بذل الرئيس السابق لمجلس الاحتياطي الفدرالي آلان جرينسبان جهودا أكثر من أي شخص آخر لإغراق العالم بالوعود الفارغة من خطط الإنقاذ وتسهيل السياسة النقدية وغيرها من الإجراءات التي لا ترتقي أن نصنفها كحلول، ولكن أحد طروحاته المغلوطة أثبت أنه أكثر ثباتا من البقية. وفي كلمته التي ألقاها في مؤتمر «جاكسون هول» عام 2002 والتي حملت عنوان «التقلبات الاقتصادية»، أطلق جرينسبان تصريحه الشهير: «قمنا في مجلس الاحتياطي الفدرالي بالنظر في عدد من المسائل ذات الصلة بفقاعات الأصول - أي ارتفاع أسعار الأصول إلى مستويات غير مستدامة. ومع تطور الأحداث، أدركنا وبالرغم من شكوكنا أنه كان من الصعب للغاية أن نقوم بالتعرف على فقاعة ما بصورة مؤكدة قبل أن تتحول لأمر واقع: أي عندما أكد انفجارها مسألة وجودها». ما هي الفرضية الأساسية؟ ان مسألة التعرف على الفقاعات وتحديدها صعبة للغاية... ولكن للأسف سيد جرينسبان - هذا الأمر غير صحيح! وفي الواقع، قام أندريس نيستين، محلل الاقتصاد الكلي لدى ساكسو بنك (وعالم الفيزياء الفلكية المقيم)، بكتابة مدخل قصير إلى الرياضيات الأساسية التي تكمن وراء حدوث الفقاعة؛ ونحن نعرفها بالحالة التي تنشأ عند ارتفاع الأسعار الأسي الفائق. ونحن لا ندعي معرفة موعد انفجار الفقاعات الحالية. ولكن يمكن لنا أن نحدد مكان تواجدها، ونعتقد أن هناك العديد من الفقاعات الكبيرة في الوقت الراهن. ونرى هذه الفقاعات في سوق السندات والأسهم والملكية الخاصة ورأس المال الاستثماري والعقارات ودون أدنى شك في العملات الرقمية أيضاً. (ومن المثير للاهتمام أننا لا نرى أي فقاعات أو ما شابه في سوق السلع، والتي نادرا ما كانت أقل جاذبيةً من غيرها... ولكن هذا الأمر يعتبر موضوعا آخر) ويمكن أن تكون فقاعة العملات الرقمية هي الأكثر وضوحا بسبب التقلبات العالية ومستوى الأداء المسجل خلال عام 2017، ولكن يجب ألا تنطلي علينا الخدعة ونعتقد أن فئات الأصول الأخرى لا تعتبر مرتعا للفقاعات هي الأخرى. وفي الواقع، يمكن لطول ومدى بعض هذه الأسواق الصعودية أن يخفي مدى انحراف هذه الأصول عن الأساسيات. وخلال الشهر الماضي، على سبيل المثال، أصدرت النمسا سندات على 100 عام بفائدة لا تتجاوز 2.1% ستفقد ما يقارب نصف قيمتها في حال ارتفعت أسعار الفائدة بنسبة 1% أو أكثر، وخلال الأسبوع الماضي قفز سهم «كوداك» بنسبة 117% على خلفية إعلانها عن إطلاق إصدارات أولية لعملة إلكترونية خاصة بها من أجل زيادة رأس المال. ويستمر السعي وراء تحقيق العائدات في حين يواصل صناع السياسات في البنك المركزي، بدعم من عدم قدرة الساسة على تمرير قرارات إصلاحية حقيقية، إغلاق أعينهم وتعليق الآمال بأن تنتهي الأمور بأفضل صورة ممكنة. ومع دخولنا في الربع الأول من عام 2018، يبدو العالم مرةً أخرى ملياً بالأمل والقليل من الحقائق الثمينة. ويبلغ النمو المتوقع للأرباح قبل الفوائد والضريبة والاستهلاك وإطفاء الدين في مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» نسبة 19% لعام 2018 (مقابل نسبة 17.5% القياسية التي سجلت خلال تسعينيات القرن الماضي). ولا تتسبب وعود مجلس الاحتياطي الفدرالي برفع أسعار الفائدة ثلاث مرات أو أكثر بأي إزعاج لسوق السندات، حيث تستمر فروقات الائتمان بتسجيل مستويات انخفاض جديدة، وحيث ترتفع عائدات السندات الأمريكية لفترة 10 و30 عاما وفق وتيرة جليدية، ولكن هناك بعض الأشياء المثيرة للاهتمام والتي ينبغي الإشارة إليها في هذه الناحية. وتتبع البنوك المركزية حول العالم الآن خطى مجلس الاحتياطي الفدرالي في تطبيع السياسة. ومنذ بداية هذا العام، أصبح كل من البنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان أكثر تفاؤلاً بشكل ملحوظ حيال المستقبل - بالقدر الكافي الذي يدفعهم للنظر في مسألة التدهور الإضافي كأولوية على رأس قائمة جهود التطبيع الحالية.