في الحادي والعشرين من مارس من كلّ عام توقد شموع الاحتفال بيوم الشعر العالمي، ويتحلّق الشعراء ومحبي الشعر حول أمانيهم وفعالياتهم، وآمالهم في سنة شعرية جديدة أكثر ازدهاراً من سابقتها. هنا نتوقف عند ما يعنيه يوم الشعر العالمي بالنسبة للشعراء، وكيف تنعكس آمال الشعراء بالنسبة لإحياء هذا اليوم في فعاليات الأندية الأدبية؟ وهل ثمة أفكار جديدة قادرة على جذب المزيد من الجمهور إلى قائمة عشاق الشعر؟ هل توجد مبادرات شعرية إبداعية جديدة لهذا اليوم ؟ هذا ما استطلعنا آراء بعض الشعراء والنقاد حوله،: انحسار شعري يرى الشاعر شفيق العبادي أنّ مسمّى (يوم الشعر) فيه " اعتراف ضمني بانحسار خصوبة التربة الشعورية لهذا الكائن الذي لوّن حياتنا بطعم الحياة, لذلك يتم استدعاؤه كجزء من ذاكرة وهو الذي كان الذاكرة". إلا أنّه، بالرغم من ذلك لا يزال يرى فيه " لفتة إنسانية أو رشّة ضوء في عتمة المشاعر ، بانتظار أن يأخذ دوره من جديد في دورة جديدة كما كان في حركة التاريخ البشري " . وحول الأندية الأدبية ودورها المرتبط بهذا اليوم يتحدّث العبّادي بإيجابيّة: " الجميل أن الأندية الأدبية مازالت هي الحضن الذي لم يتنكر لصديق كان ثرياً بأصدقائه يوماً ما ألا وهو الشعر، فمن الأولى التأكِّيد على هذه اللحمة، وفي يوم كهذا حسبها أن تلمّ شتات محبيه على مائدته الجميلة". وعن فكرة وجود أفكار جديدة في فعاليات هذا اليوم يقول " لأنه يوم استثنائي فليكن هامش فعالياته استثنائياً أيضا، على سبيل المثال من حيث الإعلان عنه, من حيث توجيه الدعوات للمهتمين كلّ المهتمين, أو من حيث أطياف الشعراء المشاركين, أو من حيث القراءات والأوراق النقدية التي يجب أن تلقى." وعن وجود مبادرات شعرية جديدة يقول " ستوجد المبادرات حينما يصبح هذا اليوم وجبة فنية دسمة يستعصي على الذائقة نسيانها حتى يحين موعدها القادم" . سلطة النقد الدكتور خالد الجريان نائب رئيس نادي الأحساء الأدبي يعود إلى الماضي ليؤكّد أن اليوم العالمي للشعر لم يعد بالنسبة له سوى ذكرى يتذكّر فيه أرباب الشعر العربي القديم، ومجد القامات الشعرية التي عجزت الأمة العربية عن تكرارها، هو " يوم أستعيد فيه عيون الشعر العربي عبر عصوره الذهبية الزاكية.." أما آمال وطموحات الشعراء فيرى أن الروتين القاتل في إحياء الأمسيات قد انعكس سلبا عليها، وأنّ الأفضل في مثل هذه الفعاليات أن تكون سلطة النقد حاضرة فيها، " وأن تمارس كل قوتها ضد الشعراء.. فالمهزلة الشعرية التي نراها في قاعات الفعاليات، والهراء الذي نسمعه من الشعراء والشاعرات، والاستخفاف بقيمة الشعر سواء في الألفاظ أو العبارات أو الصور أو الأخيلة هو بسبب تطاول من لا يحسن الشعر عليه ". وينحي الجريان باللائمة فيما وصل إليه حال الشعر العربي اليوم من تدهور، على حدّ قوله، على نقاد الشعر وعلماء اللغة الذين باتوا في معزل عن الحركة الشعرية المعاصرة، ويرى أنه " لابد من حركة تصحيحية للارتقاء بمستوى الشعر والشعراء، وهذا لا شك يسجل على الحركة الشعرية المعاصرة العمودي منه أو التفعيلة أو ما يسمى بقصيدة النثر ". مرحلة قادمة وتساءل الشاعر جاسم عساكر "هل يوم واحد يكفي ليعلن الشعر موقفه من الحياة بما فيها من تراكمات وأحداث ومتغيرات ؟!!!، هل يكفي ليستحضر الشعر مجده الغابر وإرثه وتاريخه وحضارته السالفة .. !! ". ويمضي عساكر مؤكداً على تجدد الروح في هذا اليوم " يوم الشعر العالمي فرصة لنطلي سياج أحلامنا، ونصبغ سور أمانينا، ومساحة كبرى لنبذ العصبيات والأحقاد والضغائن والوشايات وكل ما في قاموس الشر من مفردات". ويؤكّد خلود الشعر وتجدُّده: " الشعر هذا البهي العصي على الموت والانطفاء برغم ما أخذت شتى الفنون تضيق عليه الخناق، إلا أنه مازال يتمتع بصحة جيدة و رئة يتنفس منها العالم عبير عواطفهم، وبذلك فإن الذي يمنح الخلود أولى به الخلد ". وعما يمكن عمله من فعاليات يقول " من خلال يومه هذا، فإننا نتطلع لتأسيس مرحلة قادمة يكون فيها الشعر سيداً على الكائنات .. به نلوذ حين يلزنا عنت المشوار ، وإليه نلجأ عند كل أمر عصيب .. ونناشد من خلاله كل مؤسسات المجتمع والأندية الأدبية وصالونات الثقافة للإشارة إليه والإشادة به، ومعايشته واقعاً من خلال التهيؤ المسبق له كإعصار لطيف قادم، لأن الشعر حالة لحظية متكررة لا موسم سنوي مقفر إلا من زهيد الثمرات ". ويختم عساكر " كم هو مبهج ورائع أن يكون الشعر هو الحاضن للأمم المبعثرة في يومه الأممي، والأجدر من كلمات الاحتفاء ، أن نصنع منه عيد تحرير مجيد لعواطفنا المعتقلة في زنازين الحبر ومعتقلات الصراع الطائفي والعرقي والقبلي، وأن نطلق طيور المحبة المسجونة في أقفاصنا الصدرية لنعانق العالم، " يوم الشعر ويؤكد الشاعر حسين آل دهيم على أهمية هذا اليوم قائلاً " نحن نتنفس الشعر كل يوم لكننا كل عام نتوقف في يوم الشعر ليتنفسنا هو، وهذا يعني الكثير لنا كشعراء على اعتبار ان يوم الشعر هو ذكرى ميلاد أخرى لنا نتماهى فيه وبه و ننطلق الى فضاءات أرحب وأبهى مع أخوتنا الشعراء في العالم في احتفائية تجسد الالتفاف حول المحبة والسلام" . وحول الفعاليات المقامة يقول " هذا اليوم يستحق أكثر بالتأكيد، في رأيي بأن الاحتفال بيوم الشعر العالمي يجب أن يكون على شكل مهرجان، بمعنى أن يتخلله الكثير من الفعاليات خصوصاً وأن الشعر كان ذا علائق بالفنون الأخرى، الشكل الذي يرضي طموح الشعراء في ظني هو إقامة مهرجان ذو زخم ابداعي تحضر فيه كل الفنون الأخرى" .