(كدودة العلق التي تقتات من الجسد الذي تلتصق به وتفلته إذا اكتفت. يشابهها بعض البشر)، والمعنى أن هناك من البشر في حياتنا من هم كدودة العلق، والذين يبقون ملاصقين لنا ليس لمحبة بل لأجل أن يقتاتوا منا، سواء كان هذا الامتصاص مادياً او معنوياً. كانت في حياتها صديقة واعتقدت لوهلة هي أنها صديقة العمر القادم ولم تر العلامات الواضحة من أنها دودة علق ستسقط من جسدها في حال اكتمل الامتصاص، نبهها الكثير من أن هذه الشخصية لا تنفع كصديق لا من قريب ولا من بعيد ولكنها كانت تراها بعين المحب فلم يرف لها جفن من كل النصائح التي أرسلت اليها فتركها الكل تلاقي مصيرها. وكانت السنوات تجري وهي في سعادة مزعومة جعلتها لا ترى ما حولها من كذب واستغلال حتى بلغت هذه الصداقة عشر سنوات فأكثر، بدأت دودة العلق تنفك رويداً رويداً من حياتها وبدأت عرى الصداقة المزعومة والحب الكبير الذي كان يحتويها يتلاشى، وبدأت السعادة تنطفئ حين أصبح البحث عن الأخطاء الصغيرة والكبيرة لإنهاء هذه الصداقة واصبحت المشاكل تكثر والابتعاد والهجر يتسع رويداً رويداً حتى وصل الأمر لنهايته وخرجت دودة العلق ممتلئة بكل ما أرادت، وخرج الطرف الآخر متعبا مجهداً مرهقاً نفسيا ومعنوياً مليئاً بالثقوب التي تحتاج لكثير من الوقت لتلتئم. (وهنا انتهت السعادة بنهاية سقوط هذه العلقة من الجسد) هذا هو التفكير الذي سيسود من تعرض لهذه النوعية من البشر في حياته، والتي بقيت سنوات طويلة دون أن تجعل له مجالاً للبحث عن أفراد آخرين يشاركهم هذه الحياة لتجعله يكتفي فقط بها، وينتهي بنهايتها في حين أنها ستجد ما تريد بمجرد السقوط من حياته لأنها في الأصل كانت تبني من وراء حياة لا يعلمها وكانت تنتظر الفرصة السانحة للنهاية من هنا والبداية من هناك. وهذه الأمور تحصل كثيراً في حياتنا وتصيبنا بالصدمة القوية التي قد تؤثر لاحقاً لاختياراتنا وقد تفقدنا الكثير من الثقة في البشر الذين ليسوا كدودة العلق، ولكن الأثر الذي تركته هذه النوعية من البشر ليس بالأمر الهين الذي يخرج منه احدنا بسهولة إلا أن يكون مقتنعاً أن هذا الأمر كان فيه خيرة له وليس شراً، لذلك حين نتعرض لذلك لا بد من التفكير جيداً قبل الشروع في أي أمر في حياتنا، وفي أي موضوع سنقدم عليه هل سنفعله من أجلنا أم سنفعله من أجل الله لأنه الإيمان الصحيح (لا يؤمن احدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) ليس (لا يسلم احدكم) فالكل مسلم بمجرد نطق الشهادة بل (لا يؤمن). لذلك دعوا هذا الامر نصب اعينكم واجلبوا السعادة بفعله وتطبيقه حتى تجدوها حقاً، ولا تبحثوا عنها بين البشر وتعتقدوا ان السعادة هي الالتصاق بأحدهم والذي قد يكون من خلفك يبني امراً لا علم لك به وينتظر الفرصة للسقوط حين تنتهي حاجته، لا يحتاج الأمر لعلم النفس حتى يتم إدراك الأمر، بل يحتاج إلى دقة نظر وسعة فكر حتى ندرك ان الذي بحياتنا خيرة البشر أو دودة علق.