أتمنى من كل من يقرأ مقالي ألا يظن الكلمة الأولى من عنوانه تعني ما يملأ الجيب أو المحفظة مثل جيبي الذي ما يخرج منه أكثر مما يدخل فيه بكثير كما أتمنى أيضا أن يكون استمتع بوجبة هنية لذيذة قبل قراءته للكلمة الأخيرة حتى لا يسيل لعابه كما حصل معي وأنا أكتب هذه الكلمات فالسعيد من اتعظ بغيره. لكل منا قناعات معينة تترجمها آراؤنا وتصرفاتنا في حياتنا اليومية بشكل كبير وأحيانا تكون هذه القناعات لدى بعض الناس كالدستور ولكنه غير مكتوب فهي لديه لا تقبل التعديل ولا الاعتراض ولا حتى النقاش,وفي المقابل هناك من يرضى ويقبل بالتغيير أوالتعديل فكلٌ يؤخذ منه ويرد إلا نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم.إلى هنا الكلام سليم في ظني المتواضع ولكن متى تبدأ الفتيلة بالاشتعال حينما تتعارض هذه القناعات ففي مجتمعاتنا لا نفرق بين نفاش الرأي ونقاش الشخص أو بالأصح بين نقد الرأي ونقد الذات وهو الذي يحصل غالبا وهو محور حديثي اليوم فحياكم الله. مشكلة الكثير منا أنه ينتقد بشدة ولا يذكر إلا العيوب دون المزايا إطلاقا وينتقد من أجل الانتقاد بشكل قوي ولاذع دون إيضاح للسبببحكم أننا مجتمع يزخر بالكثير من العلماء إن لم يكن كله علماء والذين هم مستعدون للحديث عن أي شيء بل في كل شيء رجالا ونساء فالحوارات دائما موجودة,وبالتالي تتعارض الأفكار أكثر مما تتفق فيسخن جو النقاش ويبدأ الحوار من العيار الثقيل والذي يتجاوز غالبا نقد الرأي إلى الذات كما ذكرت حتى في أتفه المواضيع.مشكلة الكثير منا أنه ينتقد بشدة ولا يذكر إلا العيوب دون المزايا إطلاقا وينتقد من أجل الانتقاد بشكل قوي ولاذع دون إيضاح للسبب وبرفع للصوت فتصبح حربا كلامية يُخشى أن تتطور في أي لحظة. في الغرب يسمون الاختلاف ظاهرة صحية نتيجة ما ينتج من بيان لوجهات النظر يستفيد منها أكثر من طرف والاستفادة من النقد الهادف ولا تفسد للود قضية أما عندنا الله يخلف ويرحم الحال فهو ظاهرة مختلفة,فأعرف كثيرا من الوقائع التي اختلف فيها أناس وهي أمور تافهة كتشجيع الأندية أو الاختلاف على لعبة البالوت والتي أدت برجل أن يقاطع أصحابه لأكثر من شهر لأنه يظنهم أخطأوا في الحسبة عمدا من أجل هزيمته. رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام أعطانا دروسا كثيرة ومنها التوجيه حين الخطأ فكان توجيهه ليّنا مقبولا فلم يسخّف رأيا أو يقلل من قدر صاحبه حتى في أشد الأمور فكان يأخذ كل رأي وإن كان ناقصا أكمله وشكر صاحبه,ماالمشكلة أن نعود عن رأي معين وتتغير القناعة يوما ما وهل الإصرار على الخطأ يعتبر شجاعة؟ يحدثني زميل كان في دورة تدريبية وكان المدرب يتحدث عن طرق الانتقاد فذكر طريقة جميلة فقال:يجب أن نجعل الانتقاد كالفطيرة,فقلنا كيف؟فقال أن تبدأ الانتقاد بذكر المزايا ثم تأتي بالعيوب ثم تختم انتقادك بالمزايا مجددا أي أن تكون العيوب واقعة بين المزايا كالفطيرة يكون المحتوى منتصفها وبهذه الطريقة تغلف انتقادك لأي رأي بباقة جميلة من المزايا لا تشكك في هدفك من النقد وهو المصلحة والارتقاء ولا شيء غير ذلك.فأن تقول لأحد ما حين تنتقد رأيه(كلامك صحيح ولكن كذا وكذا لكن كلامك صحيح بنسبه كبيرة)أو أن تقول (رأيك قد ينفع في بعض الحالات ولكن في البعض منها لا ولكنه جيد ويمكن الاستفادة منه),ونبينا عليه الصلاة والسلام لم يعاتب عائشة رضي الله عنها حين كسرت الإناء بل امتدحها وذكر شيئا جميلا بها وقال:(غارت أمكم) اسمعوا وطبقوا مع نسائكم.بإذن الله ألقاكم الجمعة المقبلة,في أمان الله. [email protected]