طارق عبد الحكيم فنان و موسيقار شغل الدنيا بأسرها بفنه وأعماله التي يشار لها بالبنان و هو كما تدل سيرته الذاتية عميد متقاعد من القوات المسلحة السعودية التحق في الخدمة العسكرية سنة 1939 وحصل على مرتبة ملازم ثم انتقل من الطائف التي كانت مركز الجيش السعودي آنذاك إلى الرياض و عرف عنه مغنياً وعازفا ًهاوياً وفي حياته العديد من الرحلات الفنية التي أضافت لمخزونه الفني الشيء الكثير. من أهم هذه الرحلات رحلة البحرين عام 1939 حيث سجل بعض الأعمال القديمة كالمجرور و المجالسي إضافة إلى بعض ألحانه ورحلة مصر 1952 حيث توافرت له بعثة حكومية من وزير الدفاع منصور بن عبدالعزيز ليدرس الموسيقى في مصر من أجل تأسيس مدرسة موسيقات الجيش السعودي و سجل هناك» يا ريم وادي ثقيف» و «معبد الحب» و «لك عرش وسط قلبي» ثم تعاون في نهاية الخمسينات مع نجاة الصغيرة في أغنية «يللي في هواك هيمان «و فايزة أحمد في أغنية «أسمر عبر» و تم تكليفه حينها من إذاعة صوت العرب بتلحين أغنيات لتوضع في أرشيفها للغناء السعودي ورحلة لبنان 1968 و تعاون فيها مع وديع الصافي في أغنية «لا وعينيك» ثم من سوريا فهد بلان في أغنية «محبوب قلبي» و هيام يونس» تعلق قلبي» و سميرة توفيق» أشقر و شعره ذهب» ومع طلال مداح في الاوبريت الوطني «أفديك يا وطني» , و»عاش من شافك» , و مع محمد عبده «سكة التايهين «وساهم في تأليف مارشات عسكرية و تطوير وتوزيع النشيد الوطني الذي وضع ألحانه المصري عبدالرحمن الخطيب . جوائز عالمية حصل الراحل على جائزة اليونسكو للموسيقى 1981 و انتخب رئيساً للمجمع العربي للموسيقى 1983 و أسس متحف الموسيقى العسكري في الرياض , ثم انتخب رئيساً للمجمع مرة أخرى 1987 وتوفي في القاهرة في 21 فبراير 2012 ودفن فيها بناء على وصيته ، بعد معاناة مع مرض السرطان تاركاً خلفه إرثاً موسيقيا عظيماً و اسماً لا ينسى وحينما يؤرخ للغناء السعودي، فإن طارق عبد الحكيم سيمثل العمود الفقري لهذا التاريخ، فهو رئيس المجمع الموسيقي العربي، وصاحب الإسهامات الرائدة في تأسيس الفرق الموسيقية، وأول مبتعث سعودي إلى معهد الموسيقى العربية بمصر في وقت مبكر من عقد الخمسينات من القرن الماضي، وأول من أخرج الأغنية السعودية إلى النطاق العربي، فغنى من ألحانه كوكبة من المطربين والمطربات العرب أمثال: نجاح سلام، فائزة أحمد، محمد قنديل، كارم محمود، سميرة توفيق، وديع الصافي، وغيرهم ويصف الراحل طلال مداح تلك الفترة فيقول: «لم يكن يشغلني في تلك البدايات سوى طارق عبد الحكيم، ففي كل مكان أذهب إليه أجد الناس يتحدثون عن عبد الحكيم، حتى في البيت الذي أسكنه كانت أغنيته «يا ريم وادي ثقيف»، تحمل صوته إلى غرفتي من مجلس الضيوف» و يعترف قائلاً: «لم يكن من السهل في زمن طارق عبد الحكيم أن تتسع ذائقة الناس لقادم جديد لا يرتدي عباءة طارق عبد الحكيم الفنية». وكان طلال يستعد لهذه المنافسة، ويحاول أن يستقطب إلى صفه الفنان عبد الله محمد الذي ارتبط ولاؤه لفترة بأستاذه طارق ليشكل معه فريقاً واحداً في مواجهة طارق عبد الحكيم في أفراح الطائف، التي كانت الميدان الأبرز للمنافسة.. ويقول طلال بصراحته المعهودة: «لم تكن تخلو تلك المنافسة في البداية من حماسة الشباب، حتى إنني كنت أرصد أماكن الأفراح التي يذهب طارق لإحيائها في مدينة الطائف، فأذهب إلى أقرب فرح منها لأغني مجاناً بغية الانتشار، واستقطاب بعض الجمهور، الذي سيطر عليه طارق عبد الحكيم بفنه الجميل لفترة طويلة من الزمن». متحف الذكريات من أبرز القصص في حياة الراحل أنه حينما حاولت أمانة مدينة جدة في نهاية عام 2005، إغلاق متحفه الذي يضم مجموعة من المقتنيات التراثية والقطع الأثرية والآلات الموسيقية، بحجة عدم وجود ترخيص اكتفى الراحل طارق عبدالحكيم بقوله: «يكفيني وسط هذا النكران من بعض موظفي الأمانة، أن الكثيرين في الوطن يدركون أن إغلاق متحف يعني إغلاق نافذة من نوافذ الضوء».. ثم راح يردد بيتاً شهيراً من الشعر: «سأعيش رغم الداء والأعداء كالنسر فوق القمة الشماء» كان الراحل شامخا كذرا جبال مدينته الطائف، صلباً كضابط مدفعية ثقيلة، فتياً كشاب في العشرين من العمر، متفتحاً للحياة كوردة من ورود بساتين صباه في «المثناة»، تمر السنون عليه فيزداد عبقاً كمسك معتق» رحمك الله يا عميد الغناء السعودي وفقيدنا جميعا .