أسعدتني صورة لامرأة مسنة تجلس على كرسي متحرك لحضور مباراة ملعب الجوهرة، لتتجاذبني عدة أفكار، الأولى هي كيف نصنع إنسانا في منتهى النضج ينعم بفكر التسامح والتعايش والحب مع محيطه، قادر على أن يتناسى دون أن ينسى؟، كيف نتشبع بقناعة المسنين بأن ما نراه عظيماً أو محبطاً هو لا شيء؟، كيف نتصالح مع ذواتنا ونعيش في سلام أبدي؟. أما الثانية فهي أن حضور المباريات بات متنفسا للتغيير لفئات مختلفة العمر، وأن كل من ظن أنها منحنى للتغريب أو الاختلاط فلا بد أن يعيد النظر أمام التنظيم الراقي، وأن يتجاوز تهمة الشاة والذئب التي ألصقها الظن السيئ بشبابنا من الجنسين وحرمنا جميعاً أن نعيش حياتنا الطبيعية كبقية البشر، بل وأوقف عجلة التنمية في بلادنا. وأخيراً، أننا ما زلنا عاجزين عن وضع آليات لتقدير فئة كبار السن والمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة في فعالياتنا، العجزة فعلياً منسيون من كل شيء وأي شيء، بل ونتفاجأ لحضورهم، وكأن المفترض أن لا يكونوا جزءا منا. الملعب هو ترميز لواقع التقصير، رغم وجودهم كهدف أساس في رؤيتنا الجميلة والتي نصت بجانبها الصحي على زيادة متوسط العمر للفرد من 74 إلى 80، لكنها ركزت في فئة الشباب دون الثلاثين وتجاوزت نسبياً ذوي الخبرات من برامجها، وأقصد من تتجاوز أعمارهم 40-60 ليكون التركيز على فئة الشباب دون 30 فقط. أنا أكتب لأنني من الناس الذين تعلموا الكثير من الدروس الجيدة والمؤلمة من رجال ونساء من القياديين والقياديات تجاوزت أعمارهم 40 و50، لكنهم كنوز في محيط بيئة العمل، ورغم ذلك هم خارج خطط التطوير أو الاستفادة رغم صغر سنهم مقارنة بمتوسط العمر المستهدف، ماذا سيفعلون وكيف يستفيد منهم الوطن في ما يقارب 40 عاماً من أعمارهم المقبلة دون وجود خطط أو مبادرات لتكريم عطائهم والاستفادة من تجاربهم حتى يجد القياديون من الشباب من يعينهم ويختصر عليهم الكثير من الوقت والألم. فكرة تشكيل موظف وتمكينه فكرة متعبة جداً وتستهلك الكثير من المال والتعليم والتدريب، وهي عملية منهكة ولا ينبغي أن تنتهي بلا شيء.