نعيش في مجتمع يعتبر المشاريع الخدمية المحلية غالبا مشاريع تطوعية أو مؤسسات غير ربحية أو بمعنى آخر مشاريع لخدمة المجتمع بالمجان. على سبيل المثال خدمات الاستشارات الإدارية والاستشارات القانونية والهندسية؛ ولأنه في منظور الناس أن أي منتج استشاري معنوي غير ملموس ولا مادي ما هو إلا نتاج جلسة تأمل في الكورنيش حين يحتسي الإنسان فنجان قهوة. ولم يعلموا أن الوصول إلى فكرة مميزة هو وليد سنوات من الدراسة والكد والتعب ثم العمل الدؤوب والقراءة المستمرة والخبرات المتراكمة. ولا أعرف في الحقيقة متى يقدر المجتمع الخدمات الاحترافية وينزلها منزلتها من بين المهن! فعالم الخدمات تكلفته في العنصر البشري المميز الذي لا يقدر وحين يتكلم صاحب الخدمة عن التكاليف لا يستوعبها المستهلك أغلب الأوقات ويظن أن صاحب العمل مبالغ أو طماع ولم يعلم أنه بالكاد يغطي مصاريف الموارد البشرية التي هي أثمن ما يملك مقابل خدمات نوعية مميزة وإبداعية. هنا دعوة لكل من يتعامل مع أصحاب الخدمات أن ينتقي الأفضل أولا ثم ثانياً بأن ينصفهم بالتعامل بقيمة تتناسب مع خبرتهم. فمجتمع بلا خدمات استشارية مميزة منصفة هو مجتمع يخوض الحياة بكل بساطة وبدائية وبلا تميز ولا عمق وهذا ما نرجو اختفاءه عاجلاً غير آجل.