في الحوار المطول الذي اجرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والذي اعتبر فيه أن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله علي خامنئي هو «هتلر الشرق الأوسط الجديد». وأضاف: «غير أننا تعلمنا من أوروبا أن الاسترضاء في مثل هذه الحالة لن ينجح. ولا نريد أن يكرر هتلر الجديد في إيران ما حدث في أوروبا [هنا] في الشرق الأوسط». هذا الوصف برأيي هو وصف مقتضب لكنه توصيف دقيق للحالة الايرانية. فإيران منذ الثورة الايرانية تبنت ايديولوجية متوحشة تمثلت في ولاية الفقيه والتي تعتبر الغطاء الشرعي لاستمرارية الثورة واثارة الفتن والارهاب بالمنطقة والعالم. وقيادة الولي الفقيه الذي هو صاحب السلطة العليا في «الجمهورية الايرانية» لديه سلطة مطلقة لا يختلف تماما عن النظام البابوي في العصور الوسطى الذي كان يرى أنه ظل الله في الأرض وخليفة المسيح. فوفقا للدستور الايراني تنص المادة الخامسة «في زمن غيبة الإمام المهدي تكون ولاية الأمر وإمامة الأمة في جمهورية إيران الإسلامية بيد الفقيه العادل، المتقي، البصير بأمور العصر، الشجاع القادر على الإدارة والتدبير». كما ان ولاية الفقيه لا تؤمن بالمواطنة بل تنطلق من منطلق طائفي وتعتبر ان كل شيعة العالم ولاؤهم لإيران. فوفقا للدستور فإن الفقيه (المرشد الأعلى للثورة الإسلامية) له الحق في قيادة الامة (الشيعية) باعتبار ان الحاكم الشرعي الاصلي وهو المهدي غائب. أي إن كل شيعي على مستوى العالم يكون ولاؤه الأول والأخير للمرشد الأعلى للثورة الاسلامية. وعلى هذا الاساس حولت إيران الطائفية إلى نصوص دستورية من خلال تحويل شيعة العالم الى اجندة تحت ظل ولاية الفقيه، شكلت منهم تنظيمات مسلحة وشكلت منهم خلايا تجسس، شكلت منهم مليشيات عسكرية وحركات يكون ولاؤهم للولي الفقيه على حساب وطنيتهم. فبإيعاز من المرشد تتحرك كثير من المليشيات الشيعية مثل حزب الله في لبنان، والحشد الشعبي في العراق، والحوثيين في اليمن او الخلايا النائمة التي تحركها إيران في بلدان الخليج او بلدان المنطقة والعالم. يقول حامد رضا داغاني وهو مدير مركز الخليج والشرق الاوسط التابع لوزارة الخارجية الايرانية: أن «قوة إيران الناعمة» في العراق، أي علاقاتها الوثيقة مع الشيعة في العراق مثل المرجع السيستاني ورجال الدين الشيعة العراقيين الذين درسوا في قُم كان أكبر عامل في تحقيق إيران مطامعها في العراق والمنطقة. وبالتالي توصيف سمو الامير محمد لخامنئي دقيق وعميق فالأيديولوجية الايرانية الشمولية لا تختلف ابدا عن المانيا النازية او أي نظام شمولي يتبنى النزعة التوسعية، والعنصرية، والاستهتار بكل المواثيق الدولية. فعلى امتداد الثمانية العقود الماضية من ظهور الفكر الشمولي لم يكن الاحتواء والتنازل هو الحل في القضاء عليه وانما المواجهة الكاملة. فالمواجهة الكاملة بكل الوسائل مع هذا النظام هي الاسلوب الامثل والحل النهائي بعد عقود من الصبر السعودي والخليجي وصبر العالم على سياسات هذا النظام الداعم الاساسي للإرهاب في المنطقة والاستمرار في التدخل في شؤونها الداخلية والسعي لزعزعة امنها واستقرارها، مواجهته حتى يخرج من صلب هذا النظام من يتخلى عن الفكر الثوري الشمولي ويتجاوز مفاهيم الثورة الى الايمان بالفكرة الوطنية ومفهوم الدولة واحترام المواثيق الدولية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول للوصول الى مناخ سياسي صحي يساهم في امن واستقرار المنطقة ويغير من واقعه الفوضوي.