تعقد القمة العربية التاسعة والعشرون في 15 أبريل في المملكة؛ وستمثل الدول الاثنتان والعشرون الأعضاء في الجامعة العربية في هذه القمة، التي يميّزها عن سابقاتها أنها تأتي في خضم التطورات الساخنة في المنطقة، ووسط نجاح سعودي في التصدي للتمدد الإيراني في المنطقة؛ ما أوقف مشروع نظام الملالي التوسعي، بالإضافة الى تمكن المملكة من إعادة اللحمة بين الدول العربية بعد إحباطها مخطط ولاية الفقيه لمزيد من التشرذم العربي. قمة استثنائية ويؤكد المحلل السياسي إلياس الزغبي في تصريح ل«اليوم»، ان القمة العربية، التي ستعقد في المملكة استثنائية بالفعل، مشيرا إلى بلوغ المملكة مستوى من الجهوزية الاقتصادية والسياسية والعسكرية لتقود العرب من الحالة الانكفائية الى الاقدام والنجاح إيجاباً لحل المسائل والأزمات العربية بما يتجاوب مع طموحات الأمة. ويقول: «المسألة مرهونة بمدى إدراك الدول العربية الى التطورات النوعية، التي تقودها السعودية، ليس فقط في مواجهة التمدد والنفوذ الإيراني المتزايد في المنطقة، بل ايضاً لقيادة العرب نحو العصر، وشهدنا كيف قادت السعودية عملية إصلاح رائدة في كل المجالات، خصوصاً في المجال الداخلي الاجتماعي والثقافي والاقتصادي وعلى المستوى العربي العام والموقع المتقدم، الذي انتزعته المملكة في العالم، ولقد شهدنا الجولة الأخيرة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان كيف أنها أعادت السعودية ومن ورائها العرب الى الصدارة الدولية، ولا ننسى كيف انها تولي المسألة اللبنانية اهتماماً خاصاً من خلال هذه العلاقات المتطورة والمتجددة والحضور المميز لها في الساحة اللبنانية». ويضيف الزغبي: «إذاً، نحن ننتظر كمراقبين أن تكون هذه القمة مختلفة عن سابقاتها لناحية الوضوح في المواقف وتحديداً في استرجاع الحق العربي في إدارة شؤونهم بدون التدخل الإيراني السافر، ونحن نراقب في الوقت نفسه كيف تعاني إيران وبشكل متزايد من أزمات داخلية وخارجية، وفي تقديري ان نظام الملالي لن يستمر في الحكم طويلا، بل نراه قد بدأ يتلقى انعكاسات تورطه في المنطقة العربية ليواجه العالم على أكثر من صعيد». ويختم: «لذلك نأمل خيراً من هذه القمة العربية، وعسى أن تقود لبنان والدول العربية التي تعاني من انشطة إيران المزعزعة لاستقرار وأمن دول الجوار، ونحن نشهد دلائل واضحة في لبنان على هذا التبدل لمصلحة استعادة السيادة، وليست الانتخابات سوى خطوة أولى نحو هذا التبدل الإيجابي لاسترجاع بلادنا الى حضنها العربي؛ ومن بعده سائر الدول التي انغمست مرغمة في هذا المحور الخطير، الذي تقوده إيران». الملف النووي في المقابل، يشدد رئيس جهاز الاعلام والتواصل في القوات اللبنانية، المحلل السياسي شارل جبور في تصريح ل«اليوم»، على اهمية هذه القمة لأنها تأتي في ظل موقف دولي وتحديداً أمريكي شديد الوضوح تجاه طهران على مستويين، الأول الملف النووي والثاني لناحية دورها التخريبي في المنطقة، بالإضافة الى الوضع السعودي المتوافق مع واشنطن، من خلال مواقف اتخذها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في ظل التقاطع غير المسبوق تاريخياً في العلاقة بين الولاياتالمتحدة والمملكة العربية السعودية، ترجم بالزيارة الأخيرة لولي العهد، حيث بدت أنها تجاوزت الزيارات البروتوكولية التاريخية في البلدين الى زيارة تعاون على كل المستويات وفي ظل تحديّات خليجية وعربية واسعة جداً في مستويات متعددة في اليمن والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين. ويوضح جبور، ان هنالك رهانا كبيرا على هذه القمة، التي لن تكون كما كان يقال سابقاً، أي انها لن تكون قمم المواقف، بل هي تأسيسية لمرحلة جديدة وستشكل خريطة طريق للمرحلة المقبلة انطلاقاً من التقاطعات الدولية الإقليمية، التي لم تكن موجودة في مراحل سابقة وانطلاقاً من تحديات وجودية، التي لم تكن موجودة بالشكل الموجودة فيه في اللحظة الحالية. ويختم بقوله: «انطلاقاً من كل هذه العوامل، فإن هذه القمة ستكون مهمة للغاية وستؤسس لمرحلة جديدة على مستوى المنطقة».