الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    ارتفاع الصادرات السعودية غير البترولية 22.8 %    برعاية ولي العهد.. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي    بركان دوكونو في إندونيسيا يقذف عمود رماد يصل إلى 3000 متر    تهديدات قانونية تلاحق نتنياهو.. ومحاكمة في قضية الرشوة    لبنان: اشتداد قصف الجنوب.. وتسارع العملية البرية في الخيام    الاتحاد يخطف صدارة «روشن»    دربي حائل يسرق الأضواء.. والفيصلي يقابل الصفا    انتفاضة جديدة في النصر    مذكرة تفاهم بين إمارة القصيم ومحمية تركي بن عبدالله    استعراض مسببات حوادث المدينة المنورة    «التراث» تفتتح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض    المنتدى السعودي للإعلام يفتح باب التسجيل في جائزته السنوية    جامعة الملك عبدالعزيز تحقق المركز ال32 عالميًا    «الأرصاد» ل«عكاظ»: أمطار غزيرة إلى متوسطة على مناطق عدة    لندن تتصدر حوادث سرقات الهواتف المحمولة عالمياً    «العقاري»: إيداع 1.19 مليار ريال لمستفيدي «سكني» في نوفمبر    16.8 % ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية في الربع الثالث    «التعليم»: السماح بنقل معلمي العقود المكانية داخل نطاق الإدارات    صفعة لتاريخ عمرو دياب.. معجب في مواجهة الهضبة «من يكسب» ؟    «الإحصاء» قرعت جرس الإنذار: 40 % ارتفاع معدلات السمنة.. و«طبيب أسرة» يحذر    5 فوائد رائعة لشاي الماتشا    مشاكل اللاعب السعودي!!    في الجولة الخامسة من دوري أبطال آسيا للنخبة.. الأهلي ضيفًا على العين.. والنصر على الغرافة    في الجولة 11 من دوري يلو.. ديربي ساخن في حائل.. والنجمة يواجه الحزم    نهاية الطفرة الصينية !    السجل العقاري: بدء تسجيل 227,778 قطعة في الشرقية    السودان.. في زمن النسيان    لبنان.. بين فيليب حبيب وهوكشتاين !    مصر: انهيار صخري ينهي حياة 5 بمحافظة الوادي الجديد    اقتراحات لمرور جدة حول حالات الازدحام الخانقة    أمير نجران: القيادة حريصة على الاهتمام بقطاع التعليم    أمر ملكي بتعيين 125 عضواً بمرتبة مُلازم بالنيابة العامة    «واتساب» يغير طريقة إظهار شريط التفاعلات    ترحيب عربي بقرار المحكمة الجنائية الصادر باعتقال نتنياهو    تحت رعاية سمو ولي العهد .. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي.. تسخير التحول الرقمي والنمو المستدام بتوسيع فرص الاستثمار    محافظ جدة يطلع على خطط خدمة الاستثمار التعديني    أسبوع الحرف اليدوية    مايك تايسون، وشجاعة السعي وراء ما تؤمن بأنه صحيح    ال«ثريد» من جديد    الأهل والأقارب أولاً    اطلعوا على مراحل طباعة المصحف الشريف.. ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة يزورون المواقع التاريخية    أمير المنطقة الشرقية يرعى ملتقى "الممارسات الوقفية 2024"    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    «كل البيعة خربانة»    انطلق بلا قيود    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. أمير الرياض يفتتح فعاليات المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    مسؤولة سويدية تخاف من الموز    السلفية والسلفية المعاصرة    دمتم مترابطين مثل الجسد الواحد    الأمين العام لاتحاد اللجان الأولمبية يشيد بجهود لجنة الإعلام    شفاعة ⁧‫أمير الحدود الشمالية‬⁩ تُثمر عن عتق رقبة مواطن من القصاص    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    اكثر من مائة رياضيا يتنافسون في بطولة بادل بجازان    وزير الثقافة: القيادة تدعم تنمية القدرات البشرية بالمجالات كافة    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفريق خيرالله : سليمان طلب تحجيم جمال فعاقبته سوزان بخصم شهر
نشر في اليوم يوم 05 - 04 - 2012

30 عاما وأكثر في ظل حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك لم يكن أحد يعرف كيف كانت تدار مصر.. ولم يكن يتوقّع حتى أكثر المتشائمين حجم الفساد الذي كان داخل أجهزة الدولة قبل أن يظهر على السطح بعد ثورة 25 يناير السلمية، والتي أنقذت البلاد من انقلاب عسكري أكثر دموية وربما كان قد أدخل البلاد في فوضى ومصير مجهول، بسبب حالة الاحتقان في أوساط القيادات العسكرية كلما اقتربت ساعة الصفر لتمرير ملف التوريث الذي كان صاحب فكرته الأولى رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عاطف عبيد.. أسرار كثيرة تكشف مسيرة مصر وأسباب تراجع دورها إفريقيا وعربيا.. وما أفرزته الانتخابات الأخيرة من صعود الإسلاميين وانعكاسات ذلك على الحياة الاجتماعية، وما أفضل نظام لحكم لمصر.. كل ذلك يمكن قراءته من خلال الحوار التالي مع الفريق حسام خيرالله المرشّح لرئاسة الجمهورية:
لماذا تقلّص دور مصر خارجيا؟!
- لأنك بصراحة فقدت الريادة وتحوّلت لمجرد تابع.. فدائما من يتخذ القرار يكون هو القائد، لكن مبارك انعزل تماما عن محيطه العربي والإفريقي ولا ندري هل بحكم تقدّم السن، ولكن هناك دول معينة لم يذهب مبارك لزيارتها مرة واحدة في حياته، رغم أهميتها الاستراتيجية لنا، مع أنه على قدر ممارستك الخارجية تكون مصالحك، لأن الدنيا (هات وخذ)، أما أن تكون أن تقتصر العلاقات مع الدول بالاكتفاء بإرسال مبعوث، فإن هذا كان يعطي لهذه الدول أحساسا بأن مبارك يتعالى عليهم، ولذلك أنا طالبت خلال فترة عملي بالجهاز بضرورة إعادة النظر بتعيين وزير دولة للشؤون الإفريقية والذي كان يشغله الدكتور بطرس غالي أيام السادات حتى تعيينه سكرتير عام للأمم المتحدة، ولكنهم قالوا لي إن الرئيس يرفض الفكرة من الأساس.
عقدة بطرس
هل وقفتم على السبب الحقيقي لرفض الرئيس لفكرة تعيين وزير دولة للشؤون الإفريقية؟
- للأسف لم تكن هناك مبررات منطقية، وإن كان أغلب الظن يرجع إلى عقدة شخصية عند الرئيس مبارك نفسه، تعود بجذورها إلى تاريخ تكليف الرئيس الراحل أنور السادات للدكتور بطرس بطرس غالي (وكان يحمل أكثر من درجة دكتوراة) بشغل حقيبة وزير دولة للشؤون الإفريقية، وبعده بقليل اختار الرئيس السادات مبارك ليكون نائبا له، وكان يشعر مبارك بضآلته وكأنه تلميذ بجانب الدرجات العلمية للدكتور بطرس غالي، واستمر هذا الشعور حتى بعد اختياره لمنصب رئيس الجمهورية بعد حادث اغتيال الرئيس السادات، ولذلك شعر أنه تنفس الصعداء عندما تم اختيار الدكتور بطرس غالي سكرتير عام للأمم المتحدة، وبعده قام بإلغاء الوزارة، وقد ذهبت بعض الآراء إلى أن إلغاء الوزراة كان راجعا إلى ممارسات ضغوط خارجية عليه وكأنها قالت له (كفاية عليك كده في المحيط الأفريقي)، و بالتالي التحوّل لمجرد تابع، مع أن المنطق يقول لو أننا أصدقاء من الممكن أن تختلف أو أختلف معك ثم نجلس نتصالح لأن كل منا يقف على مسافة معينة من الآخر، وعندما تطلب مني شيئا أو مصاحبتك لمشوار معين أقول لك «معلهش» ظروفي لن تسمح فتقول لي تعال معي «وهكسبك» وهذا تكون العلاقات بين الدول قائمة على المصالح، وتحتاج لبعض البهارات في التعامل، حتى لا تتحول كما يقولون (فلان ده سيبك منه لأنك من السهل تقدر تجيبه).
استعلاء مبارك
لماذا كانت نظرة استعلاء مبارك على الأفارقة؟!
- لا أحد يفهم حتى الآن، وإن كانت ربما ترجع إلى ما تعرّض له في حادث أديس أبابا من محاولة اغتيال عام 1995، وما ترتب على ذلك الإهمال المصري للساحة الإفريقية، في وقت كانت لمصر مكانتها منذ جمال عبدالناصر الذي فتح الجامعات والمعاهد للأفارقة وأهتم بهم كثيرا ولذلك خرّج جيلا تبوأ بعضهم الحكم ومناصب رفيعة في دولهم، وحفظوا الجميل لعبدالناصر وكان عندهم مسموع الكلمة والرأي وكانوا حريصين على علاقاتهم مع مصر ومساندين لتحركاتها في المحافل الأقليمية والدولية، ثم تراجع ذلك في عصر السادات حتى انطفأ تماما في ظل حكم مبارك.
هل تراجع الدور المصري إفريقيا سمح لإسرائيل بتطويقها من الجنوب؟
- ليس هذا فحسب، ولكنه أعطى الفرصة لدول غربية أخرى تطمع فيك وتتغلغل إفريقيا، وهناك مساعدات وتمويل تقدّمه ألمانيا لإسرائيل لإقامة مشروعات في أثيوبيا، وأنا قلت أكثر من مرة دولة مثل جنوب السودان لا يجب أن نغفل عن ضرورة دعمها ومساعدتها لأنها الفناء الخلفي لي ولا منطق للتذرع بظروفنا الاقتصادية، لأنك احيانا لا تستدين لشراء رغيف الخبز ولكنك تستدين لشراء قفل لبيتك، وهذا يؤكّد أهمية تأمين حدود مصر من الجنوب.
علامات الزعامة
وكيف ترى الدور العربي لمصر؟
دائما أسمع كلمة مصر الزعيمة.. ولكن دعنا نتحدث بصراحة ما هي علامات الزعامة.. القضية ليست شعارات.. كيف تكون زعيما وأنت تعليمك تراجع وتراجع دورك على مختلف الساحات حتى الصحي وغيره، وبعد أن كانت مصر قبلة العرب يقصدونها في كل شيء حتى الفن والثقافة عندما كانت حفلات أم كلثوم تجمع العرب فيما يشبه القمم الشعبية، ولكن للأسف تضاءل وخرج العرب عن الطوع.
ولماذا خرج العرب عن طوع مصر الأم؟!
- لأن حضن الأم لفظهم وأخرجهم من عباءته.. فالأم دائما ترعى أولادها، وأحيانا لا تنام حتى تطمئن عليهم أولا.. أما حينما ترمى الأم عيالها وتنشغل عنهم فإنهم سيسرحون ويشوف كل واحد منهم مصلحته.
هل أقيمت صلاة الغائب على مصر الأم؟!
- مصر لم تمت.. مصر تمرض ولكنها لاتموت.. ودائما عندما تمرض سرعان ما تستعيد صحتها.. حقيقي قد تكون الوعكة الصحية شديدة هذه المرة، ولكن بقدر تشخيصك للداء بشكل صحيح تكون سرعة التدواي، ويكون العلاج ناجحا، ولكن إذا كان التشخيص خطأ، فقد تطول فترة العلاج، ونريد أن نتجنب ذلك.
بناء الذات
وما هو التشخيص الصحيح حتى تتعافى مصر وتعود قوية للعرب؟!
لابد أن تعيد بناء ذاتك بذكاء.. ونتخلى عن فلسفة تغليب العمل الفردي على العمل الجماعي، ثم علينا الاهتمام باتقان العمل والاخلاص فيه بضمير، والاستغلال الأمثل لمواردنا الاقتصادية.ونتخلّى عن لغة التهديد التي كان يتبعها مبارك دائما عندما يتحدث بقوله: وأنا قلت وأنبّه وأحذّر.. وهي لغة عقيمة لأنه لا يوجد لك وزن نسبي يعطيك كل هذه الثقة وأن تتكلم.
غير قلق
هناك من يثير وجود بعض القلق من صعود التيار الإسلامي خلال الانتخابات المصرية مؤخرا.. فما تعليقكم؟!
أنا على العكس تماما.. لا أجد ما يقلقني في صعود التيار الإسلامي وحصوله على الأغلبية في الانتخابات التي شهدتها مصر، وهذا ليس من باب أنهم جاءوا عبر صناديق انتخابات حقيقية تشهدها مصر لأول مرة في تاريخها الحديث.. وأرى أن النتائج التي حققها التيار الإسلامي وحصوله على نسبة كبيرة من التصويت الشعبي تلقي على عاتقه بمسؤولية جسيمة، وتضعه على المحك، فإما أن يكون على قدر المسؤولية وقادرا على تحقيق متطلبات الجماهير وما خرجت المظاهرات من أجله في المطالبة بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية، وإما أنه يفشل في ذلك ويسقط سقوطا مؤسفا.. ولذلك يجب علينا مساندته ومن لا يعرف منهم السياسة نأخذ بيده ونشرح له ونفهمه.
كيف؟!
- هناك قضايا وملفات لابد أن يتم التعامل معها بواقعية، ومنها على سبيل المثال موضوع اتفاقية السلام بين مصر وإسرئيل، يقع في الخطأ كل من ينظر إليها على أنها مجرد اتفاقية ثنائية بإمكانه الحديث عن نفض يده منها والتحلل من آثارها وإنكارها، لأنها هي في حقيقة الأمر اتفاقية ثلاثية والطرف الثالث فيها هي الولايات المتحدة الأمريكية كضامن للاتفاقية، ولذلك يتم أحيانا استخدام سلاح المساعدات الأمريكية لمصر في التلويح به عندما يكون هناك تهديد لمسار هذه الاتفاقية.
طريق وسطي
مصر إلى أين في ظل التيار الإسلامي؟!
تسير في طريق الوسطية.. ولذلك أدعو الجميع بعدم القلق، فالإنسان المصري العقائد الدينية راسخة بداخله وبالتالي ظلت مصر على مر التاريخ تهضم أي تيار مغالي وتجعله يذوب، لأنه يخطئ من يظن قدرته على تحويل المجتمع بين عشية وضحاها إلى اتجاه معين.. ومن هنا أرى أن الناس ستراقب الإسلاميين بشكل مباشر للتأكّد من مدى مطابقة الكلام والأقوال للسلوكيات والأفعال، وإذا كانت صناديق الانتخابات منحت التيار الإسلامي الأغلبية، فهناك أقلية موجودة على الساحة لايجب إقصاءها أو التقليل من وجودها وكينونتها، وعلينا أن نأخذ من دروس مجتمعات مثل جنوب إفريقيا العبرة، عندما انتصر السود على البيض لم نسمع عن موجة من التصفيات والانتقام رغم الانتهاكات التي كان يقوم بها البيض في حق السود من قبل.. وخلاصة القول في اعتقادي أن الجزء المتشدّد من التيار الإسلامي عندما يجد نفسه أمام مسؤولية لاشك سوف يبدأ في إعادة النظر لبعض مواقفه للتعايش مع الواقع الجديد، لأنك ببساطة شديدة قد تكون من المقبول أن أطلق لحيتي حتى الركبة وأنا معتكف، ولكن قد تكون هذه اللحية حتى الركبة عائقا لي في عملي، وعلى نفس الوتيرة قد يكون من المناسب لي ارتداء الجلباب وأنا أجلس في بيتي، لكنني لو أرتديتها وأنا بالمصنع وأمام الآلات ربما قد أتعرض للخطر، إذا علينا الالتزام بفقه الواقع، إلا إذا كنت تريد أن تقفلها.. يبقى معنى كده لإنك لن تعطي لمصر الفرصة نحو التقدّم. لأنك في بؤرة العالم، عليك مسؤولية تاريخية، وهناك توقعات كثيرة كانت ترى أنه لو فعلا مصر سارت على خطط واستراتيجيات مدروسة وحقيقية لأصبحت تاسع دولة في العالم اقتصاديا عام 2020، ولكن أين مصر الآن مقارنة بدولة مثل تركيا في المنطقة والعالم.
لا هذا ولا ذاك
في رأيكم.. مصر خلال مرحلة حكم الإسلاميين أقرب إلى أي النموذجين.. تركيا أم أفغانستان؟!
لا هذا ولا ذاك.. لكنها طبعة مصرية خالصة. ولماذا نجعل المقارنة محصورة فقط ما بين الأقل والأكثر تشددا ومغالاة، مع أن العالم الإسلامي يتسع لنماذج كثيرة وسطية ومعتدلة، وللعلم حتى تركيا نفسها رغم أنها علمانية ولكن في حقيقة الأمر وعلى أرض الواقع ممارساتها غير علمانية، لأن حزب الرفاه وعقلانية رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان تجعله يتقدم خطوتين للأمام وخطوة للخلف، وهذا قد يكون سر التقدم الاقتصادي الذي حققته تركيا.
جيدة ولكن؟!
بصفتكم رجل مخابرات.. ما هي الأخطاء التي وقع فيها نظام مبارك في السابق؟!
في الحقيقة كانت بدايته جيدة وتوقع كثير من المراقبين أنه سيسير نحو الطريق الصحيح وخاصة عندما أقام أول مؤتمر اقتصادي بمصر، ولكن سرعان ما بدأ يترنح ويسقط في الهاوية عندما استعان ببطانة وحاشية زينت له مساوئ الأمور، وكان من بينهم الدكتور عاطف عبيد رئيس الوزراء الأسبق وقد يكون صاحب فكرة التوريث، وبعد أن كان الرئيس مبارك يستيقظ مبكرا ويتم عرض التقارير عليه بداية من الساعة السادسة صباحا، أصبح في الفترة الأخيرة لايقرأ شيئا، وتم استبدال ذلك بأن يتولّى الأخرون قراءة التقارير عليه بالطريقة السماعية، وهذا فتح الباب أمام تضليله، حيث كانوا يقرؤون عليه التقارير بشكل انتقائي فلا يعرضون عليه الأخبار الحساسة والسيئة، ولكنهم زينوا له الحياة وأعطوا له صورة غير حقيقية عن واقع الشارع المصري، وقد تولّى ممارسة هذا الدور على وجه التحديد كل من الدكتور زكريا عزمي رئيس الديوان وصفوت الشريف.
وفي عام 2005 بدأ التدهور الملحوظ على صحته حتى أنه لم يكن بإمكانه صعود أكثر من ثلاث إلى أربع درجات سلم، وكان يعيش على (الحقن) ليستطيع المواصلة، وعندما تكون هناك جولة أو زيارة يتطلب فيها الصعود، يتم تركيب وتجهيز مصعد (أسانسير) له، وهذه كلها كانت مؤشرات قوية على عدم قدرته.. وأيضا من الأخطاء الفادحة التي وقع فيها مبارك عدم احترامه لمشاعر الناس، خاصة موضوع التوريث، فرغم محاولات التضليل المستمرة بعدم وجود نية للتوريث، إلا أن كل الأفعال على أرض الواقع تشير إلى عكس ذلك تماما، بدليل تصرفات جمال ومواكب الوزراء الذين يصاحبونه في تحركاته، وتعليماته التي يصدرها للوزراء والتي وصلت إلى حد التوبيخ أحيانا، وخاصة لغته مع وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي عندما كان جمال يقول له (أنا قلت كذا وكذا) ويرد عليه العادلي كالطفل.. وفي حالة مرض الرئيس مبارك كانت التقارير يتم عرضها على جمال ويتولّى التوقيع على البوسطة وذلك بالمخالفة للقانون لعدم وجود صفة له، فهو ليس أحد أفراد الجهاز التنفيذي بالدولة، ومجرد عضويته بالحزب الوطني لا تعطيه أبدا هذا الحق، لكنها كانت جميعها دلائل وقرائن على وجود مخطط لتهيئة وتجهيز وإعداد جمال ليكون خليفة مبارك في إرث الحكم، مع أن جمال في حقيقته لم يكن يصلح للرئاسة ويفتقد كثيرا مواهب الرئيس المحنك ولم يكن دبلوماسيا ولامحبوبا من الشعب، وكثيرا ما كان هو وأمه سوزان يتعاليان على الشعب، وأكثر من مرة يرددان هي الناس عايزه أيه يحمدوا ربهم بقى !.
أيضا من الأخطاء التي وقع فيها مبارك ونظامه افتقادهم القدرة على قراءة الأمور وتقدير الأحداث بشكل صحيح، ونذكر على سبيل المثال عقب آخر انتخابات في عهد مبارك وقبل سقوطه، خرجت المظاهرات وبدأت حركات احتجاجية تندد بما حدث من تزوير ومع ذلك وقف مبارك في مجلس الشعب يشيد بنزاهة العملية الانتخابية، وعندما قالوا له بيقولوا إن الانتخابات مزوّرة، فرد عليهم قائلا (خليهم يتسلّوا !!)، حتى انفجر الشارع وخرجت الناس يوم 25 يناير في ثورة أطاحت بنظام مبارك، مع أنها كانت أقصى ما تطالب به (عيش، حرية، عدالة اجتماعية)، ولكنه لو كان لعيبا لتفادى كل ذلك بأن أعلن إقالة الحكومة، والدعوة لانتخابات مبكرة، وإعلان إلغاء التوريث، وبالتالي كانت أمامه فرصة ذهبية لينهي حياته بشكل أفضل كثيرا مما هو عليه الحال الآن.
التوريث أقلقنا
ما أكثر ما كنت تتخوف منه قبل نجاح ثورة 25 يناير؟!
- أكثر شيء كان يقلقني و يشكل هاجسا لغيري خاصة من بعض القيادات هو موضوع التوريث، الذي تسبب في حالة احتقان واسعة، غضب جماهيري وغليان في الشارع مع ارتفاع هامش الفقر وانتشار أكثر من 88 عشوائية في 20 مدينة مصرية، ووجود عدد كبير من الأسر المصرية تعيش في أكواخ من الصفيح والكرتون، ولذلك موضوع الثورة كان متوقعا إن آجلا أو عاجلا، وبالتالي فإن نجاح ثورة 25 يناير السلمية حافظت على مصر من انقلاب عسكري ربما كان أكثر دموية.
رقم 1
ما هو دور سوزان في حياة مبارك؟!
كانت رقم واحد في السيطرة.. ودعني أقص عليك واقعة واحدة حتى تتأكّد من ذلك: ذات مرة لاحظ اللواء عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات العامة أن التقارير تشير إلى وجود حالة احتقان في الشارع المصري وبصفة عامة ربما بسبب هاجس التوريث وخلافه مما كان جمال طرفا فيه، ولذلك اقترح سليمان على مبارك نصيحة جمال بتقليل ظهوره بقدر الإمكان لتفادي تصعيد حدة الغليان، فما كان من مبارك إلا رد عليه قائلا (هو عندك وأبقى كلمه)، وبالفعل طلب سليمان جمال وجلس معه وأبلغه الرسالة، فما كان من جمال إلا أنه اشتكى لأمه وقال لها إن عمر سليمان قال لي كذا وكذا. ولم يعجب ذلك سوزان فقامت بتحريض مبارك عليه وجعلته يخصم له شهرا، وكان آنذاك هناك قرار تمّ إعداده لتوقيع الرئيس عليه بتعيين سليمان نائبا له فقامت بتمزيقه واستجاب لها مبارك بإلغاء القرار(رغم أنه هو الذي طلب من سليمان أن يفعل ذلك مع جمال)، وهذا يؤكد أنها كانت هي المحركة للأمور من خلف الستار، وكانت تبدو دائما كصاحبة الكلمة الأولى، وربما يكشف ذلك عدد الوزراء الذين كانوا يحيطون بها خلال المناسبات والتحركات.
تحية عبد الناصر
تحية عبدالناصر.. جيهان السادات.. سوزان مبارك.. ثلاث نماذج للسيدات شهدها تاريخ مصر الحديث منذ ثورة 1952.. فأي النماذج الأفضل؟!
- نموذج تحية عبدالناصر.. لأنها لم تكن تتدخل في الشأن العام ونظام الحكم.. وهذا شيء جميل جدا أن تكون زوجة الرئيس سيدة بيت تدير شؤون زوجها وأسرتها ومنزلها، إلا إذا كانت تعمل من قبل، وإن كان من غير المقبول أن زوجة الرئيس تعمل شيئا آخر بخلاف التفرغ لبيتها، أما أن تتدخل في شؤون البلاد فهذا مرفوض، لأن الناس عندما صوتوا في صناديق الانتخابات على اختيار رئيس الجمهورية لم يختاروا معه زوجته على ورقة الانتخاب.
لا سيدة أولى
هل ترى ضرورة في إعادة النظر بشأن موضوع سيدة مصر الأولى؟
- بالتأكيد نعم.. وأنا شخصيا لم يكن لزوجتى دور في حياتي العملية، ليس هذا بحكم حساسية الجهاز الذي كنت أعمل به، ولكن منذ خدمتى بالقوات المسلحة، هذه يرجع إلى التنشئة والأسرة التى تربيت في كنفها، التي تعلمت منها أسس الشخصية القوية للرجل، لأننا لسنا مثل الغرب (مش عارف يقولوا لك قال الست أيه).
من أقوال الزعيم المصري الراحل سعد زغلول (وراء كل رجل عظيم امرأة).. هل كان مبارك سيئ الحظ؟!
- دعني أسألك: من قال لك إن مبارك كان رجلا عظيما؟!.. لم يكن قط رجلا عظيما، وهذا كلام حقيقي، فقد أدّى دوره في حدود قدراته.. وأريد أن يثبت لي أي أحد أنه اتخذ قرارا بمبادرة منه ونفذه، دائما كافة المبادرات التي كان يعلن عنها تفشل، وذلك بسبب قاعدته الفكرية القليلة، بصراحة شديدة كان فقيرا جدا في الإمكانيات، هل من المعقول أن رئيس دولة ونظام لايجلس للنظر في الشأن الداخلي للدولة ويبحث طرق وأساليب لحلّ مشكل الناس وما يتعلق بحياتهم اليومية خاصة توفير رغيف الخبز، لأنه من السهل أن تتحدث كلاما في السياسة، لكن في الاقتصاد الأمور أصعب بكثير، وتحتاج إلى عقول ناضجة وناس تفهم، وليس بطريقة اللعب بالأرقام المضللة التي انتهجها مبارك ونظامه حتى يخدع الناس، عندما كان يخرج يقول الكهرباء كان الانفاق عليها كذا وأصبح الآن كذا، ولكنك لم تعرفني نسبة التضخم الآن، فربما اكتشفت أن نسبته الآن أقل بكثير من الماضي.
أفضل نظام
ما أفضل نظام حكم يناسب مصر؟
- الرئاسي البرلماني المختلط.. لأن فيه تقليص لسلطات الرئيس، وإتاحة الفرصة لمشاركة شعبية أكبر.. وبالتالي نتخلص من نظام كلفني وشرفني الرئيس، ونكون مثل أمريكا هناك دور حقيقي للوزراء، فمثلا كلينتون هي المسؤولة عن السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية وليس أوباما، فقط يتم وضع الاستراتيجية والتنفيذ يكون مسؤولا عنه كل وزير والحساب فقط تحقيق الهداف وليس بالخطوات، حتى لا يجد الوزير والمسؤول نفسه مطالب في كل خطوة بالعودة والغتصال بالرئيس نعمل كده ولا بلاش.
كيف يمكن إعادة الاستقرار الأمني في مصر؟
- أعتقد أن وزير الداخلية الجديد اللواء محمد إبراهيم سليمان يسير بخطى سليمة نحو تحقيق الأمن خاصة وأننا بدأنا نرى اختفاء ظاهرة الكمين الثابت وبدأت تكون متحركة بحيث تكون أكثر فاعلية.. ولكن من المهم العمل على رفع معنويات أفراد الأمن، كما كان يفعل السادات مع قواته المسلحة بعد توليه حكم مصر عقب وفاة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، حيث كان خلال جولاته على الجبهة يرفع من معنويات الضباط والجنود بقوله هزيمة 67 ليست مسؤوليتكم ولكن المسؤول عنها القيادات القديمة يا أولاد، وبالتالي شحذ الهمم وحققوا المطلوب في حرب 73. ونفس الشيء يحتاجه وزير الداخلية الجديد، وإن كنت أرى ضرورة أن يبدأ ذلك من أكاديمية الشرطة وتغيير أسلوب التعامل من طالب الشرطة والحفاظ على كرامته وعدم استخدام الألفاظ الجارحة معه وإهدار شخصيته وإذلاله، حتى لا يخرج معقدا فيمارس كل هذه العقد على المواطن البسيط.
لهذا تأخرت
دعنا نسألك عن سبب تأخر إعلانكم في خوض انتخابات الرئاسة؟
- هذا كان راجع إلى القدرات المالية، لأنني أعتمد على التمويل الذاتي، ولا يوجد هناك من يموّل حملتي الانتخابية.
هل تجد في نفسك القدرة على المنافسة؟
- يرد بلهجة حادة قائلا(نعم؟!).. هوأنا 29 سنة كنت بأعمل أيه؟!.. أحنا كنا بنشتغل سياسة أيضا. وأنا ممكن أجيب لك الجذور وليس ما هو على السطح فقط.. وأستطيع أن أقول لك كان بيتعمل إيه في كل بلد.. ويكفي أنه عندما كانت الخارجية تتحرك في موضوع معين نرسل لهم زميل من الجهاز يساعدهم.
إشاعات
البعض يتحدث عن وجود صفقة بين عمرو موسى والإخوان والعسكر.. فما تعليقكم؟!
- لو فعلا كانت هناك صفقات.. هذه شائعات.. وأنا أستطيع التأكيد لك بكل ثقة أنه لا يوجد أي شيء من هذا الكلام.
ما الذي دفعك للترشح عن أحد الأحزاب المغمورة والتراجع عن خطك الأول في الترشح مستقلا من خلال جمع 30 ألف توكيل شعبي؟
- ما حدث من لعبة قذرة في حرب التوكيلات ومحاولة تلطيخ صورتى بأنني اشتري التوكيلات من الناس، كان وراء قبولي الترشح عن طريق أحد الأحزاب، وإن كان عدد آخر من الأحزاب حضر لدعم ترشيحي وأعلن مساندته لي في الحملة.
أخيرا ما الحكمة التي تؤمن بها؟
قول الله جل شأنه: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا).. وخلينا ننظر علشان نشوف من الذي يتقي ومن لا يتقي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.