من منا لم يتعرض في يوم للتعامل السيئ من قبل أي شخص سواء أكان في محيط عائلته أو في مجال عمله دون أن يعرف ما هي الأسباب، يتبادر إلى ذهنه دوما، لماذا؟ أنا لم أفعل شيئا أستحق عيه هذا الأمر! لذلك ترى دوما التفكير في الانتقام من قبل الجنسين دون ترجيح كفة على أخرى، وأسوأ ما قد يرى الإنسان أن يصل أمر هذا الانتقام إلى الأبناء ويتم تشويه الصورة الفعلية لهذا الشخص بالحديث عنه أمامهم وذكر الأكاذيب والتي تجعل منهم أداة في يد الوالدين، فتجد ذلك الابن يخرج لمجتمع بعيد تماما عن هذا الشخص وحين يُذكر اسمه يبدأ بالكيل له وتشويهه بكل ما تم شحنه به من أكاذيب وأقاويل لا يستطيع بها أن يُكذب والديه لأنهما القدوة الحسنة أمامه ويكفينا هذا مثلا، ناهيك عن الأشياء الأخرى والتي مر بها معظمنا من أنواع الانتقام لأنك متميز او طموح. قرأتُ كثيرا لعلي أعرف السبب الذي يجعل الآخرين ينتقمون من بعضهم البعض ولماذا ينتقمون وما حجة الناقل في تشويه صورة أيا كان لدى الغير، فلم أجد سوى دراسات تؤكد على تقلب طبيعة النفس البشرية والتي تتعرض لانتكاسة مرضية اسبابها متعددة أو لإثبات صحة ما يقول. الأصل أن الإنسان يولد على فطرته وهي الفطرة السليمة المحبة التي خُلقنا جميعا عليها، والتربية هي الأساس في كل شيء، وحين يتربى الطفل على الأنانية فمن الطبيعي أن يولد معها طبع الانتقام حين يرنو شخص لما في يده ويكون كل أمر بين يديه أو أن يكون الأفضل بين أقرانه فمن الطبيعي أن تنشأ الغيرة القاتلة بداخله والتي يتبعها الكره لمن علا عليه في أي مجال كان، وإلى ذلك من الأمور التي قد تنشأ هذه الأمراض في داخل النفس. ولكن السبب الحقيقي ذكره شاعر أسباني تفوق على نظرائه في عالم الشعر إلا انه رفض أن ينشر من شعره في أي مجال كان واحتفظ به في منزله وحين سُئل عن السبب قال: لا أريد أن تتمتع البشرية بقراءة شعري لأنهم لا يستحقونه، وحين سُئل لماذا قال: لأنهم لم يعرفوا معنى الحب الحقيقي ولم يدركوا مفهومه. وهذا هو السبب فعلا لما وصلنا إليه من التفنن في أمورنا الانتقامية. لأننا فقدنا أصلا من الأصول الإسلامية والتي من المفترض أن تجعل منا مجتمعا يقود العالم إلى الإمام بفكره وعقله وقلبه، ولكن للأسف أخذ العالم يقودنا نحو بعضنا البعض، فحاربنا الأخ قبل الجار، وهجرنا الوالدين والإخوة لأجل الأبناء، وقطعنا الرحم تحججا بالمسافات، وشوهنا صورة الصديق من أجل لا شيء، ونسينا أن لذة العطاء تفوق لذة الأخذ. فلتكن تلك دعوة للحب وعودته لقلوبنا واسترجعوا معي (لا يؤمن أحدكم حتى يُحب لأخيه ما يحب لنفسه).