«الحزام والطريق» مبادرة القرن، ولا مبالغة في وصفها بذلك، فكما لديها سور عظيم سيكون للصين طريق تجارة عظيم إن أكملته وفق مخططها الحالي، المشروع ضخم على مستوى نوعيته وفكرته ومشاركة الدول فيه، حيث مقرر له أن يضم 68 دولة، ويربط القارات في آسيا وأفريقيا وأوروبا مرورا بدول الشرق الاوسط، وسيكون عبر مسارين بري وبحري، وسيكلف ذلك بناء بنى تحتية ومواصلات وتقنيات بتكلفة حالية تصل الى 150 مليار دولار سنويا قابلة للزيادة. هذا المشروع قد يشكل انقلابا عالميا على جميع المستويات، لذا لا تخفي الدول الغربية وأمريكا تخوفها منه، ومعظمهم لم يوافقوا للآن على الانضمام اليه، على الرغم من تبديل الصين كافة سياساتها الداخلية وفتحها التدريجي لاسواقها أمام الاستثمارات الأجنبية، فمن شأن هذا المشروع أن يجعل التنين الصيني يحكم العالم يوما حكما أوحد، الجميع يدرك ذلك، وهناك نقطة مهمة، سوق الصين اليوم تشكل حاجة لجميع الاسواق هذه حقيقة. فبعد إطلاق مبادرتها العظيمة في فتح طرق للتجارة سمتها «العبور» إحدى مبادرات طريق الحرير الجديدة في 2013، أعلنت الصين الاسبوع الماضي أنها بصدد خوض عبور القطب الشمالي متجهة إلى شمال الكرة الأرضية وعينها على الغرب، وهو الاتجاه الجديد الذي تسعى الصين تعويض خسائر الازمات المالية التي لحقت بها لتضمن لنفسها ما يجعلها مستقلة اقتصاديا، وربما كسر شوكة أنداد لها هناك بغزو اقتصادي كاسح. تعول بكين كثيراً على سياسة التجارة الخارجية عبر مبادرة «الحزام والطريق، طريق الحرير في القرن الواحد والعشرين»، الفكرة تكمن في استثمار طريق الأجداد الأوائل نحو التجارة الى الخارج، فالصين تغزو العالم اقتصاديا متحدية كل القيود الغربية. تعتبر التجارة الخارجية أحد أعمدة الصين إن لم تكن قوامها، ووفقا لتقرير رسمي فقد ارتفع حجم التجارة الخارجية الصينية بنحو 14.2% ليصل إلى 4.28 تريليون دولار أمريكي في عام 2017، كما ازدادت صادرات الصين 10.8% لتصل إلى 2.38 تريليون دولار، وارتفعت وارداتها بنسبة 18.7% لتبلغ 1.9 تريليون دولار في عام 2017 وفقا لتقرير رسمي لها صادر نهاية العام الماضي. وبحسب تصاريح صينية فإن حجم الواردات والصادرات من التجارة العامة شهد نموا سريعا وازدادت نسبتها حيث بلغ حجم الواردات والصادرات من التجارة العامة 2.39 تريليون دولار في عام 2017 بزيادة 16.8% ليحتل 56.4% من إجمالي الواردات والصادرات بارتفاع 1.3 نقطة مئوية بالمقارنة مع عام 2016. بكين اليوم تسعى لتصنع طريقا مرصوفا بالحرير تضم فيه العالم بأسره وتتحكم من خلاله بجميع القارات، لا تثريب إنها تفكر في المستقبل حين يحكم العالم الاقتصاد وحده، عبر اغراق الاسواق بمنتجاتها المقلدة والرخيصة، فكرة الاغراق بحد ذاتها آتت أكلها، فاليوم ومع انخفاض اسعار النفط والنكسة الاقتصادية والتحول الى التقشف لن نجد بديلا غير المنتجات الزهيدة المقلدة محكمة الصنع التي تختم بالختم الصيني. إنها تتكاثر في اسواقنا، ففي كل بلد خليجي يوجد سوق لتنين صيني يلقى اقبالا منقطع النظير، هذه البذور التي تنتظر أن تكبر لتفرش طرقاتها بالحرير، هي في الوارد أن تلف العالم كله حتى الى اقطابه المتجمدة.