أكد عدد من المختصين أن توجه المملكة لتوفير الطاقة المتجددة سيكون له انعكاسات على نمط الحياة من عدة نواح تشمل استدامة الطاقة وفتح باب الاستثمار في هذا المجال الواعد، نظرا لإيجابيات تقنيات انتاج هذه الطاقة التي تشمل عدم وجود تلوث أو عوادم لها أضرار على البيئة والاحتباس الحراري. الاستثمار في البحوث وقال المشرف على مركز تقنيات الطاقة المستدامة بجامعة الملك عبدالعزيز والاستاذ المساعد بقسم الهندسة الميكانيكية د. زياد المطيري: إنه يعرّف مصطلح الطاقة المتجددة بالطاقة التي تنتج من مصادر طبيعية ولا تنتج عوادم ضارة بالبيئة عند عملها، مشيرا الى أن هذا المصطلح يشتمل على عدة أنواع من الطاقة وأشهرها الطاقة الشمسية الحرارية، الطاقة الشمسية الكهروضوئية PV، وطاقة الرياح، وتعتبر هذه الطاقات، نسبيا، غير منتهية المصدر، حيث إن إنتاج الطاقة مرتبط بعوامل طبيعية ويمكن الاستفادة منها. وأضاف د. المطيري: إن المملكة توجهت منذ بدء الحركة العلمية الى الاستثمار في البحوث في هذا المجال، وأدلة ذلك واضحة، حيث أنشئت القرية الشمسية التابعة لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، ومدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، مع الدعم المستمر لمراكز البحوث والباحثيين الأكاديميين في الجامعات السعودية، وقد أولت القيادة موضوع الطاقة اهتماما كبيرا، حيث إن التوجه الحالي والمتابع بشكل مباشر من وزارة الطاقة يدعم تطبيق ونشر مصادر الطاقة المتجددة في المملكة، وهذا فيه استثمار للمستقبل المتوافق مع خطة التحول الوطني 2030. وقال: إن الحكومة أولت كذلك موضوعات استخدام الطاقة اهتماما كبيرا، حيث تحدّث الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس المواصفات الخاصة بالأجهزة المستهلكة للطاقة بشكل مستمر، كما أنشئ المركز السعودي لكفاءة الطاقة، الذي يهتم بنشر الوعي وتنسيق جهود عمل الجهات الحكومية والخاصة بما يفيد الاستخدام الأمثل للطاقة، ومن باب ذكر العمل المتكامل الذي ترنو اليه الجهات ذات العلاقة فإنها تعقد ملتقيات تنشر فيها المعلومات الهامة عن الوضع الحالي والخطط المستقبلية. تحديات المناخ الحار وأكد د. المطيري أن تحديات الطاقة المتجددة لا تخفى على المتخصصين وتبدأ من المشاكل المتعلقة بالانتاج الى مشاكل التحويل والنقل وسبل الاستفاده منها، ومن أمثلتها التذبذب في الطاقة المنتجة بسبب تذبذب المصادر، تحديات مناخ المملكة الحار والمحتوي على أتربة، التغير في نوع انتاج الطاقة من مصدر تقليدي ذي سعة انتاجية كبيرة الى مصادر عديدة متداخلة، عملية توزيع ونقل الطاقة، وعملية خزن الطاقة للاستفادة منها، ولمواجهة هذه التحديات فقد أنشأت عدة جامعات سعودية مراكز بحثية تهتم بمواجهة التحديات الكبيرة والخاصة بمناخ المملكة، ومنها مركز تقنيات الطاقة المستدامة في جامعة الملك سعود الذي يجري البحوث وتطوير التقنيات بالشراكة مع الباحثين الأكاديميين في أقسام الجامعة التي دعمت هذا المركز بإنشاء عدة معامل بحثية ذات إمكانات تقنية عالية مع دعمه كذلك بكادر بحثي متخصص، مبينا أنه نتج عن عمل المركز بوادر تعاون مع القطاع الخاص فيما يخص الطاقة المتجددة، ومع كل ما ذكر سابقا يجب ألا ننسى حجر الزاوية الذي يعول عليه كثيرا في إنجاح خطط التحول الوطني، وهو الكادر البشري الموهل الذي يعتبر نتاج الجامعة الأول، ويدعم المركز بحوث الطلاب ومشاريعهم، كما يشارك في تطوير مهارات طلاب الدراسات العليا في الجامعة. خيار رائع وقال أستاذ كلية الهندسة بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة د. عبدالملك الجنيدي: إن التوجه لإيجاد مصادر الطاقة البديلة مثل الطاقة الذرية والمتجددة يعتبر خيارا رائعا نظرا لأن لدينا مساحات واسعة وكبيرة، والمملكة من البلدان التي فيها طاقة شمسية على مدار العام، وغياب السحب على مدار العام، مما يوفر الطاقة من حرارة الشمس، والدولة حاليا أعطت المواطن الحق في استخدام الطاقة المتجددة وأصبحت أسعارها مناسبة من خلال استخدام الخلايا الشمسية، فالشقة الواحدة يمكن إنارتها وتشغيل التيار فيها من خلال توفير أربعة امتار، وسعر المتر تراجع إلى حدود 400 ريال، وفي حالة احتاج المواطن تشغيل التكييف والثلاجات يمكن زيادة خلايا الطاقة الشمسية، إذ كلما زادت الخلايا والمساحة تم توفير طاقة كافية ولكن المشكلة هي في بطاريات التخزين التي ربما كانت أسعارها عالية إلى الآن فيما يمكن توفير الطاقة عن طريق سرعة الرياح في عدد من المدن، وهناك مشاريع وتجارب يتم العمل فيها بعدة مناطق. وأضاف د. الجنيدي: ذلك إضافة إلى الطاقة الحرارية من المياه الجوفية التي توجد في بعض مناطق المملكة في مقدمتها مدينة الاحساء، فيما مياه السدود لا يمكن التعويل عليها كمصدر للطاقة نظرا لأن هذه المياه للتخزين ويمكن عند تأخر الأمطار أن تتراجع كمياتها في السدود لانها لا تشكل ما هو موجود في بعض البلدان من انهار جارية، وكذلك البحر لدينا لا يعول عليه كثيرا في انتاج الطاقة سواء البحر الأحمر او الخليج نظرا لأن الأمواج فيها غير عالية ولكن يمكن ان ينتج منها طاقة كافية مثلما يتم في بعض البلدان التي ترتفع الأمواج فيها بشكل عال، وهناك الاستفادة من النفايات التي يتم تحويلها على طاقة حيوية حيث يتم تجارب ذلك في بعض المناطق وتم نجاحها في إصدار الميثان لتوليد الطاقة عن طريق المواد الغازية الناتجة عن حرق النفايات، أما الطاقة الذرية فهي تحتاج إلى عمليات تبريد ولكن التعويل على الطاقة المتجددة من الشمس وحرارة المياه وسرعة الرياح وكذلك تدوير النفايات، فالطاقة البديلة تعتبر أقل تكلفة بعد تأمينها، وليس لها أي أضرار بيئية ولا يصدر منها تلوث أو عوادم أو احتباس حراري. فائدة قصوى وأوضح عميد كلية الأرض بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة د. عمار أمين، أن مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة أجرت تقييما شاملا لمصادر الطاقة البديلة لضمان الحصول على الفائدة القصوى من استخدامها، وتوصَّلت إلى أن الهيدروكربونات ستظل عنصراً رئيساً في مزيج الطاقة المستهدف لعام 2032، تدعمها الطاقة الذرية والشمسية وطاقة الرياح والطاقة الحرارية الأرضية والمحولة من النفايات، كما توصلت إلى أنه يتولَّد 16 جيجاواط من خلال استخدام الخلايا الكهروضوئية وما يعادل 25 جيجاواط بالطاقة الشمسية المركَّزة؛ و1 جيجاواط من الطاقة الحرارية الأرضية، و9 جيجاواط من طاقة الرياح و3 جيجاواط من الطاقة المحوَّلة من النفايات، ومع هذا التصور، سوف توفر الطاقة الذرية والحرارية الأرضية والمحوَّلة من النفايات في فترة الليل خلال فصل الشتاء الحمل الأساسي للطلب، وستلبي الطاقة الكهروضوئية إجمالي الطلب خلال فترة النهار، وذلك على مدار العام؛ كما ستلبي الطاقة الشمسية المركَّزة، مع التخزين، أقصى فارق في الطلب بين الطاقة الكهروضوئية وتقنيات الحمل الأساسي، وستلبي الهيدروكربونات ما تبقى من الطلب. وأشار د. أمين إلى أن الطاقة المتجددة يوجد لها عوامل تتميز بها المملكة عن غيرها في إمكانية إنتاجها بما فيها حرارة الشمس طول العام، وكذلك البحار وما ينتج عنها من مد وجز والرياح التي يتم توليد الطاقة عن طريقها بنظام ما يعرف بالطواحين في عدة دول، وكذلك يمكن الاستفادة من السدود في عملية توليد الطاقة المتجددة، وهذه الطاقة ليس لها أي اضرار بيئية أو إشعاعية وتعتبر من الطاقة المستدامة وتوجه المملكة في توفيرها يعتبر من أهم المشاريع الحيوية التي تسعى الدولة لتوفيرها والتي تغني عن الاعتماد على البترول وما ينتج عنه من عمليات حرق في توليد الطاقة الكهربائية أو تحلية المياه.