أكد عاملون في القطاع العقاري أن الركود الذي يشهده السوق حاليًا لم يواكبه انخفاض في أسعار الأراضي والوحدات السكنية التي اتخذت مسارًا تصاعديًا. وأرجعوا عدم انخفاض أسعار الوحدات العقارية في السوق الى وجود تحالفات وتفاهمات وسط العقاريين بإبقاء الأسعار دون تغيير وعدم اجراء تخفيضات تواكب ارتفاع المعروض وانخفاض الطلب. وأشاروا الى أن إحجام بعض العقاريين عن البيع مما أسهم في تقليص هامش الحركة بالنسبة للمبيعات وتفكيك جمود الأسعار مما أبقاها في مستويات مرتفعة، كما لفتوا الى أن اتجاه السيولة الى سوق الأسهم التي شهدت بدورها انتعاشًا كبيرًا في الربع الأول أغرى الكثيرين للعمل فيها على حساب السوق العقاري مما اضعف تنفيذ المشروعات بالصورة المتوقعة. وقال رجل الأعمال ناصر الهاجري: إن السوق العقاري لم يشهد تراجعًا سعريًا لعدم وجود رغبة أكيدة لدى العقاريين في تخفيض الأسعار، رغم أن التوقعات رجّحت انخفاضًا بين 30 الى 35 بالمائة إلا أن ذلك لم يحدث لأن العوامل التي تسهم في ذلك لم تتوافر. السوق العقاري لم يشهد تراجعًا سعريًا لعدم وجود رغبة أكيدة لدى العقاريين في تخفيض الأسعار، رغم أن التوقعات رجّحت انخفاضًا بين 30 الى 35 بالمائة إلا أن ذلك لم يحدث لأن العوامل المساهمة في ذلك لم تتوافر. ولفت إلى أن الركود بقي على حاله ولم يواكب السوق الحاجة الى تنفيذ مزيد من المشروعات التي تكسر حاجز الارتفاعات السعرية، موضحًا أن سوق الأسهم لعب دورًا في ترسيخ الركود والحفاظ على المستويات السعرية في مستوياتها في أفضل الأحوال، ومع ذلك كانت هناك استثناءات طفيفة في الأراضي غير المخدومة أو خارج النطاق العمراني شهدت انخفاضًا في أسعارها. وأشار الهاجري الى أن ارتفاع أسعار العقار نتيجة طبيعية لشحّ المعروض سواء كان سكنيًا أو استثماريًا أو تجاريًا، فلم تنفذ خلال الفترة الماضية مشروعات ذات قيم مرتفعة توفر معروضات تلبّي الطلب الذي ينمو طرديًا مع النمو السكاني والتنموي. وتابع: «حتى إذا نظرنا الى المشروعات الحكومية نجدها لم تؤثر في مجريات السوق بالصورة المتوقعة رغم أنها من العوامل المهمة في تحقيق وفرة عقارية تؤثر إيجابًا في الأسعار، ولذلك فإن السوق في الواقع بحاجة الى رقابة ولجان مهنية تتابع وتدرس وتقف على مؤشرات السوق وتحللها حتى يتم العمل بصورة منهجية لا تسمح بأية اختراقات للواقع». من جانبه يرى رجل الأعمال سامي السويلم أن السوق العقاري ما زال بعيدًا عن التراجع، فمساره التصاعدي رغم التوقعات بانخفاضه، مؤكدًا أن الفجوة بين العرض والطلب لا تزال قائمة وما تمّ تنفيذه من مشروعات وتقديمه من حلول لا يرقى لمستوى المعالجات الطموحة لكي نشهد أو نلمس تراجعًا، فكما للارتفاع أسبابه للهبوط أيضًا أسبابه، غير أنه لم تتم معالجات واقعية وحقيقية لذلك، فضعف الرقابة يؤسس لفوضى سعرية صاعدة ولن تهبط مطلقًا إلا بوفرة على نطاق كبير. وأكد السويلم حاجة السوق الى مؤشرات تفاعلية وخريطة بيانات محدثة توفر أكبر قدر من الشفافية وتوقف أي محاولات للتلاعب بالأسعار والصعود بها الى مستوياتٍ غير واقعية خاصة فيما يقوم به صغار العقاريين الذين لا يجدون أي رادع من أنظمة عقارية، ولذلك فإنهم يرفعون الأسعار كيفما شاءوا، في حين لو توافرت ضوابط التثمين العقارية وكانت ملزمة للجميع بحيث يصبح متاحًا للمواطن الوقوف على قيمة الوحدات التي يرغب في الاستفادة منها فإن يصبح من الصعب على هؤلاء أن يسعروا وفقًا لطموحاتهم، ولذلك من الضروري أن تطلع الجهات الرسمية بتحقيق صيغة رقابية تضع الأمور في نصابها وتعيد السوق الى واقعيته، وذلك حدث في مزادات المساهمات المتعثرة التي شهدت انخفاضًا في الأسعار بفضل الرقابة والمتابعة. من جانبه استبعد رجل الأعمال مبارك المري أي انخفاض للأسعار في المرحلة الراهنة لعدة أسباب في مقدّمتها عدم إقرار الأنظمة العقارية التي تضبط النشاط بصورة عامة وتوفر حلولًا عقارية تناسب جميع الشرائح، بالإضافة الى عدم توافر عرض عقاري يناسب الطلب الكبير. وقال: «الركود أصبح يقاوم فكرة الهبوط وكأنه اكتسب مناعة ضده، فالجميع يعرفون أن العقار لا يبور، ولذلك فإن ركوده لن يكون مستمرًا لفترة طويلة وبالتالي فهو ليس في صالح الأسعار من ناحية هبوطها وتراجعها، كما أن جاذبية سوق الأسهم للسيولة العقارية أسهمت بدوره في جمود حركة العقار وبالتالي إبطاء توفير العروض مقابل الطلب». ودعا المري الى تعزيز فكرة المؤشرات لما تقدّمه من رؤية واضحة طالما أننا نتعامل بمبدأ السوق المفتوح ما يوجب اتاحة المعلومة التي تساعد المستهلك في اتخاذ قراراته السوقية بقناعة ورؤية واضحة، كما أن الرقابة أيضا تلعب دورًا مهمًا في كبح جماح بعض صغار العقاريين وعبثهم بالأسعار لمصلحتهم الذاتية على حساب المواطنين والسوق العقاري بأكمله، والأهم من ذلك أن يتحالف العقاريون لتنفيذ مشروعات تجعل الأسعار منطقية وواقعية حتى لا يؤثر العبث بالسوق وبالتالي يتضررون من النتائج كما يتضرر المواطن الذي تستهدفه مثل هذه السلوكيات.