لا ينكر أحدٌ، أن بلدنا يمر هذه الأيام، بحالة مخاض تنموية ونهضوية جادة. صحيح أن هذه الحالة مستمرة منذ سنوات، وتحديداً منذ توجيه خادم الحرمين الشريفين على ضخّ العديد من المليارات وبأرقام قياسية وربما إعجازية، لتكون في خدمة الوطن والمواطن، إلا أننا أيضاً نعترف بوجود بعض القصور وفي إدارات معيّنة أو مرافق بعينها، ربما تكون قد سببت إحباطاً للمواطنين. يخجلنا أن نرى في وطننا، وبعد هذه السنوات، فشلًا في بعض شبكات الصرف الصحي. لا أعرف من أين جاء هؤلاء الوعّاظ بمثل هذه التهم وكأن جدّة وحدها ومن بين مدن العالم أصبحت بؤرة فساد استحقت لعنات السماء والأرض وهذا بعيد كل البعد؟ ويؤسفنا أن نسمع في وطننا عن غياب التخطيط المستقبلي في بعض المشاريع وكأن مخططينا لا ينظرون إلا تحت أقدامهم فقط.. يسيء إلى صورتنا العامة، بين العالم الحديث أن نرى كل هذا الفزع وصور المياه التي تغرق أحياءً بأكملها في جدة ونتساءل عن «ملايين الدولة «. وسط كل ذلك تعجبت من بعض لغة الخطاب التي سادت تعليقاً على ما حدث في جدة وسبب الدهشة والغرابة أن هذه التعليقات صدرت عن بعضٍ من مشايخنا الأفاضل الذين تبارى بعضهم ليعتبر ما حدث في جدة وكأنه عقاب من السماء على ذنوب ومعاصٍ، والتي بلغت عنان السماء حسب رأيهم ويزعمون أيضاً أن أهل جدة لا يتوبون ولا يعتبرون من كارثتين تكررتا في عامين متتاليين! لا أعرف من أين جاء هؤلاء الوعّاظ بمثل هذه التهم وكأن جدّة وحدها ومن بين مدن العالم أصبحت بؤرة فساد استحقت لعنات السماء والأرض وهذا بعيد كل البعد؟ لا أعرف، كيف تتأتّى لأي شخص روح الشماتة تلك؟ خاصة إذا كانت في مصيبةٍ دائماً ما دفع ثمنها البسطاء من البشر، والضعفاء من الناس؟ لا أعرف أيضاً، كيف سكت هؤلاء عن الكثير من «الذنوب والمعاصي» المرتبطة بالفساد وقلة الذمّة، وأكل أموال الدولة بالباطل، وما يحدث في صكوك الأراضي، وبيع الهواء على المواطنين على شكل شركات توظيف الأموال، إضافة للمضاربة على الأسهم، وما أدراك ما سوق الأسهم.. وغيرها مما يحدث ونسمع عنه بل ربما ينفطر قلبنا حزناً وغمّاً. يقولون إنه في المصائب أو الكوارث، تتحد المشاعر والعواطف.. ويقولون أيضاً إن المحن وحدها تجمع الأمم، وتظهر صلابة معادن الشعوب.. ولقد رأينا كيف وقفنا جميعاً قيادة وشعباً في كوارث الإرهاب، ومصائب السيول، وأزمات العدوان من فلول التسلل على حدودنا الجنوبية.. كلنا بشر، لا أحد فينا معصوم، ولا أحد منّا بلا خطيئة.. نحن في مرحلة نحتاج فيها إلى بيان مشاعر العدالة والسماحة وفتح أبواب التوبة والطاعة.. يكفينا التخويف والتطرف اللذان دفعنا ثمنهما غالياً.. أقول قولي هذا.. واستغفر الله لي ولكم. تذكر!! تذكر يا سيدي أن السخاء لا يقاس بكثرة العطاء، إنما يقاس بالعطاء في الوقت المناسب. وخزة.. بعض الناس يصدقون « أي شيء « يقال لهم همساً.