أجمل خبر قرأته الأسبوع الماضي رفض هيئة التحقيق والادعاء العام القضية المرفوعة ضد الكاتب تركي الحمد والباحث عبدالله حميد الدين، اللذين اتهمهما من يسمون أنفسهم ب (المحتسبين) بتهمة التعدي على الذات الإلهية والإلحاد. وأنا أقول هنا سموا أنفسهم بالمحتسبين تحرزا من أن يكون من تقدم بهذه الدعوى متبرعين لبسوا ثياب الحسبة. فأنا لا أفهم، وقد يكون ذلك قصورا في فهمي، كيف نصف كل مجموعة تخرج ضد أي شيء بمثل هذا الوصف، خاصة وأن المسائل المطروحة و(المخروج) عليها لم تعد قابلة للتدقيق والحصر من كثرتها. كل أمر لدينا، من بيع النساء لمستلزمات النساء إلى الجنادرية ومعرض الكتاب والمسرحيات إلى قصيدة فلان ورواية علان وسطران كتبهما فلان. كل هذه الأمور أصبحت قابلة لتدخل (المحتسبين)، الذين يتنادون ويرفعون دعاوى يوزعون فيها التهم كيفما أرادوا. ولا يقل لي أحد هنا إن هذه وجهة نظرهم وهم أحرار فيها، لأن هذه ليست وجهة نظر. هذه قفزات، غير محسوبة ولا مسؤوله، تحرم الناس من فرص متاحة، وترسل أناسا إلى مغبة التصنيف وسوء السمعة ومجاهل التقول في حق هذا وذاك وهذه وتلك. وكلنا نعرف علب الاتهامات التي توزع على أرصفة الإنترنت ودكاكين الفضائيات. وبما أن الحق أحق أن يتبع، فإن الحق هو أن المجتمع، أي مجتمع، لا يُسيره رأي واحد ولا تقوده جماعة بعينها متفردة بمنهجها. لكي يعيش المجتمع ويطول عمره لابد أن تقبل كل صفوفه الاختلاف، وتقتنع بأن الدنيا ملونة وليست لونا واحدا. هذه هي الطبيعة التي خلق الله دنيانا عليها. وأي محاولات ضد هذه الحقيقة ستبوء بالفشل. لذلك، أرجو أن يعيد المتبرعون بالحسبة قراءة الواقع ويتدارسوا هذه الحقيقة، لكي يعترفوا بحق الآخرين في الاختلاف، ولكي لا يرهقوا أنفسهم وأجهزة الدولة بدعاوى الحسبة. تويتر: @ma_alosaimi