الزيارة التي يقوم بها سمو ولي العهد للولايات المتحدةالأمريكية علاوة على أنها تأكيد للعلاقات التاريخية بين البلدين والتي بدأت منذ عهد الملك المؤسس والرئيس الأمريكي روزفلت، واستمرت في عهود أبناء الملك المؤسس جميعا -يرحمهم الله-، وصولا إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.. ولا شك أن تقوية التحالف السياسي بين الجانبين هو في مقدمة أهداف هذه الزيارة، وكذلك الاستمرار في بناء علاقات اقتصادية أكثر قوة علاوة على العلاقات المتينة التي تجمع بين البلدين، إضافة إلى أهداف سياسية واقتصادية يسعى الجانبان إلى تحقيقها على ضوء المستجدات الاقتصادية والسياسية في المنطقة والعالم، وهي فيما يتعلق بالجانب السعودي ذات صلة وثيقة برؤية المملكة الطموحة 2030 والتي تهدف إلى التحول بالاقتصاد السعودي من اقتصاد معتمد على النفط إلى اقتصاد قائم على استثمارات القطاع الخاص بحيث تتحول المملكة إلى مركز استثماري جاذب. ولتحقيق هذه الأهداف فقد حرص سموه إلى جانب اللقاءات الرسمية مع المسؤولين السياسيين والاقتصاديين في الحكومة الأمريكية على عقد العديد من اللقاءات، بل والاتفاقيات مع كبرى الشركات الأمريكية مثل شركة مايكروسوفت لإنشاء البنية التحتية والأنظمة وبرامج التشغيل، وكذلك شركة ستيمنز بغرض تسريع التحول الرقمي في المملكة، وشركة آي. بي. أم واتسون (MIT) للتكنولوجيا الصحية إضافة إلى العديد من الصفقات الأخرى، وكذلك زيارة سموه للجامعات مثل هارفارد وستانفورد وزيارة وادي السيليكون بولاية كاليفورنيا، حيث شركة آبل وجوجل اللتان زارهما سموه بحثا عن إمكانية استفادة المملكة من التقنيات والابتكارات والتكنولوجيا، ضمن حرص سموه على بناء مركز عملاق للتقنية في المملكة على غرار وادي السيليكون من خلال الاتفاق الذي عقد بين شركة (ألفابيت) الأمريكية وشركة أرامكو، حيث من المتوقع أن تصبح السعودية بعد تنفيذ المشروع بديلا لأوروبا من حيث كونها مركزا لبيانات الإنترنت في منطقة الشرق الأوسط، حيث ستغني دول المنطقة عن الارتباط بأوروبا من خلال الكوابل البحرية لهذا الغرض، وتكون شركة جوجل قد استطاعت أن تصبح منافسا لكل من شركتي مايكروسوفت وأمازون اللتين تعتزمان بناء ثلاثة مراكز للبيانات في المملكة، كما أن بلادنا بذلك تكون قد نجحت في إيجاد التنافس بين هذه الشركات الثلاث العملاقة.. إن متابعة الزيارات واللقاءات التي شهدتها زيارة سمو ولي العهد تحتاج إلى العديد من الصفحات.. لكن ما يمكن قوله حقيقة هو أن الزيارة بأحداثها الاقتصادية بشكل خاص تعتبر خطوة عملاقة في سبيل تنفيذ رؤية المملكة 2030، بل هي انطلاقة حقيقية لمشاريع هذه الرؤية التي ستتحقق من خلالها الآمال التي ينتظرها المواطن والوطن من أجل مستقبل زاهر -بإذن الله- وإن غدا لناظره قريب.