بُثت مساء الثلاثاء الماضي الحلقة التسجيلية الرابعة من برنامج «شاعر المليون» للموسم الثامن (جولة أبوظبي) عاصمة الثقافة ونبض المشاعر وملتقى الشعراء، وآخر جولات «شاعر المليون». واستهلت الحلقة التسجيلية الرابعة من الحلقات ما قبل المباشرة للبرنامج بحديث لسلطان العميمي، عن الراحل محمد خلف المرزوعي، وعرض تقرير عن المزروعي وخدمته للشعر ومساهماته الكثيرة في الحفاظ على الموروث الشعري ودعمه لشاعر المليون منذ البدايات. ومن ثم وكعادتها حملت الجولة في طياتها الكثير من الشعر المميّز من قِبَل شعراء الإمارات والدول الأخرى، ولأنها آخر المحطات باتت ملتقى للشعراء لكل الدول، و كان أول الشعراء المقابلين للجنة الشاعر مسعود الأحبابي، وهو من أصحاب الهِمَم، وقال: إنه يمثل شريحة واسعة، وجاء إلى شاعر المليون ليثبت للعالم أن أصحاب الهِمَم موجودون، ولهم دورهم في المجتمع، وقد نالت القصيدة إعجاب اللجنة وحظيت بالإجازة. كما تفاوتت القصائد التي ألقاها الشعراء أمام أعضاء لجنة تحكيم المسابقة في المستوى الإبداعي، وتنوّعت من مدارس شعرية مختلفة، وعبّرت في مضمونها عن هموم وطنية وتجارب إنسانية وأخرى ذاتية عاطفية، وقوبل نقد أعضاء لجنة التحكيم بسعة صدر من قِبَل المشاركين. أما المفاجأة فكانت الشاعر الباكستاني منصور نور الله الذي قدّم قصيدة جيدة، وقال إنه تعلّم الشعر النبطي من الكتب، خاصة من كتب د. غسان الحسن، وأكد سلطان العميمي أن الشاعر كان جيدًا في اكتسابه هذا العلم وهذا الشعر، كما أشاد د. غسان به وتمت إجازته بالإجماع. ومن أهم ما ميّز هذه الحلقة هو الكم الهائل من المشاركات الجيدة، والأسماء التي قابلتها لجنة التحكيم.. وهذا دليل واضح على أن الشعراء والجماهير قد استوعبوا جيدًا أن «شاعر المليون» ليس مسابقة تليفزيونية عادية، بقدر ما هو رسالة ثقافية تخدم الوسط الثقافي والشعري بالمرتبة الأولى.. وأولى الشاعرات في جولة أبوظبي كانت الشاعرة بتول حسين آل علي التي حصلت على البطاقة الذهبية من د. غسان الحسن، وكانت أول شاعرة تحصل على البطاقة الذهبية في تاريخ المسابقة حسبما قالت. كما كشفت الحلقة عن إبداعات مميزة للشعراء الإماراتيين، فضلًا عن التطور في إبداعات شعراء الإمارات وفقًا لما أكده عضو لجنة التحكيم د. غسان الحسن، على أن جولة أبوظبي كعادتها فيها تنوّع كثير، وستسبب قلقًا لأعضاء اللجنة أثناء اختيار الشعراء، فالكثير منهم مميّز ويصعب على اللجنة الاختيار، والبطاقة الذهبية يمكن أن تعطى للمتميّز، وانا أعطيت البطاقة الذهبية كي يصل صاحبها للمئة، ولكن هناك لا توجد شفاعة. وتضمنت الحلقة جولة لأعضاء اللجنة في متحف اللوفر في أبوظبي، والتعرف على معروضاته وموجوداته، والتعرّف على الإبداع الفني والتصميمي لهذا المتحف وما يضمّه من تحف نادرة من جميع حضارات العالم. ومرة ثانية يثبت أصحاب الهِمَم حضورهم الفعلي في «شاعر المليون»، حيث تقدّم الشاعر طالب المري وهو كفيف، وقد نال إعجاب اللجنة وحظي بالإجازة بالإجماع، كما قدّم شلة بصوت شجي جميل أطرب أعضاء اللجنة الذين صفّقوا له، وطلبوا منه أن يقدم المزيد من هذا الإبداع وكانت هذه التجربة أول مشاركة له في شاعر المليون. وصرّح حمد السعيد قائلًا إن أبوظبي عودتنا على المفاجآت والجنسيات الكثيرة التي تحضر إلى أبو ظبي وتعوّدنا على الجمال والإبداع في أبوظبي، وهذا ليس جديدًا على هذه الجولة، وما لاحظناه الحضور المميز للشعراء المبدعين في هذه الجولة من مختلف الجنسيات. وللمدن حضور قوي في قصائد الشعراء الذين قابلوا اللجنة وكانت تلقى هذه القصائد الإعجاب، ومن مصر ومن سيناء تحديدًا شارك الشاعر فريج عطوة وتمت إجازته بالإجماع، كما تمت إجازة الشاعر الإماراتي عبدالله الدرعي، ومن العراق كان الشاعر رضا الشامي مسك الختام في جولة أبوظبي، وتمت إجازته بالإجماع. من جانب آخر، أعلنت لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية، عن انتهاء اختبارات الشعراء الذين تأهّلوا إلى مرحلة المائة والخمسين، وهو الرقم الجديد للقائمة التي ارتأت لجنة تحكيم مسابقة شاعر المليون في موسمها الثامن رفع عدد الشعراء المتأهلين إليها بعد أن كانت في المواسم السابقة تختار قائمة من 100 شاعر، وذلك بسبب ازدياد عدد الشعراء الذين تقدموا للمسابقة في هذا الموسم، وارتفاع مستواهم بشكل عام، حيث بلغ عدد المجازين في بعض الجولات 98 بالمائة. وقد ضمّت قائمة ال150 شاعرًا شعراء من 11 دولة هي «المملكة العربية السعودية، دولة الإمارات العربية المتحدة، دولة الكويت، مملكة البحرين، سلطنة عُمان، المملكة الأردنية الهاشمية، جمهورية العراق، اليمن، السودان، جمهورية مصر العربية، والجزائر». واستمرت الامتحانات والمقابلات التي خضع فيها الشعراء لمعايير تحكيمية دقيقة من يوم السبت الموافق 16 ديسمبر حتى يوم الأربعاء 20 ديسمبر، وضمت جانبًا شفويًّا وآخر تحريريًّا. ورأى عيسى سيف المزروعي، نائب رئيس لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي «أنّ رفع القائمة ما قبل النهائية لمنافسات مسابقة شاعر المليون إلى 150 شاعرًا، يدل على أن المستوى الشعري لشعراء النبط في العالم العربي في ارتفاع مستمر، ورقعة انتشاره باتت أكبر، وهو ما يعكس التأثير الكبير الذي أحدثته المسابقة في المشهدَين الشعري والثقافي في المنطقة». وتابع المزروعي: «نعتز بالمستوى العالي للمشاركات والترشيحات ونفخر بأنّ البرنامج أصبح منصة جاذبة للشعراء المبدعين في مجال الشعر النبطي، لما لهذا الشعر من دلالة عميقة في الوجدان الوطني والهوية الثقافية المتميزة لشعوبنا وأوطاننا». وصرّح سلطان العميمي، مدير أكاديمية الشعر في لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، بأن اختبارات مرحلة المائة والخمسين تعتبر مرحلة هامة ومؤثرة في المسابقة، حيث تساعد في الكشف عن مختلف المهارات الشعرية لدى الشعراء، وقد أثبتت لنا نتائج هذه الاختبارات في المواسم الماضية أن الشعراء الذين وصلوا إلى نهائي المسابقة كانوا قد أحرزوا نتائج متقدمة جدًّا في الاختبارات التي تسبق اختيار قائمة الثمانية والأربعين. وأضاف العميمي: «إنّ اعتماد قائمة المائة والخمسين دليل على الوقفة المسؤولة من قبل اللجنة المنظمة للمسابقة تجاه التنافسية العالية التي شهدتها جولات هذا الموسم، وكان اعتماد الزيادة في قائمة المائة، ورفع العدد فيها لتصبح قائمة ال 150 شاعرًا خطوة لإنصاف المواهب الشعرية وإعطائها فرصة أكبر للتنافس للوصول إلى مسرح شاطئ الراحة. من جهته، قال الدكتور غسان الحسن، عضو لجنة تحكيم برنامج شاعر المليون: «إن البدايات مبشّرة بالإبداع، إذ بدت لنا المنافسة من البداية شديدة في هذا الموسم كون الشعراء المتقدمين استفادوا من مسيرة البرنامج كونه بات إرثًا شعريًّا ومدرسة نقدية في تقنيات وأساليب ومضامين الشعر النبطي على مستوى الوطن العربي على اختلاف لهجات الشعراء ومشاربهم وقدراتهم الإبداعية». وأكّد حمد السعيد عضو لجنة تحكيم برنامج شاعر المليون التزام لجنة التحكيم بأعلى معايير الدقة والموضوعية والشعرية في تناول حالة كل مشارك على حدة، نظرًا للمنافسة الجادة والعالية بين المشاركين، مُشيدًا بالمستوى المبدع للتجارب التي استقطبتها مسابقة البرنامج في التحضيرات لانطلاق موسمه الحالي. ويعقد أعضاء لجنة التحكيم خلال الأيام الحالية اجتماعات مكثفة لانتقاء الشعراء الأجدر بالوصول إلى مرحلة البث المباشر وذلك من ضمن قائمة المرشحين ال 150. ومما يُذكر أنّ الكويت تحتفظ ببيرق الشعر حاليًا بعد فوز شاعرها راجح الحميداني بلقب «شاعر المليون» في النسخة السابعة من البرنامج التليفزيوني الأشهر عربيًّا في مجال الشعر النبطي. وقد استطاعت مسابقة شاعر المليون التي أصبح شعراء الشعر النبطي ينتظرون انطلاقتها بشغف كل عامين إحداث تغيير في خارطة الشعر النبطيّ وإعادة فرز الساحة الشعرية وترتيبها وإنصافها، وأصبح شاعر المليون هو المقياس الحقيقي لشاعريّة الشاعر ومدى قبوله لدى الجمهور، لأنّ المقياس في البرنامج اعتمد على ساحة مفتوحة ومنافسة شريفة ولجنة تحكيم منصفة وجمهور يتمتّع بذائقة وحسّ فنّي كبير، إضافة إلى الشفافيّة والمصداقيّة في الطرح والأداء، وحاز دون منازع على أكبر متابعة جماهيرية لفعالية شعرية على مستوى المنطقة والعالم. عيسى المزروعي