ذكرت بعض المواقع الاقتصادية أن الاقتصاد الصيني سيتفوق في المستقبل على الاقتصاد الأمريكي، بل إن الاقتصاد الهندي سيكون في المرتبة الثانية كأكبر اقتصاد في العالم بعد الصين، وأن دول العالم الأول التقليدية ومنها أمريكا ستكون تابعة للاقتصادين الهندي والصيني وبذلك سيفقد الدولار الأمريكي قوته ونصيبه من التجارة العالمية. وأعتقد هذه التوقعات غير منطقية وذلك لديناميكية الاقتصاد الأمريكي وكذلك الشعب الأمريكي، حيث يعتمد الاقتصاد الأمريكي الان على ما يعرف بالثورة الصناعية الرابعة، والتي في اعتقادي لم يدخلها كثير من دول العالم الأول، ناهيك عن دول العالم الثالث ومنها الصين والهند. وتعمد الثورة الصناعية الرابعة على (السوفت ويير) أو العالم الافتراضي عالم غير مرئي وغير محسوس عالم التكنولوجيا الصناعي وعالم التجارة الإلكترونية والذكاء الصناعي وبذلك استطاع العالم الافتراضي أن ينتزع التفوق من الموارد الطبيعية من بشر وبترول ومياه وزراعة وذهب وفضة دورهما في دورة الإنتاج مقارنة بما يقدمه العالم الافتراضي من خدمات. صحيح تمتلك الصين والهند أعدادا بشرية ضخمة، حيث يزيد تعداد سكانيهما عن المليار نسمة لكن التكنولوجيا الجديدة تغلبت على هذه الأعداد الضخمة، ومع ذلك فإن التقدم الاقتصادي للصين والهند لم يكن يعتمد على البشر فقط بل اعتمد على التكنولوجيا الأمريكية، بمعنى أن الصين والهند كان دورهما زبائن داخل السوق الأمريكية ويستهلكون المنتج الأمريكي، وبالتالي هم جزء مستهلك في عالم الثورة الصناعية الجديدة، ولم يصبحوا بعد مشاركين لها ولن تسمح أمريكا لأحد في هذا الوقت مشاركتها. فأكبر شركات العالم الافتراضي هي أمريكية، وهذا كاف لجعل الاقتصاد الأمريكي متفوقا والدولار الأمريكي متفوقا على العملات الأخرى لعدة عقود قادمة. وأعتقد أن أي اقتصاد يريد اللحاق بركب الدول الاقتصادية الكبرى يجب عليه الدخول وبقوة في العالم الافتراضي والثورة الصناعية الرابعة، وذلك يبدأ بتغيير مناهج التعليم والتخصصات الجامعية وخلق بنية تحتية تتواكب مع الثورة الصناعية الجديدة.