مع بداية ولايته الثانية أعلن الرئيس الصيني شي جين بينج أن هدف الصين المقبل سيكون تحقيق (التحديث الاشتراكي) بحلول عام 2035. وبسبب رؤيته فسوف تستحوذ الصين في عام 2035 على نحو 30% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، أي ما يعادل ضعف إنتاجها الراهن. وجاء في تحليل لصحيفة (جابان نيوز)، وهي النسخة الانجليزية الصادرة عن (يوميوري) اليابانية الشهيرة، أن المؤتمر الوطني التاسع عشر للصين حدد في أكتوبر الماضي الأهداف الاقتصادية الرئيسية ل (التحديث الاشتراكي) في عنصرين الأول: تعزيز القوة الاقتصادية والتكنولوجية للصين بشكل كبير، بحيث تتحول الصين إلى قطب عالمي في مجال الابتكار. أما الثاني فيتمثل في زيادة حجم الطبقة المتوسطة فضلًا عن تقليص الفوارق في التنمية بين المناطق الحضرية والريفية وبين المناطق الصينية بعضها البعض، والقضاء على التفاوتات في مستويات المعيشة. وتشير صحيفة (هيرالد بيزنس) الصينية نقلًا عن (تشو باو ليانج)، كبير الاقتصاديين في مركز الاستعلامات الحكومي، إنه منذ عام 2016 أصبحت الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ولكن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي كان محدودًا بنحو 8113 دولارًا. ولكنه يتوقع أن يرتفع إلى أكثر من عشرة آلاف دولار بحلول عام 2020، وإلى 12 ألف دولار بحلول 2023، قبل أن تصل إلى 20 ألف دولار بحلول عام 2035. وهذا يعني أن الصين يمكن أن تتخلص من مصيدة الدخل المتوسط والتي تتسبب في ركود الاقتصاد عند مستوى دخل متوسط لفترة طويلة، بحيث يصبح عاجزًا عن اللحاق بركب البلدان متقدمة النمو. وينوه (شو هونج كاي)، كبير الخبراء الاقتصاديين بمركز الصين للتبادلات الاقتصادية الدولية، إلى أن اقتصاد الصين سيتجاوز اقتصاد الولاياتالمتحدة بحلول عام 2027. كما يعتقد شو أن الصين ستتحول إلى رائد عالمي بحلول عام 2025 في الكثير من مجالات التصنيع مثل الطيران والفضاء والسكك الحديدية عالية السرعة والطاقة النووية. ويشير في الوقت نفسه إلى أن الصين بحلول عام 2035 ستستأثر على ما يتراوح بين 20 إلى 25% من الإنفاق العالمي على البحث والتطوير. وأنه نظرًا لضخامة الاستثمارات التي ستوجهها الصين في هذين المجالين فمن المؤكد أن تتحول إلى قطب عالمي في التقدم التكنولوجي. ويشير التقرير إلى أنه إذا استمر النمو الاقتصادي للصين بنفس القوة فإن هناك فرصة لانتقال صندوق النقد الدولي من واشنطن إلى بكين في غضون عشر سنوات. وهو ما ألمحت إليه كريستين لاجارد مدير صندوق النقد الدولي في ندوة عقدت في العاصمة الأمريكيةواشنطن في يوليو الماضي. ومن المعروف أنه بحسب اتفاقية تأسيس صندوق النقد الدولي، يقع مقر الصندوق في الدولة التي تتحمل أكبر قدر من المساهمات المالية للصندوق. ومنذ تأسيسه في عام 1945، يقع مقره في الولاياتالمتحدة، أكبر قوة اقتصادية في العالم. وينوه التقرير إلى أن إدارة الرئيس الصيني الحالية تسعى إلى تحويل الصين كي تصبح (دولة اشتراكية حديثة عظمى) بحلول منتصف هذا القرن، بحيث تستطيع منافسة الولاياتالمتحدة. ولكن بحسب الخبراء هناك مجموعة من التحديات قد تحول دون بلوغ الصين لهذا الهدف بحلول عام 2035، وفي مقدمتها الشيخوخة التي ستصيب المجتمع الصيني، فقد ذكرت دراسات حديثة أن الشيخوخة ستضرب سكان الصين، بحيث ترتفع نسبة كبار السن لنحو 14.2% من السكان بحلول عام 2025، بينما سترتفع ل 20% بحلول عام 2036. وفضلًا عن إبطاء عجلة النمو الاقتصادي، ستضيف أعباء إضافية على الموازنة العامة. وبحسب رؤية بكين فإن (التحديث الاشتراكي) يهدف إلى تحديث الأمة والمجتمع، مع الحفاظ على نظام الحزب الواحد تحت سيطرة الحزب الشيوعي. وبالتالي فمن المرجح أن تلجأ الحكومة الصينية لأي وسيلة لتشديد الرقابة بغرض حماية نظام الحزب الواحد.