في الأسواق الآسيوية الناشئة اعتباراً من عام 2012 أصبح 52.6% من سكان العالم يعيشون في المدن والمناطق الحضرية، بارتفاع بلغ نسبة 43.7% عن معدل العقدين السابقين. وانتقل في كل عام ما يقارب 1% من السكان إلى المدن والمناطق الحضرية، وهو معدل أسرع بمرتين منه في الفترة بين 1960 و1980. وأتى أغلب هذا النمو الإضافي من آسيا. وتختلف اتجاهات السكان بشكل كبير بين الدول، حيث يعيش تقريباً جميع سكان الدول الصغيرة المتقدمة في المدن والمناطق الحضرية. ففي الدول مثل هونج كونج وسنغافورة لا يوجد سكان في المناطق الريفية. ويركز الاستثمار العقاري في هذه الأسواق على رفع مستوى المساكن المتوفرة حالياً بدلاً من التركيز على توسّع السوق العقاري، ونظراً لمراحلها المتقدمة من التطوير، فالفرص المتاحة محدودة في مشاريع البنية التحتية في مجالات جديدة. ويتبع الخليج، الذي يتمتع بأحد أعلى معدلات السكان في المدن والمناطق الحضرية في العالم، نمطاً مماثلاً. ففي قطر، يعيش 99% من السكان في المدن. أما الكويت، كانت أول دولة في المنطقة تكمل عملية التحضر في أوائل الثمانينات. وفي الوقت الحالي، يعيش 1.7% فقط من سكانها خارج المدن والمناطق الحضرية. وارتفاع المعدلات لا يعني انخفاض النمو في القطاع العقاري. فالتوسع الديموغرافي يتم من خلال انخفاض معدلات الوفيات، وزيادة تدفق المهاجرين، الذين يتركزون بشكل حصري تقريباً في المدن، مما يزيد الطلب على المساكن. إلا أن هذه الدول المتقدمة تفتقد إلى مصدر ثالث للنمو وهو الهجرة من المناطق الريفية إلى المدن والمناطق الحضرية. هذه العملية لا تزال تجري في الدول الخليجية الأكبر. حيث يبلغ معدل التحضر في الإمارات 84.6%، بينما يبلغ في السعودية 82.5%. وشهد كلا البلدين زيادة قدرها حوالي 5% في السنوات العشرين الماضية، ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه، خصوصاً في السعودية، التي تضم نسبة كبيرة من السكان الشباب، وقطاع خدمات يشهد توسعاً سريعاً، ويجذب العمال من المناطق الريفية الفقيرة. لكن المنطقة التي تشهد تحولاً حقيقياً هي آسيا الناشئة. بين عامي 1992 و2012، ارتفعت نسبة السكان الصينيين الذين يعيشون في المدن من 28% إلى 52%. ومع أن خلال هذه الفترة زادت الكثافة السكانية في الصين من 1,150 مليوناً إلى 1,350 مليوناً، إلا أن خلال هذه الفترة انتقل 350 مليوناً من سكان الصين من المناطق الريفية إلى المدن والمناطق الحضرية. واتبعت إندونيسيا نمطاً مماثلاً جداً. ولا تزال الهند بلداً ريفياً بشكل كبير يمثل فيه سكان المدن ثلث إجمالي السكان فقط، وهو معدل أعلى من المعدل البالغ 27% قبل عشرين عاماً. هذه الدول الثلاث تشكل 40% من سكان العالم، وحتى الآن لا يزال حوالي 60% من مجموع سكانها يعيشون في المناطق الريفية. الآثار المترتبة على الزيادة المتوقعة في تحضر هذه البلدان كبيرة جداً. أولاً، سيأتي معظم النمو العالمي في الطلب على المساكن من هذه البلدان الثلاثة في العقد القادم، مما يخلق فرصاً استثمارية هائلة لبقية العالم. وكشفت الصين عن خطة وطنية لنوع جديد من التحضر في أبريل من هذا العام. وهي الأولى من نوعها، وتهدف لنقل أكثر من 15 مليون نسمة إلى المدن سنوياً حتى عام 2020. وتتضمن الخطة إنفاق عدة تريليونات دولار على البنية التحتية مثل السكك الحديدية والطرق ومحطات الفحم، وكذلك العقارات. وهذا يولد نمواً منتظماً في القطاعات المتعلقة بالبناء والإنشاء في حين تفتح البلاد تدريجياً للاستثمارات الأجنبية. الأثر الأساسي الثاني يأتي من كون عملية التحضر في آسيا مكثفة للغاية في السلع، وسوف تتطلب كميات إضافية كبيرة من الحديد والاسمنت والنفط وغيرها. فسيخلق العامل الأول فرصاً للمستثمرين العالميين، في حين أن الثاني سيفيد في الغالب مصدري السلع مثل دول مجلس التعاون الخليجي. *شركة آسيا للاستثمار المتخصصة في الاستثمار