اعلن الرئيس الاميركي دونالد ترامب، مساء أمس الاربعاء، الاعتراف رسميا بالقدس عاصمة لاسرائيل، وأمر وزارة الخارجية بالتحضير لنقل السفارة من تل أبيب إلى القدس وبدء التعاقد مع المهندسين المعماريين، في تحد جديد للشرق والغرب، في نكبة جديدة يتعرض لها الشعب الفلسطيني وقضيته التي تدخل نفقا مظلما بانحياز واشنطن للكيان المحتل، وسط توقعات بردود أفعال غاضبة عربية واسلامية لما لحق بمقدسات المسلمين من ضرر تاريخي. وقال ترامب في كلمة من البيت الابيض: «قررت انه آن الأوان للاعتراف رسميا بالقدس عاصمة لاسرائيل». محادثات جديدة وأشار ترامب في خطابه أمس الى ان نائبه مايك بنس سيتوجه الى الشرق الاوسط «خلال الايام القليلة المقبلة». ترامب قال أيضا في كلمته: «وفيت بالوعد الذي قطعته بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل»، مؤكدا أن «لإسرائيل الحق في تحديد عاصمتها». وشدد الرئيس الأميركي على أنه يجب أن يحظى أتباع الديانات الثلاث بحرية العبادة في القدس. ودعا جميع الأطراف إلى «الحفاظ على الوضع الحالي في مدينة القدس وخاصة فيما يتعلق بالحرم الشريف». وأضاف ترامب: إن «الاستراتيجيات التي اتبعناها حول الشرق الأوسط في الماضي كانت فاشلة». وأكد التزام أمريكا بالعمل على «التوصل على اتفاق سلام دائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين»، لافتا إلى «دعم واشنطن لحل الدولتين إذا اتفق الطرفان على ذلك». وأكد أن حدود السيادة الإسرائيلية في القدس تخضع لمحادثات الوضع النهائي. جهود المملكة وكان الملك سلمان قد أكد خلال تلقيه اتصالا هاتفيا من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رئيس الولاياتالمتحدة، أن أي إعلان أمريكي بشأن وضع القدس يسبق الوصول إلى تسوية نهائية سيضر بمفاوضات السلام ويزيد التوتر بالمنطقة، موضحا أن سياسة المملكة كانت ولا تزال داعمة للشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية. ولفت - حفظه الله - الى أن من شأن هذه الخطوة الخطيرة استفزاز مشاعر المسلمين كافة حول العالم نظرا لمكانة القدس العظيمة والمسجد الأقصى القبلة الأولى للمسلمين. وفيما اعلنت القوى الوطنية والاسلامية الفلسطينية «أمس واليوم وغدا» أيام غضب شعبي شامل في كل انحاء الوطن والتجمع في كل مراكز المدن والاعتصام أمام السفارات والقنصليات الامريكية، تقدمت الأردنوفلسطين بطلب للامانة العامة لجامعة الدول العربية لعقد اجتماع طارئ للجامعة على المستوى الوزاري لمناقشة القرار الامريكي حول القدس. ورفع متظاهرون فلسطينيون، الأربعاء، الأعلام الفلسطينية ولافتات كتب عليها «القدس عاصمتنا الأبدية» و«القدس خط أحمر» في غزة منددين بقرار الولاياتالمتحدة المتوقع، في حين طالبت الفصائل الفلسطينية بتحرك عربي - إسلامي لمواجهة «الاعتداء» الحاصل على مدينة القدس. وفي شأن متصل، أكدت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء بالمملكة، ما للقدس والمسجد الأقصى من مكانة عظيمة في الدين الإسلامي الحنيف، وما يمثلانه من منزلة كبيرة في وجدان المسلمين كافة في مشارق الأرض ومغاربها. ونوهت الأمانة العامة في هذا الصدد بجهود بلاد الحرمين الشريفين تجاه القدس والمسجد الأقصى، حيث تأتي المملكة في مقدمة الدول العربية والإسلامية التي تقوم بواجب العون والدعم السياسية والاقتصادية والإغاثية، وهي سياسة ثابتة لبلاد الحرمين الشريفين منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز رحمه الله ، وإلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين أيدهما الله. ومن جانبهم، أكد مختصون وفي تصريحات ل«اليوم»، على ثبات موقف المملكة التاريخي من محاولة تهويد القدس، واشاروا الى ان موقف المملكة واضح ولن يتبدل. خطوة خطيرة وعلى لسان أمينها العام، اعتبرت رابطة العالم الإسلامي أن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل يُعد خطوة خطيرة تصادر الحق التاريخي للشعب الفلسطيني في القدس، وتصادم القرارات الدولية المؤكدة على ذلك. وقال الشيخ د. محمد بن عبد الكريم العيسى: «أي قرار من هذا القبيل سيواجه بغضب إسلامي كبير ويفتح تداعيات خطيرة»، ولفت إلى أن المأمول من الولاياتالمتحدة السعي الحثيث نحو مسيرة السلام ودفعها إلى الأمام، مؤكدا أن الرجوع وراء؛ يتوقع معه المزيد من التداعيات بالغة الخطورة في شأن النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. وشكر الجهود المبذولة من المملكة في هذا الصدد، وبخاصة ما أعلنته مؤخرا من موقف حازم وعادل حيالها. وفي المقابل، قال المحلل السياسي، عبدالعزيز آل محمد: إن السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين في مقدمة الدول العربية والاسلامية رفضا لهذا التوجه الذي من شأنه تقويض أي فرص تسوية مستقبلية مع إسرائيل في اطار الارض مقابل السلام، لذلك يتوجب على ترامب ان يتراجع ويبحث في كيفية معالجة القضية. سياسة ثابتة ومن ناحيته، قال المحامي محمد التمياط: «إن موقف المملكة من قضية فلسطين من الثوابت الرئيسية لسياسة المملكة منذ عهد الملك عبدالعزيز - رحمه الله - بدأ منذ مؤتمر لندن 1935، المعروف بمؤتمر (المائدة المستديرة) لمناقشة القضية الفلسطينية، وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، حيث قامت السعودية بدعم ومساندة القضية الفلسطينية، وذلك من منطلق إيمانها الصادق بأن ما تقوم به من جهود تجاه القضية الفلسطينية إنما هو واجب تمليه عليها عقيدتها وضميرها وانتماؤها لأمتها العربية والإسلامية». نجاح السعودية ومن مصر، أشار خبير العلاقات الدولية، د. أيمن سمير، إلى أن السياسة الخارجية السعودية تواصل نجاحاتها في الفترة الأخيرة، وخير دليل، تأكيد خادم الحرمين الشريفين على ثبات الموقف السعودي الرافض لأي مساومة بشأن فلسطين، والداعم للشعب الفلسطيني واقامة دولة عاصمتها القدسالشرقية، وهو ما اعتبره بمثابة رسالة واضحة للإدارة الأمريكية، تبين خطورة هذه الخطوة على مستقبل عملية السلام في الشرق الأوسط. وفي ذات الاتجاه، أوضح رئيس وحدة العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، د. جمال عبدالجواد، أن القرار الأمريكي يقوض عملية السلام ويهدم أي تسوية سياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مؤكدا أن التحرك العربي مطلوب بقوة في هذه المرحلة وسوف يستند الموقف العربي على قرارات دولية أصدرتها الأممالمتحدة في هذا الشأن. فيما طالب أستاذ العلوم السياسية، د. طارق فهمي بتشكيل موقف عربي ثابت وقوي، لافتا إلى ضرورة تحشيد عربي لمنع تمرير هذا القرار، وأبان أن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل يشكل كارثة جديدة في تاريخ العرب وانتكاسة للقضية الفلسطينية، وضربة قوية لجهود السلام في الشرق الأوسط. الفلسطينيون يتابعون خطاب الرئيس الأمريكي عبر التلفاز (رويترز) الرئيس الفلسطيني: قرار ترامب يقوض السلام قال الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أن قرار الرئيس الأميركي بشأن القدس يشكل تقويضا متعمدا لجميع الجهود المبذولة لتحقيق السلام، مشيرا إلى أن الأيام القادمة ستشهد دعوة لاجتماعات طارئة. وفي رد على قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، قال عباس: إن الإدارة الأميركية بها الإعلان «قد اختارت أن تخالف جميع القرارات والاتفاقات الدولية والثنائية..». دونالد ترامب يلقي خطابه عن القدس في البيت الأبيض بالعاصمة واشنطن (أ.ف.ب) غضب فلسطيني يندد ويستنكر القرار الأمريكي (أ ف ب)