زاد البيت الأبيض، عشية زيارة رسمية يعتزم الرئيس الصيني هو جينتاو القيام بها إلى الولاياتالمتحدة الأسبوع المقبل، ضغوطه على القيادة الصينية إلى الذروة، محذراً بلغة دبلوماسية، لكن تعتبر سابقة، من أن بكين بامتناعها عن تلبية المطالب الأميركية، وفي مقدمها تعويم اليوان، تغامر بالتعرّض لتجاهل مطالبها، لا سيما فتح السوق الأميركية أمام الاستثمارات الصينية. وأكد وزير الخزانة الأميركي تيم غايتنر، في محاضرة ألقاها في جامعة «جون هوبكنز» الأميركية بعنوان «مستقبل العلاقات الاقتصادية الأميركية-الصينية»، أن الصين توفر فرصاً اقتصادية ضخمة لأميركا والعالم، لكن رأى في ضخامتها وسرعة نمو اقتصادها والسياسات التي تنتهجها حكومتها «مصدر قلق متعاظم للولايات المتحدة والكثير من الدول الأخرى». واعترف بما فرضته الأزمة المالية من «تغيرات جذرية قي الخارطة الاقتصادية»، فأميركا التي لعبت دور القاطرة الرئيسة للاقتصاد العالمي على مدى عقود، تراجعت لتصطف بين مساري «الاقتصادات الناشئة التي ما زالت في مرحلة من النمو السريع وبين الاقتصادات المتقدمة، التي ما زالت تواجه تحدّي إعادة النمو بعد الأزمة». وتوقع غايتنر أن ينمو الاقتصاد الأميركي ب «نصف وتيرة الاقتصادات الناشئة الرئيسة وضعفي وتيرة النمو في أوروبا واليابان»، لكنه شدد على أن بلاده تريد لعب دور رئيس في نمو الاقتصادات الناشئة والاستفادة من مكاسب هذا النمو. وقال: «بينما تنمو الصين والهند والبرازيل والاقتصادات الناشئة الأخرى وتتمدد، نريد للاقتصاد الأميركي والعمال الأميركيين والشركات الأميركية أن تلعب دوراً رئيساً في هذا النمو وان تكسب من فوائده الضخمة». وأضاف: «نريد أن نرى قسماً ضخماً من النمو في الطلب خارج الولاياتالمتحدة، تلبّيه سلع وخدمات تصنع وتنتج في أميركا وتساهم الاستثمارات الأجنبية في تمويلها». وأكد أهمية المصالح الاقتصادية المشتركة التي تتبادلها بلاده مع الصين، مشيراً الى ان الأخيرة «تحتاج إلى الولاياتالمتحدة، التي تجني أيضاً مكاسب هائلة من التوسّع السريع في علاقاتها الاقتصادية معها». ولفت إلى أن قيمة صادرات أميركا إلى الصين مهيأة للارتفاع إلى 100 بليون دولار في العام الجاري، مسجلة ضعفي وتيرة نمو الصادرات الأميركية إلى بقية دول العالم. وشملت المطالب الأميركية، التي عزا وزير الخزانة معظمها إلى «استمرار سيطرة الحكومة الصينية على مفاتيح الاقتصاد وقطاع المال»، وضع حدّ للتمييز ضد الشركات الأميركية العاملة في الصين، مشيراً إلى أن الشركات المحلية يتاح لها الاستفادة من حزمة من أشكال المعاملة المفضلة والدعم والحواجز التجارية، ما يمنحها ميزة تنافسية، مقارنة بالشركات الأميركية والأجنبية الأخرى. واعتبر مكافحة «سرقة حقوق الملكية الفكرية المتفشية في الكثير من الصناعات الصينية» أحد أهم المطالب الأميركية، ويليها من حيث الأهمية تبنّي الحكومة الصينية محفظة من السياسات الجديدة التي تشجع على الابتكار المحلي، لكنها تعطي أفضلية للتكنولوجيا الصينية على حساب التكنولوجيا الأجنبية في مشاريع كثيرة، منها المناقصات الحكومية الضخمة. وأدرج غايتنر مسألة «تحكّم» الصين بسعر صرف اليوان في نهاية سلسلة المطالب الأميركية، من دون أن يقلل من أهميتها، خصوصا آثارها المتمثلة في تقييد حركة انتقال رؤوس الأموال من الصين وإليها. ولفت إلى أن بكين أطلقت أخيراً حملة جديدة لمكافحة التعدي على الملكية الفكرية والتزمت الامتناع عن التمييز ضد الشركات الأميركية العاملة في الصين، وزيادة فرصها في المنافسة على المناقصات الحكومية، لكن شدد على أن واشنطن تعتزم الاستمرار في حض بكين على تحقيق مزيد من التقدم على صعيد تحقيق مطالبها. وربط غايتنر بين مطالب بلاده ومطالب صينية مقابلة، لخّصها في رغبة الصين في زيادة فرصها في الحصول على منتجات أميركية ذات تقنية عالية، وفتح السوق الأميركية أمام استثماراتها ومنحها التسهيلات التي تتمتع بها اقتصادات السوق. وقال: «إننا على استعداد لتحقيق تقدم على صعيد هذه المسائل، لكن من المؤكد أن قدرتنا على التحرّك مرهونة بمدى التقدم الذي نراه من جانب الصين»، موضحاً أن تلبية المطالب الصينية مرهون بمبادرة بكين إلى تلبية المطالب الأميركية.