أكملت الانتفاضة الشعبية في إيران اسبوعها الأول أمس الأربعاء باشتباكات مع الشرطة، وارتفع سقف مطالب المحتجين الذين واصلوا مظاهراتهم في مختلف المدن الإيرانية للمطالبة برحيل النظام وطي صفحة الملالي الذين أهدروا ثروات البلاد في دعم كيانات إرهابية خارج بلادهم. وركز المتظاهرون على ضرورة إسقاط القيادة الدينية ونظام ولاية الفقيه بما في ذلك المرشد علي خامنئي. وقالت أستاذة العلوم الاجتماعية في جامعة بروكسل الحرة ومديرة مركز دراسات التعاون والتنمية الدولية فيروزة نهافندي: إن إيران تشهد ثورة أغلبية السكان من الشباب والمتقدمين في السن على السواء، والأمر يبشر بتغيير لا محالة بالرغم من محاولة النظام قمع المظاهرات بشتى الوسائل في الوقت الذي لم يقل الشعب بعد كلمته الأخيرة . وأضافت الخبيرة الإيرانية في تعليق للإذاعة البلجيكية صباح أمس تعليقا على المستجدات في بلادها: إن النظام يدرك جيدا أن الوضع قد يفلت من قبضته لأن ما يحدث اليوم هو أن الاحتجاجات انتشرت إلى عدة مدن في إيران وباتت السيطرة على عدة مدن في نفس الوقت أمر أكثر تعقيدا مقارنة بما حصل عام 2009، حيث كانت الاحتجاجات أكثر مركزية في طهران العاصمة. وشهد ليل الثلاثاء - الأربعاء مظاهرات ليلية أدت الى اشتباكات مع الشرطة وقوات الأمن في بعض المدن. وفي طهران، تم نشر وحدات الشرطة الخاصة في المناطق التي شهدت اشتباكات، وأظهرت مقاطع فيديو نشرت على الشبكات الاجتماعية أن هناك العديد من السيارات ترش المياه على المحتجين بين ساحة انقلاب (الثورة) وشارع ولي عصر. كراهية النظام من جانبه وصف شاهين قبادي المتحدث باسم منظمة «مجاهدي خلق» الإيرانية المعارضة تصريحات المرشد الإيراني خامنئي بشأن وجود دعم وتحريض خارجي للاحتجاجات الشعبية في بلاده بأنها «أباطيل زعيم نظام آيل للسقوط وغارق في الأزمات». وشدد المتحدث باسم منظمة «مجاهدي خلق» الإيرانية المعارضة في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية أمس الأربعاء، على أن «كراهية الشعب الإيراني للمرشد ونظامه لا تحتاج إلى شرح، فقد قمع هذا النظام لسنوات طويلة الشعب ومطالبه المشروعة بالحد الأدنى من حقوقه». وأضاف قبادي: «نسب المعارضة الحقيقية والمشروعة لأبناء الشعوب لتحريضات جهات خارجية من الأساليب المعروفة المكشوفة للدكتاتوريات، ولكن عهد هذه الألاعيب قد ولى ولم تعد تنطلي على أحد». وفي مقارنة لا تخلو من سخرية، اعتبر المتحدث باسم مجاهدي خلق أن «تصريحات المرشد وغيره من قيادات نظامه حول الدعم الخارجي تذكر الجميع بتصريحات القائد العسكري لنظام الشاه خلال الأشهر الأخيرة من انتفاضة الشعب الإيراني من أجل إسقاط الشاه، وما كان يتردد حينها من أن الذي يجري في الشوارع هو مجرد تسجيلات وليس أمرا واقعيا». 60 مدينة وأكد قبادي أن الشعب الإيراني صامد على موقفه، وأشار إلى أن «احتجاجات خرجت الليلة الماضية في أكثر من 60 مدينة إيرانية وردد المشاركون فيها هتافات مناهضة للنظام، وذلك رغم التصدي الدموي من جانب النظام للاحتجاجات». وطالب قبادي المجتمع الدولي بدعم المحتجين وحقوقهم وعدم الاكتراث لما يتردد من أن هذا الدعم قد يأتي بأثر عكسي على مسار الاحتجاجات. وقال: «المطلوب من المجتمع الدولي هو أن يدعم المتظاهرين وحقوقهم التي سحقت من قبل نظام الملالي طيلة سنين... التريث أو التحفظ أو الصمت في هذا الشأن هو بالأساس ما يهدف له ويريده النظام الذي يمارس قمعا دون هوادة ضد مواطنيه الذين يهتفون بالحرية... أما الذين يرفضون دعم المظاهرات ويطالبون بالتزام الصمت فهم من وجهة نظرنا يخدمون الغاية المشؤومة للنظام». في مقابل ذلك نظمت سلطات النظام الإيراني مسيرات حشدت فيها الآلاف من عناصر أمنية في زي مدني وموالين لها لمواجهة أكبر احتجاجات ضدها منذ عشر سنوات. إيران الحرة وكانت التظاهرات قد شهدت وتيرة متزايدة ليل الثلاثاء، وأظهرت مقاطع، قوات الأمن وهي تعتدي على المتظاهرين في العاصمة طهران. وفي مناطق أخرى من طهران، أظهرت الفيديوهات المحتجين المشتبكين مع قوات الأمن وهم يهتفون بالمطالبة بالاستفتاء تحت إشراف الأممالمتحدة. كما بدأ المحتجون في بعض المناطق بحرق الحوزات العلمية التي تخرّج الملالي الحاكمين في إيران، خاصة في مدينة «خميني شهر» بمحافظة أصفهان، في دلالة رمزية تظهر مدى الاستياء من حكم رجال الدين في البلاد. هذا وأشارت وكالات الأنباء الحكومية في إيران ومواقع التواصل الاجتماعي إلى استمرار الاحتجاجات في المدن الكبرى مثل طهران وأصفهان على نفس وتيرة الليالي الماضية، لكن وتيرة الأحداث اشتدت في المدن الصغيرة. وقت الرحيل وفي مدينة الأهواز العربية، جنوب غرب إيران، تظاهر المئات وهتفوا برحيل المرشد الإيراني علي خامنئي، بقولهم «اسمح لنا يا سيد علي.. حان وقت رحيلك». وكذلك استمرت احتجاجات مماثلة في خورام أباد ومعشور وإيذج وفي خميني شهر بمحافظة أصفهان، ومسجد سليمان شمال الأهواز، وتبريز مركز محافظة أذربيجان الغربية. وفي جوهردشت في شمال كرج، أفيد أنه خلال الساعات الأخيرة من الليل، كانت هناك اشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين الذين هتفوا ضد النظام والمرشد الايراني علي خامنئي. وخرج آلاف المتظاهرين في مدينة عبادان التابعة لمحافظة الأهواز جنوب البلاد ذات الغالبية العربية. دعوة أوروبية وفي سياق التنديد الدولي بمحاولات نظام طهران قمع تطلعات الشعب وتعسفه مع المتظاهرين، دعت صحيفة تايمز البريطانية الأوروبيين إلى إعادة النظر في سياستهم تجاه إيران في ضوء الاحتجاجات الحالية في إيران. وقالت الصحيفة في تعليقها أمس الأربعاء على المظاهرات في إيران إن طهران «كانت حتى الآن تستغل الأوروبيين الموقعين على الاتفاقية النووية والرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد بعضهما البعض». وأضافت الصحيفة: «علينا الآن أن نجلس مع فريق ترامب وأن نتفق على أهداف مشتركة». وتساءلت الصحيفة: «هل من المصلحة الغربية أن تصعد إيران وتصبح القائد العسكري للمنطقة؟ كيف نصل للإيرانيين البسطاء ونقنعهم بأن النشاط المخرب لحكومتهم في الخارج يقوض سمعتهم في العالم وأن قوات الحرس الثوري الجشعة تستولي بشكل غير شرعي على الاقتصاد؟». وذهبت الصحيفة في تعليقها إلى أنه يتعين على الإيرانيين أن ينحازوا بشكل واضح إما إلى السلاح أو إلى الغذاء، وقالت: «علينا أن نوجههم برفق نحو الطريق إلى مستقبل أفضل». خسائر بشرية من جهتها، أعربت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني ليل الثلاثاء عن اسفها «للخسارة غير المقبولة في الارواح البشرية» في ايران. وقالت موغيريني في بيان باسم الاتحاد الاوروبي: إن الاخير «يراقب من كثب التظاهرات الجارية في ايران وتزايد اعمال العنف والخسارة غير المقبولة في الارواح البشرية». وحث تحذير للسفارة الاندونيسية المواطنين الاندونيسيين في إيران على البقاء في حالة تأهب ومراقبة الوضع الامني المتلاحق في مناطقهم. إيرانيون يتظاهرون خارج سفارة النظام وسط لندن دعمًا للانتفاضة بالداخل (رويترز) الاحتجاجات غلب عليها العنصر الشبابي الرافض لنظام الولي الفقيه (المعارضة الإيرانية) انتفاضة المدن الإيرانية آخذة في الاتساع متحدية القمع (المعارضة الإيرانية)