للمرة الثانية يدعي الحرس الثوري الإيراني نهاية الانتفاضة الشعبية ضد نظام «ولاية الفقيه» وسياسته الداخلية والخارجية، لكن الاحتجاجات تتسع، لتكون ادعاءات الحرس الثوري مجرد محاولة إعلامية للتأثير على عزيمة المحتجين. فيما وصف رئيس حكومة إقليم كردستان العراق اتهام نظام الملالي لأربيل بالضلوع في تظاهرات إيران ب«الكوميدي والهزلي». وأصدر الحرس الثوري الإرهابي بيانا هو الثاني من نوعه زعم فيه انتهاء الاحتجاجات، محملا قوى خارجية مسؤولية تدبير المظاهرات. وفند رئيس حكومة إقليم كردستان العراق نيجرفان البارزاني، الأحد، ادعاءات نظام إيران، ووصف اتهام الملالي لكردستان بالضلوع في تظاهرات إيران ب«الكوميدي والهزلي»، قائلاً إن ما يجري في إيران شأن داخلي. وقال البارزاني في مؤتمر صحافي عقده في السليمانية: «إن التفكير بدور مفترض بالتظاهرات الإيرانية الأخيرة هو تفكير كوميدي وهزلي ومضحك»، وقال: «لسنا ضالعين بمشاكل إيران» وشدد على «أن ما يجري في إيران هو شأن داخلي». ادعاء وفشل ورغم إعلان حرس المرشد إنهاء التظاهرات، إلا أن القبضة الحديدية للنظام الإيراني فشلت في منع المحتجين من الخروج إلى الشوارع، مع اتساع نطاق الاحتجاجات في أكثر من 120 مدينة، واضطراد الحرس الثوري للتدخل في مدن عديدة. وأفاد ناشطون بوقوع اشتباكات بين محتجين وقوات الأمن التي حاولت تفريقهم بالقوةِ خاصة في تبريز وخرم أباد واصفهان وقائم شهر وأراك. ووقفا لمراقبين، تميزت هذه الاحتجاجات عن سابقاتها بتجرؤ المتظاهرين في الهجوم على مراكز أمنية، إضافة لحرق صور لخامنئي ورموزِ نظامه ورفع صور لرموز المعارضة في الخارج، ومنها رئيسة المقاومة الإيرانية، مريم رجوي. وفي السياق نفسه، بثت مواقع تواصل صورا لعناصر من وحدات الباسيج يحرقون بطاقاتهم معلنين تضامنهم مع المتظاهرين. ووفقا للمقاومة الإيرانية، انتفض الشباب في شيرآباد بمدينة زاهدان؛ خروجا على نظام «الملالي»، ليلحقوا برفاق الحرية في سائر المدن الإيرانية. وأغلق المواطنون الشوارع، لمنع تقدم قوات القمع، التي أطلقت النار تجاههم، وتزامن هذا مع اعتصام أسر المعتقلين أمام سجن إيفين في العاصمة طهران، ونصبهم لخيام رغم برودة الأجواء المصحوبة بالأمطار، مما يزيد من حرج النظام الذي يدعي أنه اعتقل عددا محدودا من المحتجين، لكن المعارضة تقول إن النظام زج بآلاف من الشباب في السجون. تضامن خارجي وعلى صعيد التضامن الأوروبي والأمريكي مع المنتفضين ضد سياسة وعبثية نظام خامنئي، تظاهر المئات في عدة عواصم أوروبية، وكندا والولاياتالمتحدة، معبرين عن تضامنهم مع الشعب الإيراني. وطالب المشاركون بإسقاط النظام في إيران، وكف يده عن التدخل في شؤون الدول الأخرى وإنفاق الأموال عل الإيرانيين بدلاً من انفاقها على الميليشيا في الخارج. في ألمانيا، تظاهر المئات أمام بوابة براندنبورغ؛ تضامنا مع المحتجين الذين يواجهون آلة القمع في الشوارع الإيرانية منذ قرابة الأسبوعين. ورفع المتضامنون الأعلام الإيرانية ولافتات تطالب بإسقاط نظام طهران، الذي ينفق أموال الشعب لخدمة مخططاته التخريبية والعدائية في المنطقة، ودعوا الحكومة الألمانية والمجتمع الدولي لإدانة عمليات القتل الجماعي، التي تنتهجها دولة «الملالي»، وتنفذها في شوارع إيران، واتخاذ خطوات جادة للإفراج عن المعتقلين. وفي مشهد آخر أمام سفارة إيران في فرنسا، شارك المئات من الفرنسيين والمعارضين الإيرانيين في مظاهرة متضامنة مع ضحايا الاحتجاجات في الداخل الإيراني، ورددوا شعارات نددت بنظام «ولاية الفقيه» ورموز السلطة، مطالبين بوقف دعم الميليشيا التي تقتل المدنيين في سورياوالعراق واليمن ولبنان، وإهدار مال الشعب الإيراني. وشهدت دول أوروبية أخرى والولاياتالمتحدة وكندا تظاهرات بالتزامن مع تلك التحركات. إلى ذلك، عقد برلمان النظام الإيراني جلسة مغلقة لبحث الانتفاضة ضد سياسته، وسيناقش المجلس أيضا مسألة القيود المفروضة على شبكة تليجرام الاجتماعية، الأكثر شعبية في إيران، خلال الاضطرابات. تعذر الوصول ويستخدم أكثر من 25 مليون إيراني يوميا شبكة التواصل تليجرام، لكن السلطة تمارس تحكماً في الشبكة وتفرض قيوداً، واحياناً تجعل استخدامها صعباً. وما زال استخدام الشبكة متعذرا عبر الهاتف النقال، إلا إذا تم استخدام شبكة افتراضية خاصة. وفي المقابل، قالت تقارير: «إن النظام اعتقل الرئيس السابق، محمود أحمدي نجاد، في مدينة شيراز، بتهمة التحريض على الاضطرابات عقب تصريحات أدلى بها في مدينة بوشهر. وأفادت التقارير بأن إقامة جبرية قد تفرض على نجاد، بعد اعتقاله بموافقة المرشد علي خامنئي». وساءت العلاقة بين نجاد وسلطة المرشد منذ قبيل انتهاء ولاية نجاد، ومنع المرشد نجاد من الترشح للانتخابات الرئاسية الأخيرة، ويتهم نجاد اذرع مرتبطة بالمرشد باستهدافه. وكان رئيس القضاء الإيراني صادق آملي لاريجاني قد هاجم الشهر الماضي نجاد ومساعديه واتهمه بمحاولة إشعال فتنة جديدة في البلاد، وهي التهمة التي أطلقها المتشددون ضد كروبي وموسوي أدت بالأخيرين إلى الإقامة الجبرية. وتعيش إيران على وقع احتجاجات مناهضة للنظام لليوم الحادي عشر، وتميزت هذه المرة عن احتجاجات 1999، و2009، بأنها ثورة شعبية ضد النظام بأكمله، في وقت أعلنت فيه الولاياتالمتحدة خلال جلسة لمجلس الأمن، الجمعة، دعمها الصريح للتظاهرات في إيران. وذكرت تقارير أولية أن عدد الاعتقالات في الأسبوع الأول من انتفاضة الشعب الإيراني ضد سياسة نظامه الداخلية والخارجية، في أكثر من 120 مدينة وصل إلى ما لا يقل عن 2500 حالة، وأشار عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، مهدي عقبائي إلى اعترافات مسؤولي النظام فيما يتعلق بإحصائيات الاعتقالات في 15 مدينة. .. وآخرون يحملون لافتات عليها صورة زعيمة المعارضة (رويترز) ومسيرة تضامنية ثانية في ساحة براندينبيرج ببرلين (رويترز)