كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن تقنية «النانو» المتعددة الأشكال والأهداف والاستعمالات، خصوصاً في المجال الطبي والصحي، كونها تتيح للعلماء تكبير الخلايا البشرية لتكون بحجم الجبال، أو تصغير الأدوات والأشياء إلى أحجام يستحيل معاينتها بالعين المجردة. الدكتور ماجد خضر اختصاصي تقنيات «النانو» وهندسة الأجهزة الإلكترونية، اعتبر أن اكتشاف هذه التقنية يعتبر واحداً من أهم الإنجازات التي حققها الإنسان في ورشته العلمية الباهرة، ووصفها ب «الثورة غيرالمسبوقة للفيروسات النانوية تفتح آفاقاً لمعالجة العديد من الأمراض. إن لم تكن كلها في فترة زمنية قصيرة مقبلة» وحسب الدكتور خضر، فإن هذه الأدوات النانوية قادرة على حمل جميع أنواع البروتينات والجينات ومصممة لاستهداف أي مكان في جسم الإنسان، فترصد مواقع الأمراض، تحقن الأدوية، وتأمر الخلايا بإفراز الهرمونات أو ترميم الأنسجة، وبالتالي فإنها تتمتع بالقدرة على ملاحقة الخلايا السرطانية والقضاء عليها. وكيف تتم صناعة هذه الأدوات وبأية أحجام؟ ومن مواد غير عضوية مختلفة وبأشكال هندسية مثالية مثل الكبسولات، الأنابيب والقطع المسطحة. أما بالنسبة للأحجام، فيبلغ طول الأداة النانوية الواحدة واحدا من المليار من المتر، أو واحداً إلى 80 ألفا من عرض شعرة الإنسان. ويبلغ قطر خلايا الإنسان ما بين 10 إلى 20 ألف نانومتر. وهذا يعني الحاجة إلى أداة نانوية قطرها أقل من 100 نانومتر لتمر عبر الخلية وتصل إلى الجينات والبروتينات. أما الأدوات الأكبر فيمكن أن تنزلق بسهولة إلى داخل الجسم لتلتصق بسطح الخلايا المستهدفة. ثورة تقنية وتعد تقنية النانو ثورة اعتباراً من أن أيا من المواد النانوية باتت قادرة على اختراق جسم الإنسان، وبالتالي اكتشاف أماكن الأعطال وأسبابها ومن ثم معالجتها بالطريقة المناسبة، أما لماذا، فلأن هذه التقنية قضت على القوانين الفيزيائية والكيميائية المتعارف عليها طبياً لتأخذ مكانها قوانين النانو التي يجري العمل على إدخالها في مجالات متعددة غير الطب والصحة وفي كل يوم تقريباً هناك اكتشاف جديد. ذلك أن الشركات المنتجة وعلماء النانو يبذلون منذ سنوات قليلة جهداً حثيثاً وأموالاً طائلة لاختراع أدوات نانوية قادرة على مراقبة 30 ألف نوع مختلف من البروتينات في جسم الإنسان، لتحديد أول عارض يحدث قبل استفحال الخلل. ومن شأن هذه الطريقة النانوية أن تحدث ثورة هائلة في كيفية تشخيص الأورام السرطانية، وقد بدأ العلماء بالفعل رؤية أماكن كان يستحيل رؤيتها باستخدام الوسائل القديمة إلى ذلك فإن تقنية النانو دخلت مجال الجينات ومن خلالها يكتشف الباحثون الجينات المسببة للأمراض، بينما يجهد علماء الأحياء لمعرفة جزئيات البروتينات الأساسية للمحافظة على الصحة وتلك التي تقود إلى الأمراض. وينكب العلماء في الفترة الراهنة على اكتشاف أدوات نانوية يمكن أن تصل مباشرة إلى الأنسجة المريضة، ومعالجتها من دون إلحاق الضرر بباقي الأنسجة السليمة اكتشافات عديدة عملياً بدأت بعض المستشفيات استعمال جزئيات نانوية من الذهب تكشف جيناً معيناً يمكن أن يحدد إذا كان المريض معرضاً لنزف حاد من خلال عملية سريعة وسهلة تمكن الجراح من تعديل الجراحة بسرعة كي يتفادى المخاطر. وهذه الجزيئات مغطاة بقصمات من الحمض النووي ( DNA) او مضادات حيوية تصيب الهدف المعني وفي المجال الصناعي، وعلى سبيل المثال، فإن أنابيب نانو الكربون أقوى مائة مرة من الفولاذ وأخف وزناً ست مرات، ما يشير إلى أن صنع هذه المادة سيمكن من الحصول على سلع أصغر حجماً وأخف وزناً وأرخص سعراً، والأهم الأكثر فاعلية في أداء الوظيفة المناطة بها. وهناك شركات بدأت عملياً تسوّق موادّ نانوية مثل حبيبات الذهب أو السيليكوم أو الكاديوم، وشركات أخرى أنزلت إلى الأسواق أقمشة تضم مواد ثانوية للعزل الحراري وفلاتر ثانوية لتعقيم الهواء ومياه الشفة وتسعى شركات عالمية إلى توظيف هذه التقنية وعلى أرفع المستويات في منتجاتها، وقد عرضت إحداها أخيراً شرائط فيديو عن أجهزة المحمول بتقنية النانو، بدءاً من تجميع جزئيات الكربون وانتهاء بتكوين جهاز بمواصفات ممتازة، إلى جانب الرقاقات المستخدمة في أجهزة الحاسوب والالكترونيات والكهرباء ونماذج جديدة لذاكرة الكمبيوتر والدوائر الإلكترونية المتكاملة، واستخدام أنابيب الكربون في راديو ترانزيستور والهواتف الخلوية. وقد أنجزت شركة «IBM» العملاقة للإلكترونيات أخيراً مجهراً لتصوير الذّرات وتسجيلها باستخدام رؤوس أقراص صلبة على مستوى النانو. وإضافة إلى استخدام تقنية النانو في الميادين الطبية والتقنية، يمكن أن نشير إلى إمكانية استخدامها في نظم توليد الطاقة الكهربائية لاسلكياً. تفوق سعودي أثارت مشاركة مجموعة من الشباب السعودي في أعمال منتدى الشباب السعودي الألماني المنعقد مؤخرا في ألمانيا إعجاب بعض الأساتذة الألمان فيما وقف الطلاب الألمان منبهرين أمام تلك العقول المبدعة من الشباب السعودي. وقام الشباب السعودي بالحوار مع العلماء الألمان والمتخصصين في مجال الطاقة المتجددة وعلوم البيئة والمشرفين على مشاريع علمية بطريقة تنم عن فهم واستيعاب لكل النقاط والتفاصيل الدقيقة في تلك المشاريع التي تدخل فيها ألمانيا بقوة في مجال الحفاظ على البيئة، حيث نبأت تلك المشاركات العلمية والحوارات بأن لدى الشباب السعودي قوة علمية تبشر بأنهم سيكونون نواة لعلماء المستقبل. وخلال لقاء مع الشاب محمد البكري، 25 عاما، خريج جامعة الملك عبدالله للعلوم وللتقنية بدرجة الماجستير في تخصص تقنية النانو للتطبيقات الكهروميكانيكية، قال: إنها مشاركته الأولى له في هذه المنتديات العلمية والهادفة إلى نشر ثقافة الحوار مع شعوب العالم وفق رؤية خادم الحرمين الشريفين للحوار بين أتباع الحضارات والثقافات المختلفة ونشر رسالة السلام والمحبة بين الشعوب، واكتساب التقنية والمعرفة والاطلاع على أحدث العلوم والتقنية في العالم خصوصا في جمهورية ألمانيا الاتحادية. وأفاد البكري بأنه أثناء مداخلاته مع الخبراء والمختصين في المجالات العلمية المتعلقة بالبيئة والطاقة المتجددة استطاع أن يكون صورة واضحة عن أهم مشاريع الطاقة التي تعتزم جمهورية ألمانيا تطبيقها خلال السنوات المقبلة. ولفت البكري انتباه الخبراء الألمان المختصين في مجال البيئة عندما تحدث بشكل مختصر عن مشروعه البيئي الذي يهدف للتخلص من الملوثات الغازية باستخدام طريقة مبتكرة لتقنية النانو، حيث تلقى البكري ترحيبا كبيرا على مشاركته، وتلقى عرضا لمتابعة أبحاثه العلمية في جامعة هامبورج. وأضاف البكري أن دراسته في جامعة متميزة في مجال البحث العلمي مثل جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية كان لها أعظم الأثر في صقل موهبته في مجال البحث والتطوير العلمي. وتأتى زيارة الوفد السعودي المشارك في أعمال منتدى الشباب السعودي الألماني في إطار تعزيز دور الشباب السعودي في مد جسور التواصل الحضاري والاجتماعي والإنساني مع شعوب العالم، وفقا لمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتمكين الشباب السعودي من حمل رسالة السلام والمحبة لكل الشعوب المحبة للسلام، ويقدم للعالم الصورة الحقيقية والمشرقة للإسلام والمسلمين. وكان وفد الشباب السعودي المشارك في أعمال المنتدى الشباب السعودي الألماني هبط في برلين، محطته الثانية في ألمانيا الاتحادية، لمواصلة اللقاءات الثنائية بين الشباب السعودي والألماني لتبادل الحوار والنقاشات والخبرات في شؤون البيئية والطاقة المتجددة، بإشراف من الأمير محمد بن سعود بن خالد وكيل وزارة الخارجية لتقنية وشؤون المعلومات المشرف العام على الوفد.