عانت الصين لسنوات طويلة من هجرة المواطنين من الأقاليم خصوصا الريفية إلى المدن الرئيسية المزدحمة بالسكان بسبب تفاوت مستوى المعيشة وخدمات البنية التحتية لكن الحال تبدل الآن. فلم يعد الحديث يدور الآن عن تراجع معدلات الانتقال من الريف إلى المناطق الحضرية، في ظل ظهور نمط جديد من الهجرة العكسية وعودة الكثير من الصينيين من المدن إلى قراهم الأصلية. وفي تقرير لصحيفة «تشينا ديلي» قال «هان جون» مدير مكتب العمل المركزي في المناطق الريفية: إن هذا الاتجاه ينمو بالفعل في جميع أنحاء البلاد، مشيراً إلى أن عدد العمال المهاجرين الذين عادوا إلى قراهم الأصلية لبدء أعمالهم التجارية الخاصة في الصين ارتفع بمعدل سنوي يصل لنحو 10% على مدى السنوات الخمس الماضية، مما حول المناطق الريفية إلى وجهات جاذبة للاستثمار. وقال «هان شان فو» وزير الزراعة الصيني: إن أكثر من 7 ملايين شخص معظمهم من العمال المهاجرين فضلوا العودة إلى المناطق الريفية لبدء أعمالهم الخاصة، مشيراً إلى أن هذا التوجه ساهم بقوة في تعزيز التجارة الإلكترونية والسياحة خلال السنوات القليلة الماضية. وأوضح أن إجمالي الإيرادات الناتجة عن الزراعة والسياحة في المناطق الريفية وصل إلى نحو 85.7 مليار دولار في العام الماضي، في حين بلغ حجم تجارة المنتجات الزراعية من خلال التجارة الإلكترونية نحو 34.9 مليار دولار في العام الماضي. ويعزو التقرير أسباب هذه الموجة إلى زيادة الطلب على المنتجات الزراعية الأفضل والأكثر أماناً، وتحسن البنية التحتية في المناطق الريفية وكذا أنظمة التوزيع في ظل التطور التكنولوجي الذي غزا المناطق الريفية. وفقاً لمبدأ توجيهي أصدرته الحكومة المركزية في فبراير الماضي ستتخذ الحكومات المحلية المزيد من الإجراءات لتشجيع الشركات الناشئة في المناطق الريفية، بما في ذلك تحسين بيئة الأعمال وتبني سياسات مالية وضريبية محفزة. وينوه التقرير إلى أن دخل الفرد في الريف ارتفع بنحو 8.5% سنوياً خلال السنوات الخمس الماضية وهو معدل أسرع من دخل سكان الحضر مما أدى لخروج 55 مليون نسمة في الاقاليم الريفية من دائرة الفقر في الفترة من 2013 إلى 2017. ويؤكد التقرير لصحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية تراجع الهجرة الى المدن الكبرى في الصين مثل بكين وشنغهاي بعد تبنيها سياسات للحد من نمو أعداد سكانها. وبحسب الأرقام الرسمية الصادرة في الشهر الماضي تبين أن عدد سكان العاصمة في عام 2017 تقلص بنحو 22 ألف شخص. وينوه التقرير إلى أن الصين قطعت شوطاً كبيراً، بحيث أصبحت «هينان» أكبر مقاطعة زراعية بالصين توصف بأنها نصف حضرية؛ لما بها من تطور في نمط الحياة وهو ما يشجع على المزيد من الهجرة العكسية. وبلغت نسبة سكان مقاطعة «هينان» الزراعية في وسط الصين -البالغ عددهم 96 مليون نسمة- ممن يعيشون في مدن المقاطعة سواء مدنا صغيرة أو كبيرة 50.2% في 2017 مقابل 48.5% عام 2016.