال مواقع التواصل الاجتماعي؟ « التأثير على المراهقين في عام 2011، أصدر مجلس الاتصالات ووسائل الإعلام التابع للأكاديمية الأميركية لطب الأطفال تقريرا اكلينيكا تحت عنوان «تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الأطفال والمراهقين والأسر». وبدأ التقرير بالتأكيد على فوائد مواقع التواصل الاجتماعي بالنسبة للأطفال والمراهقين، ومن بينها تعزيز مهارات التواصل وإتاحة الفرص لإقامة علاقات اجتماعية. جاء في التقرير: «يحدث جانب كبير من التطور الاجتماعي والنفسي لهذا الجيل من خلال تواصلهم عبر الإنترنت والهواتف الجوالة وظيفتنا كآباء هي مساعدتهم في التعامل مع كل هذا بحكمة، مساعدتهم في فهم - وتجنب بعض المخاطر الاجتماعية والتبعات الناتجة عن ارتكاب أخطاء أثناء استخدام هذه المواقع. (يمكننا أن نتوقع النوع نفسه من الامتنان الذي نتلقاه نظير توجيهنا: ممتزجا بالطبع بقدر إضافي من الازدراء، في حالة ما لم ترقَ مهاراتنا الفنية لمستوى مهاراتهم) ويحتاج كل من الآباء والباحثين إلى التأكد من فهمهم لبراعة الطرق التي يتعامل من خلالها المراهقون مع مواقع التواصل الاجتماعي وفي ندوة عقدت عام 2011 حول الإنترنت والمجتمع، عرض باحثان معلومات حول طريقة فهم المراهقين للمحادثات السلبية على الإنترنت. ما يفسره البالغون على أنه مضايقة أو ترويع عادة ما يؤوله المراهقون باعتباره «دراما»، ظاهرة وثيقة الصلة، ولكنها مستقلة بذاتها وأشار باحثون إلى أنه من خلال فهم وجهة نظر المراهقين بشأن العبارات المؤلمة، ربما نجد وسائل يمكننا من خلالها أن نساعدهم في الدفاع عن أنفسهم ضد المخاطر الحقيقية للعنف الإلكتروني.